إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / نظرية توازن القوى وتوازن المصالح




موقع عسكري بعد قصفه
موقع عسكري قبل قصفه
مبنى التجارة العالمي ينهار
أحداث 11 سبتمبر
مطار عسكري بعد قصفه
مطار عسكري قبل قصفه
انهيار البرج الجنوبي

ميزانية وكالة المخابرات المركزية
ميزانية العمليات المغطاة
هيكل نظام الردع النووي
مكتب مخابرات البحرية
مكتب التحقيقات الفيدرالي
الإنفاق الدفاعي
النسبة المئوية للأفراد
التوازن في الحرب الباردة
التوازن في ظل نظام أحادي القطبية
التوازن في ظل الوفاق الدولي
التحليل الزمني لمسارات الطائرات
تنظيم وكالة مخابرات الطيران
تنظيم وكالة الأمن الداخلي
تنظيم وكالة الأمن القومي
تنظيم وكالة المخابرات المركزية
تنظيم مخابرات الجيش
تنظيم مجتمع المخابرات الأمريكية
تنظيم مكتب المخابرات والأبحاث
تقديرات العمليات المغطاة
عناصر ومكونات أبعاد التوازنات
عناصر قوى الدولة
قوات حلف الناتو
منطقة مركز التجارة العالمي
الهجوم على مركز التجارة
الرحلة الرقم 11
الرحلة الرقم 175
تحليل الهجوم على البنتاجون
بطء الدفاع الجوي
خطوط سير الطائرات
شكل مهاجمة مبنى البنتاجون

الأحلاف العسكرية
الحدود الجغرافية للأحلاف والمعاهدات



الفصل الأول

المبحث الثاني

أسس توازن المصالح

أولاً: مفهوم المصلحة القومية ومستوياتها:

    المصلحة القومية هي: الحاجات والرغبات التي تدركها دولة ذات سيادة، وعلاقة ذلك بدول أخرى ذات سيادة تشكل المجال الخارجي لهذه الدولة.

    ويصور (جدول المصلحة القومية) جوهر الإطار الفكري العام لتعريف المصلحة القومية. ويشمل الجدول أربع مصالح قومية أساسية، وأربعة مستويات لدرجة أهمية كل مصلحة.

    ولاستخدام الجدول يجب وضع تعريفات محددة، والاصطلاح الأول الذي يجب تحديده هو "المصلحة القومية". ويُلاحظ احتواء هذا التعريف على العناصر الرئيسية التالية:

1. أهمية عنصر الإدراك لحاجات الدولة.

2. ينطبق التعريف فقط على الدول ذات السيادة الكاملة، ولا ينطبق على المنظمات الدولية، أو الأقاليم ناقصة السيادة، التي تعتمد على دول أخرى. وما زلنا حتى الآن، نرى أن اتخاذ قرارات مثل استخدام القوة العسكرية، وفرض قيود تجارية، والدخول في التحالفات، وتوفير كميات كبيرة من المعونة الخارجية، يتم فقط بواسطة حكومات الدول ذات السيادة.

3. هناك حد فاصل بين المجال الخارجي والمجال الداخلي للدول، فالحكومة، التي تتعامل مع مجالها الداخلي، عادة ما توصف بأنها تعمل لمصلحة العامة. في الوقت الذي تُوصف فيه الحكومة، التي تتعامل مع مجالها الخارجي، بأنها تعمل في مجال المصلحة القومية.

أنواع المصالح القومية:

1. المصلحة الدفاعية Defense Interest:

    الدفاع عن الدولة (مجموعة دول) ومواطنيها من أي تهديد بالعنف المادي بواسطة دولة أخرى أو مجموعة دول، والحماية من أي تهديد خارجي محتمل، مباشر أو غير مباشر، ضد النظام السياسي القومي.

2. المصلحة الاقتصادية  Economic Interest:

    تعظيم الرفاهية الاقتصادية للدولة أو مجموعة دول بالنسبة للدول الأخرى.

