إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / مواجهة مشكلة المخدرات، بين الواقع والمستقبل




نبات الأفيون (الخشخاش)
نبات الكوكا
نبات القنب (الحشيش)
بعض أنواع المخدرات التخليقية

أنواع المخدرات
مرتكزات الحد من انتشار المخدرات




المبحث الثاني: الجهود العربية في مكافحة المخدرات

المبحث الثاني: الجهود العربية في مكافحة المخدرات

      على الرغم من أن ظاهرة المخدرات لم تشكل، في المجتمعات العربية بعد، درجة الخطورة والانتشار، التي توجد في المجتمعات الأوروبية والأمريكية، إلاّ أنها وبمفهوم الأرقام والإحصائيات باتت تسجل ارتفاعاً مقلقاً لقادة المجتمع، وأولياء الأمور.

      إن العديد من البحوث والدراسات تشير إلى تفاقم مشكلة المخدرات، في المنطقة العربية، بفعل العديد من العوامل، على الرغم من تعذر حصر المدمنين، أو المتعاطين للمخدرات، حصراً دقيقاً، في أي مجتمع من المجتمعات، بشكل يجعلها تهدد الأمن الاجتماعي في المجتمعات العربية، وهناك بعض الشواهد التي تدل على ذلك، منها:

  1. ارتفاع عدد من يُضبطون، أو يطلبون العلاج طواعية، من المدمنين.
  2. تزايد حجم المواد المخدرة، التي يتم ضبطها، أثناء تهريبها عبر الحدود، مما يشير إلى زيادة الطلب عليها.
  3. تنوع المواد المخدرة من مواد منخفضة الثمن نسبياً، إلى المخدرات مرتفعة الثمن، كالسموم البيضاء. مما يشير إلى اتساع دائرة التعاطي بين مختلف فئات الشعب.

ويمكن تقسيم الدول العربية، بالنسبة لموقفها من المخدرات، إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

  1. دول منتجة للحشيش، وهي لبنان، والسودان، ومراكش.
  2. دول تمر المخدرات بأراضيها، من دول الإنتاج إلى دول الاستهلاك، وهي: سورية، ولبنان، والأردن.
  3. دول مستهلكة للمخدرات، وهي: مصر، وسورية، والسعودية، واليمن.

      وتشير الدراسات إلى أن حجم التعامل في المخدرات أصبح يزيد على العشرين ملياراً من الدولارات سنوياً في أحد البلدان العربية، وأنها أصبحت القطاع الأكبر داخل الاقتصاد الوطني لتلك الدولة.

      وعلى سبيل المثال، فإن المخدرات في مصر، بكل أنواعها، وخاصة مادة الحشيش، ومادة الأفيون، تُعد (غولاً) يفترس تنمية المجتمع المصري. فقد لوحظ أن الأموال التي تُدفع، ثمناً للمخدرات، التي تعبر الحدود إلى الداخل يساوي:

  • نصف ثمن الصادرات المصرية، فيما عدا البترول.
  • أو كل عائدات مصر من قناة السويس.
  • أو كل دخل مصر من السياحة.
  • أو ثلث مجموع ما تدفعه مصر من دعم للسلع الغذائية.
  • أو نصف مجموع مرتبات العاملين في قطاع الأعمال.
  • أو أكثر من مجموع ما تحصل عليه الدولة من ضرائب على الإيراد العام، وعلى النشاط الفردي.

      هذا الرقم كان في ذلك الحين عام 1982 (700) مليون جنيه مصري، يتم تهريبها إلى الخارج بالعملة الصعبة لشراء مخدرات .

     أمّا منطقة الخليج العربي، فإن الشواهد تشير إلى انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات، وإدمانها، بين شباب هذه المنطقة، بصورة لم يسبق لها مثيل. ووفق التوقع الدولي، فإن ما يتم ضبطه من كميات المخدرات في مجال التهريب لا يتعدى أكثر من 10%، من إجمالي الكميات الفعلية، التي ينجح المهربون في تسريبها إلى الأسواق الداخلية، كما أن نسبة المواطنين الخليجيين، الذين يضبطون في قضايا المخدرات، آخذة في الازدياد حتى تجاوزت، في السنوات الأخيرة، 90% من مجمل الحالات المضبوطة، وفق الإحصائيات الرسمية  .

وترجع بعض الدراسات أسباب انتشار ظاهرة المخدرات، في دول الخليج العربي، إلى ما يلي:

  • قرب منطقة الخليج من منابع، ومزارع، المخدرات من جهة، واعتبار هذه المنطقة معبراً إلى الغرب من جهة أخرى.
  • الاعتماد على العمالة الأجنبية القادمة من دول منتجة للمخدرات، وما تشكله هذه العمالة من كثافة سكانية مؤثرة في مختلف نواحي، وأنشطة المجتمع، في الخليج.
  • التأثر السلبي بالحضارة الغربية، ومحاولة التشبه بأنماط حياة، غريبة عن المجتمع العربي المسلم.

