إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / نظرية توازن القوى وتوازن المصالح




موقع عسكري بعد قصفه
موقع عسكري قبل قصفه
مبنى التجارة العالمي ينهار
أحداث 11 سبتمبر
مطار عسكري بعد قصفه
مطار عسكري قبل قصفه
انهيار البرج الجنوبي

ميزانية وكالة المخابرات المركزية
ميزانية العمليات المغطاة
هيكل نظام الردع النووي
مكتب مخابرات البحرية
مكتب التحقيقات الفيدرالي
الإنفاق الدفاعي
النسبة المئوية للأفراد
التوازن في الحرب الباردة
التوازن في ظل نظام أحادي القطبية
التوازن في ظل الوفاق الدولي
التحليل الزمني لمسارات الطائرات
تنظيم وكالة مخابرات الطيران
تنظيم وكالة الأمن الداخلي
تنظيم وكالة الأمن القومي
تنظيم وكالة المخابرات المركزية
تنظيم مخابرات الجيش
تنظيم مجتمع المخابرات الأمريكية
تنظيم مكتب المخابرات والأبحاث
تقديرات العمليات المغطاة
عناصر ومكونات أبعاد التوازنات
عناصر قوى الدولة
قوات حلف الناتو
منطقة مركز التجارة العالمي
الهجوم على مركز التجارة
الرحلة الرقم 11
الرحلة الرقم 175
تحليل الهجوم على البنتاجون
بطء الدفاع الجوي
خطوط سير الطائرات
شكل مهاجمة مبنى البنتاجون

الأحلاف العسكرية
الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات



الفصل الأول

المبحث السابع

التوازنات العالمية والإقليمية في عصر الوفاق

أولاً. أسباب التحول إلى الوفاق بين أمريكا والاتحاد السوفيتي

1. من أهم أسباب الوفاق بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي هو الوصول إلى منعطف لم يكن ليحدث توازناً بين الطرفين في صراعهما أثناء الحرب الباردة، لذلك وجد كل منهما الأسباب الخاصة التي تدعوه إلى القبول بمبدأ الوفاق، حتى يعود ميزان القوى إلى الوضع المتوازن بينهما.

2. تقلص الصراعات العقائدية في سلوك القوتين العظميين نتيجة وضوح أخطار الحروب، وخاصة احتمالات الحرب النووية.

3. التورط المتزايد للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في سباق الأسلحة النووية الإستراتيجية في مختلف قطاعاتها الهجومية والدفاعية، نتج منه فجوات تهدد الأمن الدولي، الذي كان مستقراً في ظل مبدأ الردع النووي.

4. أن القوتين النوويتين تجاوزتا السلوك العصبي الزائد إلى مرحلة أكثر اتفاقاً واتساقاً مع المنطق، الذي تفرضه ضغوط القوة النووية.

5. تصاعد أخطار الصين كقوة نووية لها تطلعات القوى العظمى في المجتمع الدولي، بما يحتم تفاهماً مشتركاً بينهما لمواجهة هذا التحدي المتعاظم.

6. التطلعات التكنولوجية المتزايدة للاتحاد السوفيتي ورغبته الملحة في الاستفادة من التطبيقات التكنولوجية الراقية في الغرب وخاصة في مجالات الحاسبات الآلية.

7. قناعة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي بإمكانية حدوث حرب ذرية بنوع الخطأ وأنه يجب تجنبها، وقد كانت هناك دراسات عدة في هذا المجال، ومنها:

أ. احتمال وقوع خطأ فني مثل حدوث انفجار في أحد مخازن الذخيرة النووية بنوع الخطأ وتسجله أجهزة النظم الدفاعية للجانب الآخر على أنه هجوم نووي يُردّ عليه بهجوم مضاد، وهنا تحدث الكارثة.

ب. قد تحدث هذه الحرب بسبب تدخل قوة ثالثة تسعى للهيمنة على العالم بعد إحداث وقيعة بين القوتين العظميين لتدمر كل منها الأخرى.