3. مصلحة النظام الدولي World- Order Interest:

    الحفاظ على نظام دولي سياسي واقتصادي، تستطيع الدولة أن تشعر في إطاره بالأمن، ويمكن أن يمتد نشاطها التجاري خارج النطاق الجغرافي للدولة بحرية.

4. المصلحة العقائدية Ideological Interest:

    حماية وتدعيم مجموعة من القيم، التي يشترك فيها المواطنون والدولة أو مجموعة دول، والاعتقاد في صلاحيتها في كل العالم.

    والعلاقات بين هذه المصالح الأساسية الأربع يمكن إيجازها في الآتي:

أ. لا يعني الترتيب الذي ذكرت به تقدم أولوية لإحدى هذه المصالح على الأخرى، ولكن ما لم تحقق المصلحة الدفاعية ـ سواء من طريق قوة دفاعية قوية، أو بالتحالف مع قوى كبرى، أو كليهما ـ فلن يصبح لأي من المصالح الثلاث الأخرى أي أهمية.

ب. أن هذه المصالح الأربع لا يستبدل أحدهما بالآخر، كما يجب على متخذي القرار أن يقبلوا موازنة هذه المصالح لتحقيق المصلحة القومية. وعلى سبيل المثال: قد يضحى في بعض الأحيان بالمصالح الاقتصادية للدولة لصالح مصلحة النظام الدولي، والتي تشمل دولة أخرى تحتاج الدولة لصداقتها وتعاونها لصالح الاستقرار في جزء مهم من العالم. والمثال الواضح لذلك هو الصادرات اليابانية من السيارات والتليفزيونات إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

ج. تشكل عقيدة الدولة جزءاً مهماً من مصلحتها القومية، قد لا تكون بنفس القوة التي تمثلها المصالح الثلاث الأخرى، إلا أنها تُعَدّ بصفة عامة مهمة في تحديد ردود أفعال الحكومة للموضوعات الدولية.

وتركز السياسات البيروقراطية وجماعات الضغط المختلفة داخل الدولة، على تحديد أولويات المصالح الأساسية في فترات محددة. ففي خلال فترة الخمسينيات، وحينما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تملك موارد لا حدود لها للاشتراك في النشاطات الدولية، تلقت المصالح الأربع الأساسية دعماً قوياً. إلا أنه خلال فترة السبعينيات، وحينما قُيد الاقتصاد الأمريكي نظراً إلى الحرب في فيتنام، وانخفاض القدرة التنافسية للولايات المتحدة الأمريكية أمام ألمانيا واليابان وبعض الدول الأخرى، اضطرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لإعطاء أولوية متقدمة للمصالح الاقتصادية وأوليات بدرجة اقل إلى حد ما لمصالح النظام الدولي. وفي عام 1977، أعطت الولايات المتحدة الأمريكية أولوية متقدمة للمصلحة العقائدية أكثر منها في الأعوام السابقة.

وتتعامل مصالح النظام الدولي مع العديد من الموضوعات الدولية، بواسطة المنظمات الدولية، من أجل أن يكون الهدف الأول منها لمصلحة النظام الدولي هو الحفاظ على توازن القوى لصالح الإحساس بالأمن للدولة أو مجموعة دول.

قبل الحرب العالمية الثانية، لم تعط الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً كافياً لمصلحة النظام الدولي، إذ كانت تعتقد أنها تستطيع أن تكون في أمان ورخاء، دون التورط بالدخول في عصبة الأمم أو في أي تحالفات. وفي فترة ما بعد الحرب، غيرت الولايات المتحدة الأمريكية من موقفها، وقررت إعطاء عناية أكبر لصالح النظام الدولي، وذلك نتيجة لتمزق التركيب القديم للعلاقات الدولية نتيجة للحرب.