      وفي دراسة ميدانية، لأحد الباحثين العرب، على عينة من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، اتضح أن غالبية المتعاطين (53%) في السعودية والبحرين والكويت، كانوا يسافرون إلى خارج البلاد، وأن مشكلة التعاطي نشأت مع التحضر، حيث تبين أن (63%) من أفراد العينة كان نمط المعيشة السابق لهم في المناطق الريفية والبدوية، أمّا نمط المعيشة الحالي فهو مناطق حضرية، كما تبين أن نسبة كبيرة من المتعاطين هم من الشباب (57%) .

      لكل الأسباب والعوامل السابقة، أضحت مشكلة المخدرات، في الأوساط العربية مشكلة خطيرة تدق ناقوس الخطر، وعلى ضوء ذلك أخذت معظم الدول العربية العديد من التدابير، التي استهدفت مواجهة المشكلة، والحد من تداعياتها، سواء على المستوى المحلي، أو الإقليمي، أو الدولي.

       فعلى المستوى المحلي، تطورت التشريعات والقوانين، في كثير من الدول العربية، واتجهت نحو التشدد في عقوبة جرائم الاتجار، والجلب، والتعاطي، حتى وصلت العقوبات إلى الإعدام، في بعض الدول، كعقاب على جلب المخدرات وتصديرها، وتهريبها، وإنتاجها، والإعدام، أو الأشغال الشاقة المؤبدة، كعقوبة على جرائم الاتجار بالمواد المخدرة، وزراعة النباتات المخدرة، والسجن من ثلاث إلى خمس سنوات، كعقوبة على جريمة تعاطي المخدرات.

      وعلى المستوى الثنائي، عُقد بين ثنائيات من الدول العربية، بعض الاتفاقيات، الخاصة بالرقابة على المخدرات والمؤثرات العقلية، وتسليم المجرمين... الخ.

      أمّا على المستوى الإقليمي، فإن الدول العربية، في إطار الآلية الخاصة بمجلس وزراء الداخلية العرب، أنجزت العديد من الاتفاقيات، والخطط التطبيقية، أهمها ما يلي:

1. الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية

اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب، في دور انعقاده الخامس، بتونس عام 1986، هذه الإستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من التعاون الأمني العربي لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وإلغاء الزراعات غير المشروعة للنباتات المنتجة لها، وإحلال زراعات بديلة لها، وفرض رقابة شديدة على مصادر المواد المخدرة للإقلال، إلى أدنى حد ممكن، من عرضها وطلبها غير المشروعين، وقد رُوعي أن يتم وضع الأطر والوسائل الخاصة بمكافحة المخدرات، وعلاج المدمنين في ضوء مبادئ الشريعة الإسلامية، وتعاليمها، وأحكامها.

2. الخطتان المرحليتان (الأولى والثانية) لتنفيذ الإستراتيجية

اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب، في عام 1987، الخطة المرحلية الأولى، التي استهدفت تكاتف الجهود العربية المشتركة لمواجهة ظاهرة المخدرات، والاستفادة من معطيات العلوم الحديثة، والتقنيات المتطورة لخدمة أغراض الوقاية والمنع، وكذلك تعزيز الجهود العربية الرامية إلى تنشئة الإنسان العربي تنشئة صالحة، وتحصينه بالمبادئ الدينية والأخلاقية الحميدة، وتنمية مهارات العاملين، والفنيين، في الأجهزة العربية المتخصصة في مكافحة المخدرات.

وقد تواصل تنفيذ بنود الخطة، بنجاح متميز، على مدى خمس سنوات، تم بعدها إعداد الخطة المرحلية الثانية في عام 1994، ومدتها خمس سنوات أيضاً، وهي ترمي إلى تطوير أساليب عمل أجهزة مكافحة المخدرات، وفق أحدث المستجدات العلمية والتقنية، وتعزيز التعاون بين أجهزة مكافحة المخدرات العربية، وتنسيق الجهود المبذولة لمواجهة ظاهرة المخدرات وتطوراتها. هذا فضلاً عن التوعية بالأضرار الناجمة عن إساءة استعمالها.