ثانياً. خطوات على طريق الوفاق بين القطبين: (انظر شكل التوازن في ظل الوفاق الدولي)

1. عقد مجموعة من الاتفاقيات العسكرية والسياسية:

أ.  إن التوقيع على اتفاقية الحد من الأسلحة الإستراتيجية خلال القمة في موسكو عام 1972 بين الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون والزعماء السوفيت، يُعَدّ من المعالم البارزة في تطور العلاقات الأمريكية السوفيتية منذ الستينيات. وهو التطور الذي مر عبر مراحل ثلاث متميزة هي: مرحلة الانفراج، ثم مرحلة التقارب، ثم المرحلة التي أطلق عليها عصر الوفاق بين القوتين الأعظم. وقد ارتكز هذا الوفاق على عدد من الإجراءات السياسية والإستراتيجية الحيوية، التي توصل إليها الطرفان، والتي كان آخرها التوقيع على معاهدة منع استخدام وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية في ابريل 1972. ولا جدال في أن هذه الإجراءات والترتيبات قد دعمت كثيراً من إمكانات الحوار السياسي الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

ب. حاول الاتحاد السوفيتي في نهاية الستينيات الاندفاع نحو بناء وتدعيم أسلحته الإستراتيجية، بهدف التوصل إلى مستوى التعادل مع الولايات المتحدة وإنهاء وضع السيادة Supremacy والتفوق Superiority الأمريكي في التسليح الإستراتيجي. وهو الأمر الذي كان يجعل الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل معه من موقف القوة، وقد حقق ذلك اقتراباً من التوازن والاستقرار الذي كان يبرر تمسك الطرفين بضرورة المحافظة على ما تم، وقد دفع هذا إلى الدخول في مفاوضات جادة تستهدف تحقيق استقرار دولي على أساس مبدأ "الأمن المتساوي".

ج. بدأت المبادرات الأمريكية للمفاوضات في عهد إدارة الرئيس جونسون، إلا أن الاستجابة الجادة من الاتحاد السوفيتي كانت مع قرب انتهاء هذه الإدارة. وعلى ذلك، فإن محادثات"Strategic Arms Limitation Talks" SALT  بدأت في نوفمبر 1969، مع بداية عهد الرئيس الأمريكي نيكسون.

(1) المبادرة الأمريكية:

(أ) تحديد يتلوه خفض كل من الأسلحة الدفاعية والهجومية.

(ب) الإبقاء على مستوى ردع مستقر ومتبادل.

(ج) تأكيد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في تحديد أسلحتهما.

(د) التأكيد المتبادل بالمحافظة على الأمن وتحسين تفهم المشكلات الإستراتيجية المشتركة.

(2) الاستجابة السوفيتية:

(أ) إقامة رادع إستراتيجي سوفيتي أمريكي مستقر.

(ب) الحاجة إلى دعم الثقة في المجهود الأمريكي السوفيتي لمنع أي أعمال من جانب دول أخرى تهدف إلى خلق عدم استقرار بالعالم.

(ج) تأكيدات متبادلة بأن الأمن المتساوي بين البلدين سوف يحافظ عليه، وفي الوقت نفسه وجوب تفادي التوترات وتكاليف التسليح.

(د) تحسين التفاهم الأمريكي السوفيتي بإقامة عملية مستمرة من المناقشة للمشكلات التي تنشأ من الوضع الإستراتيجي وأن تشمل كلاً من الأسلحة الدفاعية والهجومية.

د. بداية المباحثات واتفاق سولت -1:

(1)   بدأت المباحثات في نوفمبر 1969 في هلسنكي، وانتقلت إلى فيينا بشكل متقطع، وفيها صيغت الاتفاقيات التي أعلن عنها، ووقعت خلال مؤتمر القمة الأمريكي السوفيتي في مايو 1972. وهذه الاتفاقيات تُعَدّ أخطر ما صدر عن مؤتمر القمة الأمريكي السوفيتي الأول. وقد وصفها هنري كيسنجر أنها ليس لها سابقة في التاريخ الحديث. وتأتي أهميتها إلى جانب أنها الأولى من نوعها، فإنها أيضاً عالجت ما يشكل أساساً للقوة العسكرية للقطبين الأعظمين. وقد انطلقت من مبدأ الأمن المتساوي Equal Security، الذي يقر بعدم حصول أي من الطرفين على مزايا منفردة، وكان من أهم نصوصها هو تجميد عدد الصواريخ الهجومية لكلا الجانبين منهية بذلك سباق التسلح العددي.