وبدلاً من العزلة التي كانت فيها الولايات المتحدة الأمريكية، ظهرت بعض الأفكار الأمريكية، مثل مشروع مارشال لإعادة تعمير أوروبا، وحلف شمال الأطلسي، وعقيدة ترومان التي دعت إلى مساعدة اليونان وتركيا لتحجيم الضغوط السوفيتية في شرق البحر المتوسط. وبالطبع لم تكن أي من هذه الخطوات للسياسة الخارجية الأمريكية، بين عامي 1947-1949، ضرورية للدفاع عن أمريكا الشمالية، إلا أنها كانت جميعاً جزءاً من اعتقاد بأن مثل هذا التدخل الذي تم خارج الحدود كان مطلوباً للمحافظة على النظام الدولي لفترة ما بعد الحرب. فقد خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من الحرب العالمية الثانية أعظم قوة مؤثرة في العالم، وقد رغبت في البقاء كذلك.

إن الأربع مصالح القومية الأساسية هي عناصر ديناميكية تحدد سلوك الدول، والتغيرات في درجة أسبقياتها فيما بينها، غالباً ما تُقاس بالسنين وعشرات السنين، وليس على فترات زمنية قصيرة.

ويُعَدّ تحديد المصالح القومية الأساسية، التي تتواجد في الأزمات الخارجية، الخطوة الأولى في تحديد السياسة الخارجية للدولة. والخطوة التالية هي التحليل الصحيح لدرجة أهمية هذه المصالح، أو المكاسب القومية التي يعتقد بوجودها القادة السياسيون لدولة ما. فقد يكون اهتمام الدولة كبيراً في إمكانية حدوث تغيير للنظام السياسي بالقوة في دولة أخرى صديقة، إلا أن درجة أهمية هذا الاهتمام ستعتمد على عدد من العناصر، من بينها بُعد الدولة الصديقة عن حدود هذه الدولة، وتكوين اتجاهات الحكومة الجديدة، والاستثمارات والتجارة معها، والعلاقات التاريخية بينهما (مثال الانقلاب الشيوعي في السودان، خلال السبعينيات، ودعم مصر للحكومة الشرعية).

كما يجب أن يضع صانعو السياسة في الحسبان التكاليف المحتملة لأي أعمال إيجابية قد يتخذونها، في حالة مواجهة تغيرات غير مناسبة لها في دولة أخرى (أي مخاطر الحرب). وبذلك، فإن درجة أهمية المصلحة التي قد تراها الدولة الوطنية في موضوع دولي محدد، هي نتاج لعملية تفكير ـ لتحليل المكاسب والخسائر التي يدركها القادة السياسيون لهذه الدولة.

وفي النهاية، فقد تخرج الدولة بنتيجة، بشأن ما يجب عمله، وأي سياسات يجب اتخاذها، إلا أن إجراءات تحديد أهمية المصلحة والتي ترى الدولة اتخاذها تتضمن إيجاد التوازن المطلوب بين المصالح الأربع الأساسية التي ذُكرت من قبل.

وبذا فإن تغيير حكومة ما نتيجة لانقلاب عسكري، قد تكون غير موائمة للدولة الوطنية ـ سواء من زاوية المصلحة العقائدية أو مصلحة النظام الدولي. ولكن إذا كان هناك روابط اقتصادية مهمة مع هذه الدولة، مع عدم وجود أي تهديدات لأراضي الدولة الوطنية، فمن المحتمل تأخير درجة الأهمية العقائدية، ومشاكل الأمن المحتملة عن الاعتبارات الاقتصادية.

مما سبق، نجد أن الأسس التي يُبنى عليها تحديد موضوعات درجة أهمية المصلحة هي:

1. موضوعات البقاء:

    يُصبح الوجود الأساسي للدولة في خطر داهم للأسباب الآتية:

أ. إما نتيجة لهجوم عسكري علني على أراضيها.

