إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (27 ديسمبر 2008 ـ 17 يناير 2009)




نتائج قصف صاروخ القسام
مجزرة السبت الأسود
معبر رفح البري
انصهار القذائف الفسفورية
شاحنات تحمل الفولاذ المقسم
قادة قمة الكويت

أسلوب القتال في المناطق السكنية

مناطق رماية صواريخ المقاومة
أعمال القتال من 3 – 5 يناير 2009
أعمال القتال جنوب قطاع غزة
أعمال القتال شمال ووسط قطاع غزة
قطاع غزة



الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

مقدمة

الهجوم على قطاع غزة، أو مجزرة غزة، أو عملية "الرصاص المصبوب"، كما أطلق عليها الجيش الإسرائيلي؛ أو "معركة الفرقان"، كما أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، هي عملية عسكرية ممتدة شنتها إسرائيل على قطاع غزة، منذ 27 ديسمبر 2008 حتى 17 يناير 2009، ولمدة 22 يوماً متواصلة، استخدمت فيها إسرائيل معظم ترسانتها العسكرية، وأحدث الذخائر المحرمة دولياً، استخداماً مفرطاً.

بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية ـ اللبنانية، في يوليه 2006، وما أسفر عنها من دروس مستفادة وتوصيات، وما جاء في توصيات تقرير لجنة فينوجراد (2007/2008)، قامت إسرائيل بإعداد قواتها العسكرية وجبهتها الداخلية لحرب مقبلة مع المقاومة الفلسطينية، في غزة. وقامت بالتخطيط للعملية، في منتصف عام 2008. وصدق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، في 18 ديسمبر 2008، من دون حسبان لاتفاق التهدئة مع الأطراف الفلسطينية (19 يونيه – 19 ديسمبر 2008).

إن حالة الحرب الدائمة، التي يعيشها قطاع غزة، والتحضيرات الإسرائيلية لحرب كبرى مقبلة، دفعت المقاومة إلى اتخاذ حيطتها طبقاً للإمكانيات والوسائل المتيسرة، لإعداد وتدريب وتسليح قواتها؛ لتتحول في معظمها إلى منظمات شبه عسكرية. وكان واضحاً خلال الحرب مشاركة جميع الفصائل الفلسطينية الكبيرة والصغيرة، بما فيها أجنحة عسكرية تابعة لحركة "فتح"؛ إلا أن العبء الأكبر تحملته حركة "حماس". وعلى الرغم من ضعف إمكانيات وقدرات المقاومة في غزة، إلا أنها تمكنت من إدارة معركة دفاعية محدودة، حرمت الجانب الإسرائيلي تحقيق أهدافه.

انخرطت إسرائيل في الحرب، لترتكب العديد من المجازر وعمليات القتل والتدمير والإفناء لأرض غزة. وكان اليوم الأول للعملية الجوية الإسرائيلية، هو الأكثر دموية من حيث عدد الضحايا الفلسطينيين في يوم واحد منذ عام 1948. فقد أودت الغارات الجوية بأكثر من 200 فلسطيني. وجرحت أكثر من 700 آخرين. ثم توالت المجازر الإسرائيلية على القطاع، في غياب أيّ قوة رادعة، توقف جرائم الحرب الإسرائيلية.

إن المشاهد الدبلوماسية المكوكية: العربية والدولية؛ والمطالبات: السياسية والدبلوماسية، بوقف العدوان، لم تردع العدوان الإسرائيلي. وقد بذلت الجماعة العربية في مجلس الأمن، يوم 8 يناير 2009، جهوداً دبلوماسية مضنية، لإصدار قرار دولي منصف؛ إلا أنها تمخضت بالقرار الرقم 1860، الذي لم يحقق الطموحات الفلسطينية أو العربية. ولم تلتزم به إسرائيل ولا المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إلى أن أعلنت تل أبيب بشكل مفاجئ وقف العمليات العسكرية من جانب واحد، في 17 يناير. وأتمت انسحابها يوم 21 يناير 2009. وقد وافقت المقاومة الفلسطينية كذلك على وقف العمليات بشكل منفصل.

وكان لافتاً ومثيراً قسوة العدوان وهمجيته، والصور التي تناقلتها وسائل الإعلام عن القتلى والدمار والخراب الذي حل بقطاع غزة، والتي حركت المظاهرات الحاشدة والغاضبة في أكثر من بلد عربي وإسلامي وأوروبي. بعضها وقف مسانداً للشعب الفلسطيني، ومندداً بالعدوان الإسرائيلي والأطراف المساندة له. والبعض الآخر متهماً بعض الأطراف العربية بالتقصير أو التواطؤ أمام الأزمة؛ ليتم اختزال الأزمة من أزمة قضية وعدوان، إلى أزمة معبر على الحدود المصرية ـ الفلسطينية في رفح.

انقسمت الساحتان: الفلسطينية والعربية، بين رؤى متباعدة حول العديد من القضايا المرتبطة بالأزمة؛ لتضع الرأي العام في جدل واسع بين الرأي والرأي الآخر، أو بين مؤيد لهذا أو معارض لذاك، ولكلّ أسبابه المقنعة؛ لتضيف انقساماً آخر كان موجوداً من قبل حول الخلافات والاتفاقات الفلسطينية، وأزمة معبر رفح، وقضية النصر والهزيمة ومن انتصر في هذه الحرب، وقضية أخطاء المقاومة من عدمها في قطاع غزة، وظاهرة العملاء على الساحة الفلسطينية.

كانت الأدوار الخارجية، عربياً وإقليمياً ودولياً، أدواراً متفاوتة للتعامل مع الأزمة. فثمة من دَعَّم المقاومة ودان العدوان، أو العكس. وهناك من تحرك لفرض المسار الدبلوماسي؛ على أساس أنه الوسيلة الوحيدة للتعامل مع الأزمة، والسعي لفرض التهدئة، أو تحقيق الوفاق الفلسطيني. وأطراف أخرى تحركت في إطار توظيف الأزمة لتحقيق مصالحها: الوطنية والإقليمية. إلا أن نقطة اتفاق الأدوار الخارجية تركزت حول القضية الإنسانية في غزة، وتناسي مختلف الأطراف جذور المشكلة في القضية السياسية للشعب الفلسطيني.

كان واضحاً استمرار الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها اللاعب الرئيسي في الأزمة، في سياستها السابقة بضرورة اعتراف المقاومة الفلسطينية بإسرائيل، والاتفاقيات السابقة، ووقف العنف؛ ليُسمح لها بالانخراط في العملية السياسية والاقتصادية والمالية، والتعامل معها، أيْ بما يعني العودة إلى المربع الأول للأزمة الفلسطينية ـ الإسرائيلية.

بدأ العدوان وانتهى. وجلب حقائق جديدة على الأرض، أبرزها وضوحاً حجم هائل من الدمار والخراب في القطاع المنكوب، ومعاناة إنسانية لا حدود لها؛ فارضاً قضية إعادة الإعمار لمعالجة الحالة الإنسانية، التي أمست قضية عاجلة على حساب بحث القضية الفلسطينية، التي يُحتمل، وليس مؤكداً، النظر فيها بعد سنوات مقبلة.