(2)   لم تتعرض هذه الاتفاقية إلا للجانب الكمي في الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة على أن تظل الاتفاقية موضع التنفيذ لمدة خمس سنوات ما لم تجدد قبل ذلك بأخرى أكثر عمقاً وتفصيلاً.

هـ. اتفاق فلاديفوستوك:

(1)   في نهاية عام 1974، طلب الاتحاد السوفيتي عقد اتفاقية ثانية للحد من الأسلحة الإستراتيجية، بشرط أن تكون الولايات المتحدة على استعداد للتواؤم، بشكل يستطيع معه بريجنيف أن يدافع في المكتب السياسي عن اتفاقية يتوصل إليها عن طريق المفاوضات.

(2) وقد كانت هناك أسباب أدت إلى تقدم الاتحاد السوفيتي بهذا الطلب، هذه الأسباب انحصرت في ثلاث وهي:

(أ)   أن الاتحاد السوفيتي كان ينظر إلى بداية طيبة مع الرئيس الأمريكي الجديد فورد.

(ب) أن شكوكاً متزايدة كانت قد بدأت تتراكم في الولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بنتائج مفاوضات الحد من الأسلحة الإستراتيجية، بل وحول العلاقات الأمريكية السوفيتية نفسها.

(ج) أن محادثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية تبقى هي المحور ونقطة الارتكاز في العلاقات بين القطبين الأعظمين، ولذلك فإن أي انتكاسة لها سوف تؤثر على مجمل هذه العلاقات.

(3)   في 24 نوفمبر 1974، عُقد اجتماع مشترك في فلاديفوستوك، صدر عنه بيان مشترك، كان محتواه أنه توصل إلى اتفاق بشأن تحديد الأسلحة الإستراتيجية، وأن المفاوضات المقبلة سوف تقوم على المبادئ الآتية:

(أ) أن تتضمن الاتفاقية الجديدة المواد الملائمة في الاتفاقية، التي وقعت عام 1972، والتي تظل موضع التنفيذ حتى عام 1977.

(ب) أن الاتفاقية الجديدة تغطي الفترة من أكتوبر 1977 وحتى سبتمبر 1985.

(ج) أن الاتفاقية الجديدة تقوم على مبادئ المساواة والأمن المتساوي بحيث تتضمن حق كلا الجانبين في عدد متساوٍ من وسائل الإيصال للأسلحة الإستراتيجية وعدد متفق عليه من الصواريخ عابرة القارات ICBM والغواصات وقاذفات الصواريخ SLBM المزودة بالرؤوس النووية المستقلة.

(4)   في يناير 1975، وفي جنيف بدأت مفاوضات بين وفدي الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، لوضع تفاصيل هذه الاتفاقية، طبقاً للمبادئ التي اتفق عليها.

و.  دانت الصين الاتفاقية من بدايتها، وأكد رئيس الوزراء شواين لاي أن هذا الاتفاق يُعَدّ بداية مرحلة جديدة لسباق التسليح بين القوتين الكبيرتين، وأنها تُعَدّ رمزاً لجهود السيطرة على العالم سياسياً وعسكرياً. وقد اتضح أن حقيقة هذا الموقف هو التخوف الصيني من تخصيص الاتحاد السوفيتي لقدراته النووية تجاه الصين، إلا أن الاتحاد السوفيتي لم يبحث بشكل جدي نظام مضاد للصواريخ ضد الصين، كما أن القدرة النووية السوفيتية ضد الصين لم تتأثر بمحادثات سولت الأولى. أمّا الولايات المتحدة فقد نظرت إلى الاتفاق على أنه يتدخل في قدرتها على الاحتفاظ برادع مناسب ضد الصين. وعلى الجانب الآخر، فقد نظر الاتحاد السوفيتي إلى القدرات النووية البريطانية والفرنسية بقلق من إمكانية تزايدها في وجه الحد من القوة النووية الأمريكية.