ب. أو نتيجة للتهديد بهجوم وشيك الوقوع، إذا رفضت الدولة مطالب عدوها.

    المقياس الحقيقي لدرجة أهمية المصلحة هو وجود تهديد فوري بضرر مادي شامل، بواسطة دولة ما، وضد دولة أخرى. وبذا، فإن المصلحة الدفاعية هي المصلحة الوحيدة، التي قد تتقدم في درجة أهميتها. ويصبح هذا أكثر وضوحاً إذا تضمن احتمال استخدام الأسلحة النووية الإستراتيجية. وترى الدول العظمى أن وصول أهمية الموضوع إلى مستوى البقاء، يبرر الاستخدام الفعلي للأسلحة النووية الإستراتيجية ضد العدو.

2. الموضوعات الحيوية:

    من المحتمل أن ينتج ضرر حقيقي للدولة، ما لم تتخذ إجراءات قوية، بما فيها استخدام القوة العسكرية التقليدية، لمواجهة أعمال عدائية من دولة أخرى، أو لردع هذه الدولة من التصعيد الجاد للأزمة. وقد يكون الموضوع الحيوي ـ على المدى الطويل ـ بنفس جدية موضوعات البقاء، إذا كان التهديد موجهاً ضد رفاهية الدولة السياسية والاقتصادية، والزمن هو: الاختلاف الجوهري في هذا الموضوع. فعادة ما يوفر الموضوع الحيوي للحكومة وقتاً كافياً لطلب معاونة الحلفاء، أو التفاوض مع الدولة المقابلة، أو اتخاذ إجراءات مضادة حاسمة لإنذار العدو بعظم الثمن الذي سيتكلفه، إذا لم ترفع الضغوط السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية. وعلى العكس موضوعات البقاء، فقد يتضمن الموضوع الحيوي، ليس فقط المصلحة الدفاعية، ولكن أيضاً المصالح العقائدية. وعلى سبيل المثال، فقد أشارت الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1971، إلى أن رفعها للجمارك بنسبة 10% لإجبار شركائها في التجارة على قبول تخفيض قيمة الدولار، كان نتيجة لوصول صعوبات في ميزان المدفوعات الأمريكي إلى المستوى الحيوي.

3. الموضوعات الرئيسية:

    قد تتأثر الأوضاع السياسية والاقتصادية للدولة سلباً بأحداث واتجاهات في المناخ الدولي، تتطلب الاضطلاع بعمل، لمنعها من أن تصبح تهديدات جادة (موضوعات حيوية). وتقع معظم موضوعات العلاقات الدولية ضمن هذا التقسيم، وغالباً ما تحل خلال المفاوضات الدبلوماسية. وحينما تفشل الدبلوماسية في حل مثل هذه النزاعات، تصبح خطيرة، إذ يجب على الحكومات في هذا الموقف إعادة تقدير كمية تأثير مصالحها بالحدث الجاري في حينه.

    وإذا أصبحت الحكومة ـ في التحليل النهائي ـ غير راغبة أو غير قادرة على تسوية ما تُعَدّه موضوعاً أساسياً، فقد أكدت ضمنياً أن هذا الموضوع هو موضوع حيوي. وعلى الجانب الآخر، إذا عُدَت المفاوضات والتسوية هما أفضل البدائل، فيحتمل أن يكون الموضوع موضوعاً رئيسياً فقط. وتُعدّ معظم المشاكل الاقتصادية بين الدول موضوعات رئيسية ـ وليست حيوية ـ ويُعدّ الشيء نفسه صحيحاً في المصالح العقائدية. على الرغم من حجب الدول في بعض الأحيان لبعض المشاكل الأخرى في المجال العقائدي لتعبئة الرأي العام داخل الدولة وخارجها. وتُعدّ مصالح النظام الدولي أكثر صعوبة في التسوية لتأثيرها على إحساس الدولة بالأمن.