3. القانون العربي النموذجي الموحد للمخدرات

اعتمد مجلس وزراء الداخلية العرب في دور انعقاده الرابع بالدار البيضاء عام (1986)، مشروع القانون العربي النموذجي الموحد للمخدرات، الذي أعدته الأمانة العامة لتهتدي به الدول الأعضاء، عند وضعها قانوناً جديداً، ينظم شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية، أو عند تعديلها مثل هذا القانون في حالة وجوده. ومن أهم ما تضمنه هذا القانون وجوب إنزال العقوبة القصوى بتجار المخدرات، وهو ما أخذت به معظم الدول العربية الآن.

4. الخطة الإعلامية والإصدارات المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية:

أعدت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، الخطة الإعلامية الموحدة لمكافحة ظاهرة المخدرات، والتي جاءت لتلبية حاجة الأجهزة العربية المتخصصة، وطموحاتها، في مجال التوعية الإعلامية بمخاطر هذه الظاهرة، وأضرارها المختلفة. وقد أقر المجلس هذه الخطة في مطلع عام 1994.

كما أعدت الأمانة العامة القائمة السوداء العربية الموحدة لتجار ومهربي المخدرات والمؤثرات العقلية، وتقوم بصفة مستمرة بتنقيحها، وتزويد الدول العربية بها. كذلك أعدت الجدول العربي الموحد للمواد المخدرة الذي تم تعديله وتحديثه بصفة مستمرة، وتزويد الدول العربية به. وتتولى الأمانة العامة إصدار التقارير والإحصاءات العقلية والسنوية لقضايا المخدرات، وإعداد الدراسات الخاصة بحجم هذه الظاهرة وأبعادها.

5. الاتفاقيات العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية

أقر مجلس وزراء الداخلية العرب، في مطلع عام 1994، هذه الاتفاقية، التي أعدتها الأمانة العامة، وذلك بعد استفحال خطر المخدرات، ومن أجل التصدي بشكل مؤثر لمشكلة إساءة استعمال المخدرات والمؤثرات العقلية، خاصة وأن هناك قناعة بأن مواجهة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية هي مسئولية جماعية مشتركة. وقد تضمنت هذه الاتفاقية (26) مادة، وتم اعتمادها في الدورة الرقم (41) لمجلس وزراء الداخلية العرب في تونس بتاريخ 5 يناير 1994  (اُنظر ملحق نص الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، مجلس وزراء الداخلية العرب، 1994).

أمّا على المستوى العالمي، فقد تابعت معظم الدول العربية الأنشطة الدولية الخاصة بمكافحة المخدرات، ولم تأل جهداً في المشاركة الفاعلة في هذه النشاطات، وانضمت إلى العديد من آليات العمل الدولي المعنية بالرقابة على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وخاصة تلك التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

      وفيما يلي استعراض سريع لأهم المؤتمرات والاتفاقيات، التي شاركت فيها الدول العربية، على المستوى الإقليمي الدولي:

1. الاجتماع الثالث لرؤساء المصالح المتخصصة في مكافحة المخدرات، في الجزائر، في يومي 5 و6 أغسطس 1997

ومن أهم توصياته: تحسين أو نصب تجهيزات ملائمة لمراقبة الحاويات، تمكن موظفي الشرطة، على المستوى الوطني، من الوصول إلى المنظومات البريدية.

2. المؤتمر العربي الحادي عشر لرؤساء أجهزة المكافحة بالدول العربية، في جدة، من 21 إلى 23 يونيه 1997

وشارك في هذا المؤتمر مديرو ورؤساء أجهزة مكافحة المخدرات، في 17 دولة عربية إلى جانب أكاديمية نايف العربية للدراسات الأمنية، في الرياض، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (انتربول). وقد أصدر المؤتمر عدداً من التوصيات، من أهمها: دعوة الدول الأعضاء، التي لم تصادق بعد على الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، إلى سرعة المصادقة عليها، علماً أنه، حتى الآن، صادقت عشر دول عربية على هذه الاتفاقية، كما أوصى المؤتمر بتشديد الرقابة على المنافذ الحدودية لإحباط عمليات التهريب، وتضييق الخناق على المهربين، باعتبار أن الدول العربية، غالباً، تكون دول عبور وجذب للمخدرات والمؤثرات العقلية.

3. المؤتمر الدولي لبرنامج الأمم المتحدة للرقابة على المخدرات (UNCDP) للحد من الطلب على المخدرات

عقد هذا المؤتمر في أبو ظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، من 2 إلى 4 مارس 1997، وأصدر عدداً من التوصيات من أهمها: إن الحد من الطلب على المخدرات له الأهمية نفسها، التي للوسائل الأخرى، في مجال محاربة مشكلة تعاطي المخدرات، ودعوة وتشجيع الدول الأعضاء على وضع إستراتيجية للحد من الطلب على المخدرات، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للرقابة على المخدرات، آخذة في الاعتبار الأوضاع المشابهة والمختلفة، بين دول الإقليم.