ز. على الرغم من أن النوايا حددت عام 1975 للتوقيع على هذه الاتفاقية الثانية، إلا أنه حتى يناير 1976 وزيارة كيسنجر لموسكو لم يتم الاتفاق النهائي الذي كان متوقعاً. وقد تبدد التفاؤل الذي ساد محادثات فلاديفوستوك بسبب العقبات الفنية التي حالت دون إتمام هذا الاتفاق، والتي تمثلت في عدم القدرة على صياغة وتقنين الأهداف الإستراتيجية، وقد صاحب ذلك عدم وجود استقرار سياسي في علاقات القوتين ومن أمثلتها:

(1)   إقدام الاتحاد السوفيتي، في عام 1975، على إلغاء الاتفاق التجاري بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية.

(2)   تزايد الشكوك داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن معنى الوفاق في ضوء البناء العسكري السوفيتي.

(3) التطورات التي وقعت في أنجولا والتدخل السوفيتي فيها من خلال القوات الكوبية، الأمر الذي أحدث تأثيراً سلبياً واضحاً على علاقات القوتين، ما دفع بالرئيس الأمريكي فورد إلى إسقاط عبارة الوفاق في أحاديثه.

ح. استمر التوقف عن التقدم خطوات جديدة في هذا الاتجاه، إلى أن جاء الرئيس كارتر وأعلنت إدارته عن رغبتها في التوصل إلى آفاق جديدة، ومن خلال هذه الرغبة تمت زيارة وزير الخارجية الأمريكي سايروس فانس إلى موسكو في مارس 1977، تضمنت المقترحات التي قدمها خفضاً في الأسلحة الإستراتيجية يزيد على ما كان مقرراً في اتفاق فلاديفوستوك وكان محتوي هذا المقترح الآتي:

(1) خفض المجموع الكلي لنظم حمل الأسلحة الإستراتيجية Strategic Weapons Delivery Systems بما في ذلك الصواريخ عابرة القارات والقاذفات من 2400 وهذا هو الرقم المتفق عليه في فلاديفوستوك إلى 1200 صاروخ.

(2)   أن يجمد الجانبان توزيع وتعديل الصواريخ العابرة للقارات.

(3) فرض حظر على الصاروخ الأمريكي طراز كروز، وعدم تحويل القاذفة السوفيتية Back Fire إلى قاذفة عابرة للقارات.

ط. لاقت هذه المقترحات شكوكاً في مصداقيتها من جانب الاتحاد السوفيتي، وتوقفت المحادثات إلى أن استؤنفت مرة أخرى في نوفمبر 1978 حيث لم يتوصلا إلى تقدم في هذه المحادثات أيضاً، وظلت موضوعات تحديد الرؤوس النووية والصواريخ كروز والقاذفة Back Fire معلقة، ولكن اتفق على العمل باتفاقية سولت -1 لحين التوصل إلى اتفاق جديد.

ي. اتفاقية سولت -2:

(1)   في يونيه 1979 في فيينا، وُقِعت اتفاقية سولت -2 بين الزعيم السوفيتي ليونيد بريجينيف والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وقد توصل إلى هذه الاتفاقية بعد مفاوضات شاقة وطويلة بين الطرفين.

(2)   وعلى الرغم من أن حكومة كارتر قد وقعت على هذه المعاهدة، إلا أنها في إطار أزمتي إيران وأفغانستان جَمدَّت هذه الاتفاقية، وأكمل ذلك ريجان وإدارته بالهجوم على هذه الاتفاقية، إلى أن دخلت في مرحلة انهيار تقع مسؤوليته كاملة على الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حاولت قوى متطرفة افتعال الذرائع لعدم التصديق على المعاهدة من الكونجرس الأمريكي، وأصبحت مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقية سولت -2 تتسم بالتشكك في النوايا، وكأن العلاقات الأمريكية السوفيتية تمر بمحنة قد تعصف بما يُسمى الوفاق بينهما، وقد واكب ذلك عوامل عدة ساعدت على زيادة هذه الفجوة، ومنها:

(أ) ظهور تقرير للمخابرات المركزية الأمريكية يؤكد تواجد لواء سوفيتي مقاتل في كوبا وهو يُعد أكبر فريق عسكري خارج حلف وراسو.

(ب) انعقاد مؤتمر دول حلف الناتو في بروكسل في ديسمبر 1979، للتباحث لتحديث القدرات النووية للحلف بدعوى مواجهة تحديات القوة السوفيتية، وهذا يمثل تصعيداً جديداً لسباق الأسلحة الإستراتيجية.