4. الموضوعات الهامشية:

    لا تتأثر رفاهية الدولة سلبياً بأحداث خارج حدودها، ولكن يمكن أن تتعرض لمصالح المواطنين والشركات التي تعمل في دول أجنبية للخطر قبل هذه الأحداث. وبالطبع تعطي المؤسسات متعددة الجنسية الكبيرة والرئيسية أولوية كبيرة من الدول الأم حيث أن لمكاسبها والضرائب المأخوذة منها تأثير كبير على الرفاهية الاقتصادية للدولة. وتحدد كل دولة وطنية قيمة هذه المؤسسات، التي تعمل خارج الحدود. وتشكل هذه الشركات لبعض الدول موضوعات رئيسية للمصلحة القومية، بينما تشكل لبعض الدول الأخرى أهمية هامشية.

5. المصلحة الحيوية:

    تُعَدّ المصلحة حيوية، حينما ترى أعلى مستويات صانعي السياسة في الدولة ذات السيادة أن الموضوع تحت الاعتبار في أي نزاع دولي أساسي بدرجة كبيرة للرفاهية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدولتهم، بالشكل الذي يحتم عدم المضي في المساومة عليه، حتى إذا نتج من ذلك حتمية استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية.

    وبالوصول إلى هذا التقدير، فإن صانعي السياسة يؤسسون تحليلاتهم بناء على معايير عدة Criteria، إلا أن ذلك قد يتم في بعض الأحيان، اعتماداً على خواطر طارئة. ففي عام 1965، على سبيل المثال، أثبتت السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة الأمريكية اعتمادها على طبيعة غير نظامية لمجلس الأمن القومي، في ذلك الوقت، خلال تقديره لمدى حسبان الاحتفاظ بفيتنام الجنوبية كمصلحة حيوية للولايات المتحدة الأمريكية.

    ويوضح (جدول تحليل المصالح الحيوية) ستة عشر عنصراً تُعَدّ أسئلة مناسبة، يجب التعامل معها، بواسطة صانعي القرار، الذين يتولون مسؤولية عمل تقدير منطقي ومنظم.

    ومعظم هذه العناصر الستة عشر واضحة وتفسر نفسها، إلا أن بعضها يحتاج إلى المزيد من التفسير. فإلى جانب العوامل الحيوية، تُعَدّ أهم العوامل هي:

أ. الارتباط العاطفي:

يُشير هذا العامل إلى التأييد الذي يعطي إلى بعض الدول، نظراً إلى طبيعة الاتصال الثقافي والروابط العرقية القوية التي يشعر بها المواطنون تجاه هذه الدول. والمثال الواضح على ذلك هو الارتباط العاطفي للولايات المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل، وارتباط المسلمين والمسيحيين تجاه الأماكن المقدسة في مدينة القدس.

ب. التأثير على هيبة الدولة:

تُعَدّ فكرة التأثير على هيبة الدولة فكرة غامضة إلى حد ما، إلا أن قادة الدول الكبرى يعملون بتأثير قراراتهم في أحد أجزاء العالم، على الرغم من مصداقية وهيبة دولتهم في مكان آخر من العالم.

ج. نوعية الحكومة:

يرتبط هذا العامل مع الموضوعات الأيديولوجية في السياسة الخارجية ومدى نوعية النظام ديموقراطي أم ديكتاتوري؟ وهل يرتبط النظام بحقوق الإنسان وكرامته من عدمه؟

د.  وعلى جانب عوامل التكاليف/ المخاطر، توجد علاقة مباشرة بين مدة ونطاق الصراع وبين مخاطر هذا الصراع. وعموماً، فإن أهم العوامل في هذا المجال هي:

(1) مخاطر الصراع طويل الأمد:

ويحدد هذا العامل بشكل كبير بتحليل مدى رغبة العدو في مقاومة الضغط العسكري، كما يُعَدّ عاملاً أساسياً لجميع عوامل التكاليف/ المخاطر.

(2) مخاطر معارضة البرلمان:

    وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعلّم كل من: الرئيس جونسون، والرئيس نيكسون هذا الدرس القاسي، حينما أجبرت قوى الكونجرس كلا الرئيسين على تغيير مسار الحرب في فيتنام.

    والنقطة الأساسية هنا، هي ضرورة أن يكون صانعو السياسة أكثر عنفاً وصرامة في تقرير هل المصلحة حيوية من عدمه؟

ثانياً: تحديد شكل المصلحة القومية:

    تُعَدّ المصلحة القومية هي المحددة للسياسات الخارجية للدول، وعلى قدر الاختلاف في المصلحة القومية تتغير اتجاهات السياسة الخارجية، ويبدو شكل المصلحة القومية للدولة في إحدى الصور الآتية:

1. حماية السيادة الوطنية ودعم الأمن القومي، وهذا الهدف له أولوية مطلقة لدى الدول أياً كانت نظمها وقوتها وموقعها وحجمها، وهي توفر لذلك كل إمكانياتها سواء الذاتية أو المضافة، حيث يرتبط هذا الهدف بالحاجة إلى مواجهة التهديدات ضد كيانها، وحتى تدعم الدولة قدراتها قد تدخل في تحالفات، وليس شرطاً أن يكون في إطار رسمي بتوقيع بعض المواثيق.

2. تنمية مقدرات الدولة من القوة، وهو ما يدفع بالدول إلى التصارع في شن حروب ضد بعضها، وقد أدى التطور التكنولوجي الحالي في أدوات الحرب الحديثة إلى مضاعفة هذه القوة.

3. زيادة مستوى الثراء الاقتصادي عن الحد الأدنى المتوفر للثروة الوطنية، ويُعَدّ ذلك هدفاً رئيسياً لسياسة الدولة الخارجية، حيث ترى في تحقيقه نفوذاً أكبر في المجتمع الدولي، وقد أصبح الثراء الاقتصادي نوعاً من الدعاية للأيديولوجية التي تنجح الدولة في تحقيقها.

4. تحرص دول كثيرة على نشر أيديولوجيتها والدفاع عن معتقداتها، اقتناعاً منها بأن هذا الأسلوب يدعم مصالحها بصورة أفضل، في حالة اعتناق دول أخرى لنفس هذه الأيديولوجية، ويُعَدّ ذلك نجاحاً لها.

5. صيانة الثقافة الوطنية وحمايتها وتأمينها ضد الأخطار الخارجية، التي قد تهددها، في محاولة لتشويه هذه الثقافة وتدميرها، وقد تتبع الدول في سبيل الحفاظ على هذه الثقافة أساليب كثيرة، منها: دعم استقلال الدولة، وفرض قيود على الهجرة القادمة إليها، وقد تقوم بعض الدول بعمل إيجابي وهو تصدير ثقافاتها إلى الآخرين.

6. الذود عن السلام، حيث إن الأعباء على ميزانيات الدول وتأثر الدخل القومي نتيجة تخصيص أموال كثيرة لصالح التسليح، يُعيق مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذلك فإن توفير هذه المخصصات والحفاظ على المصالح في إطار السلام يحقق معدلات أسرع في التنمية ويرفع من مستوى شعوبها.

ثالثاً: اختيار شكل التحالفات والترابط بين الدول:

1. تعريف الحلف:

أ. تعريف الدكتور محمد طه بدوي: هو اتفاق بين دولتين أو أكثر على تدابير معينة لحماية أعضائه من قوة أخرى معينة تبدو مهددة لأمن كل هؤلاء الأعضاء.

ب. تعريف أوسجود: هو اتفاق رسمي تتعهد بموجبه مجموعة من الدول بأن تتعاون فيما بينها في مجال الاستخدام المشترك لقدراتها العسكرية ضد دولة أو دول معينة، كما تلتزم عادة بمقتضاه دولة أو أكثر من الدول الموقعة عليه باستخدام القوة أو التشاور بشأن استخدامها في ظل ظروف معينة.