(ج) التأييد السوفيتي لإيران في أزمة الرهائن الأمريكيين بها.

(د) الغزو العسكري السوفيتي لأفغانستان.

(3)   عندما جاءت إدارة الرئيس ريجان إلى السلطة، أتت معها بعقلية الحرب الباردة وأن التعامل مع السوفيت يجب أن يكون من منطلق التفوق الدائم والتفاوض من مركز القوة. وقد أكد ذلك الكسندر هيج وزير الخارجية الأمريكي، عندما أدلى في نيويورك، عقب قمة أوتاوا في يوليه 1981، بتصريحات حاول فيها أن يجمع بين التظاهر بالتجاوب مع مطالب حلفاء أمريكا الأوروبيين لسباق التسلح، وبين إشعار السوفيت بأن إدارة ريجان لا تزال على موقفها المتشدد منهم بسبب مسلكهم الدولي، وأن استئناف المفاوضات لابد أن يتم على أساس مبادئ عدة، أعلن بعدها بريجنيف أن هذه المبادئ تعود بالعالم إلى سياسات الحرب الباردة بمخاطرها التي يعرفها الجميع، واستمرت الأوضاع نفسها حتى في عهد اندروبوف وحتى عام 1985.

2. الخفض لقوات حلف الناتو ووارسو في أوروبا: 

 أ. منذ نهاية يناير 1973، وهناك مناقشات بين الحلفين وارسو والناتو، بشأن إمكانية خفض متبادل ومتوازن للقوات في وسط أوروبا، وذلك للأسباب الآتية:

(1)   أن الحشود العسكرية المتواجدة أكبر بكثير مما تستلزمه ضرورات صيانة وحفظ هذا التوازن الإستراتيجي، وإذا ما أمكن تحقيق هذا الخفض فإن ذلك سيوفر كثيراً من موارد الطرفين، فعلى سبيل المثال: الإنفاق العسكري كنسبة من الناتج المحلي لدول الناتو (انظر جدول الإنفاق العسكري لدول حلف شمال الأطلسي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي)، وأعباء الدفاع في حلف شمال الأطلسي (انظر جدول أعباء الدفاع في حلف شمال الأطلسي 1992-1997)، كما أنه سوف يقلل من التوترات في المنطقة ويساعد على خلق مناخ الوفاق.

(2)   رغبة بريجنيف في دعم عملية الوفاق وتوسيع أبعادها، كما أنه سيتوفر لديه القدرة على نقل بعض عناصر قوته الإستراتيجية الضاربة في أوروبا إلى خط المواجهة بينه وبين الصين، إلى جانب الاستفادة من التكنولوجيا الغربية.

(3)   عُدّت وسيلة مناسبة لخفض القوات الأمريكية في أوروبا، وهذا سيعالج الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الأعباء المالية (انظر جدول أعباء الدفاع في حلف شمال الأطلسي 1992-1997)، وأيضاً الخلافات مع الحلفاء الأوروبيين.

ب. قد يؤدي هذا الخفض إلى بروز حسن النوايا في إقرار الوفاق في العالم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

ج. استمر الجدل في هذا الموضوع الحيوي والمؤثر على مناخ الوفاق إلى أن أعلن الرئيس ريجان قبل حضوره اجتماع رؤساء حكومات دول حلف الناتو، الذي عُقد في بون في يونيه 1982، حيث قال: "إننا لا ننوي سحب قواتنا من أوروبا لأننا ندرك حجم مسؤوليتنا هناك وندرك أن هذه القوات موجودة لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية الأمنية، ولأن خط حلف شمال الأطلسي هو خط الدفاع الأول عن الولايات المتحدة الأمريكية".

د. استمر الوضع على ما هو عليه على أن تتحمل الدول الأوروبية الجانب الأكبر من التكاليف المالية لتواجد القوات الأمريكية، وبالنسبة للقواعد الأمريكية والتي تقدر مصروفاتها بما يزيد على مليار دولار سنوياً فسوف تتحول إلى قواعد مشتركة يتقاسم عبئها الطرفين، وهو ما لم يتم إلا بزيادة دول أوروبا الغربية ميزانياتها العسكرية.