ج. تعريف هنري كابتانت: هو معاهدة بين دولتين تتعهد بمقتضاها كل منهما بأن تهب لنجدة الأخرى، سواء كان ذلك من خلال عمل عسكري أو بأي وسيلة أخرى من وسائل العون، وذلك في حال تعرض أي منهما لخطر الحرب.

د. تعريف بروس روسيت: هو اتفاق رسمي بين عدد محدود من الدول يتعلق بالظروف التي في ظلها ستلجأ هذه الدول إلى استخدام القوة العسكرية.

هـ. تعريف كين بوث: هو اتفاق رسمي بين دولتين أو أكثر يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن القومي.

و. تعريف     أرنولد وولفيرس: هو الوعد بتقديم المساعدة العسكرية المتبادلة بين دولتين أو أكثر، أو بالقتال جنباً إلى جنب ضد عدو مشترك.

ز. تعريف     ديفيد إدوارد: هو التزام مشروط ذو طابع سياسي أو عسكري بين مجموعة من الدول، باتخاذ بعض التدابير التعاونية المشتركة، في مواجهة دولة أو مجموعة من الدول الأخرى المعينة.

ح. تعريف إدوين فيدر: هو تضافر قوى مجموعة من الدول، خلال فترة زمنية معينة، بهدف زيادة أمن الدول الأعضاء.

ط. تعريف فايتل: هو كل اتحاد بين دولتين أو أكثر يهدف إلى متابعة العمل على تحقيق هدف سياسي مشترك.

ي. تعريف فريتاج: هو ذلك الاتفاق المبرم بهدف اتباع سياسة موحدة، سواء في المجالات كافة أو فيما يتصل بموضوعات محددة.

ج. تعريف وايتنج وهاس: هو اندماج قوة دولتين أو أكثر والتوحيد بين سياساتهما الخارجية، بهدف بلوغ غايات محددة.

2. أشكال أخرى للترابط بين الدول بخلاف الحلف:

أ. نظام الحماية:

يوجد منها نوعان، وهما حماية اختيارية، وحماية استعمارية يترتب عليها تنازل الدولة المحمية، سواء بإرادتها، أو رغماً عنها، عن جزء من السيادة القومية لها. وينحصر دور الدولة الحامية في تنظيم العلاقات الخارجية، والدفاع عن الدولة المحمية. وقد يكون هناك ستار للحماية الاستعمارية للدول الضعيفة من خلال اتفاقيات الدفاع، بحيث يصبح للدولة الحامية الحق في بقاء قوات عسكرية ومطارات وموانئ، بحجة تقديم المساعدة العسكرية عند تعرض الدولة المحمية للعدوان.

ب. الاتحاد الفيدرالي:

ويترتب على إقامته بروز كيان جديد لشخصية دولية ذات نظام دستوري، حيث يُعدل في العلاقات الخارجية للدول الأعضاء، ومن ثَم، لا يظهر هنا التحالف، وإنما تذوب الدول الأعضاء في دولة واحدة.

ج. منظمة الأمن الجماعي:

تمثل تنظيماً عالمياً للسلام ينضم إليها أي دولة في العالم، وهي لحساب الجماعة الدولية، ومن ثَم، لا تتكتل ضد أحد، وقد أكد جيروم سلاتار ضرورة توفر شروط لبناء هذا النوع من التحالفات، وهي:

(1) تخلي الدول عن النظرة بأسلوب المصلحة القومية.

(2) قبول مبدأ عدم قابلية السلام للتجزئة.

(3) القناعة بأنه لا أصدقاء ولا أعداء مسبقاً.

(4) لا توجد أي استعدادات عسكرية مسبقة.

(5) إمكانية التحرك الجماعي لوقف أي عدوان.

(6) تخلي الدول عن القيام بأعمال منفردة دفاعاً عن مصالحها.

(7) تخلي الدول عن سعيها لزيادة قواها.

د. التجمعات الدولية الإقليمية:

(1) يهدف إلى تحقيق التكامل بين أعضائه في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية كافة.

(2) تقوى عنصري التضامن والتوحد، وتميل إلى خلق المؤسسات ذات الاختصاصات لإصدار التشريعات والقرارات.

(3) تعكس تطابقاً وتكاملاً بين مصالح الأعضاء في وجود التجانس القومي أو المذهبي أو السياسي.

هـ. مواثيق عدم الاعتداء:

    ذات طبيعة سلبية يتعهد أطرافها بالامتناع عن القيام بأي عمل عدواني، وتختلف هذه المواثيق عن الأحلاف بأنها تُبرم بين أعداء محتملين عكس الأحلاف.

3. قد يتخذ التحالف أشكالاً رسمية مثل الائتلاف والانحياز:

أ. الائتلاف: وهو تعاون دولتين أو أكثر دون اتفاق رسمي، ويمثل استخدام مشترك للقدرات لتحقيق هدف معين متفق عليه.

ب. الانحياز: وهو تشابه سلوك دولتين أو أكثر، نتيجة التنسيق فيما بينها، على الرغم من عدم وجود اتفاق رسمي.

4. أسباب اتباع سياسات التحالف:

أ. ردع العدو.

ب. السعي إلى زيادة القوة.

ج. حسابات توازن القوى.

د. الهيمنة والسيطرة على المتحالفين.

هـ. حسابات متعلقة بالسياسات الداخلية في الدول المتحالفة.

و. حسابات الهيبة والمكانة الدولية.

5. تصنيف الأحلاف:

أ. من حيث قانونية علاقة التحالف:

(1) تحالفات رسمية.

(2) تحالفات غير رسمية.

ب. من حيث عدد الأعضاء في الحلف:

(1) أحلاف ثنائية.

(2) أحلاف جماعية.

ج. من حيث الهدف من التحالف:

(1) أحلاف دفاعية.

(2) أحلاف هجومية.

د. من حيث مدة سريان التحالف:

(1) أحلاف مؤقتة.

(2) أحلاف دائمة.

هـ. من حيث سرية وعلانية التحالف:

(1) أحلاف علنية.

(2) أحلاف سرية.

و. من حيث درجة التكافؤ للمتحالفين:

(1) أحلاف متكافئة.

(2) أحلاف غير متكافئة.

ز. من حيث توقيت قيام الحلف:

(1) أحلاف وقت السلم.

(2) أحلاف وقت الحرب.

ح. من حيث الجوار الجغرافي:

(1) أحلاف دول متجاورة جغرافياً.

(2) أحلاف دول متباعدة جغرافياً.

ط. من حيث توافق أو تعارض المصالح للحلفاء:

(1) أحلاف تخدم أهدافاً متطابقة.

(2) أحلاف تخدم أهدافاً متكاملة.

ي. من حيث دواعي قيام التحالف:

(1) تحالفات تعزيزية.

(2) تحالفات وقائية.

(3) تحالفات إستراتيجية.

(4) تحالفات تخدم أهداف أيديولوجية.

ك. من حيث محدودية أو عمومية التحالف:

(1) أحلاف ذات أهداف عامة.     

(2) أحلاف ذات أهداف محددة.

6. دورة حياة الحلف:

أ. مرحلة النمو: وتعقب قيام الحلف وتنامي قدراته، في محاولة لاكتساب مزيد من الأعضاء، لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.

ب. مرحلة التدهور: وتسبق انتهاء التحالف بصورة رسمية، ويحدث انسحاب بعض الدول، أو تراجعها عن الإيفاء بالتزاماتها وانخفاض المشاركة.