إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / اضطرابات معرفية









اضطرابات معرفية

اضطرابات معرفية

يسعى الفرد إلى أن يحيا حياة هانئة ترفرف عليها السعادة، ويسودها التكيف والتوافق النفسي، مع ذاته والآخرين. لذا، فالتوافق، كعملية، هو الطرق التي يستخدمها الفرد للتعامل مع المواقف المختلفة، ومواجهة المطالب المتعددة. والتوافق بهذا المعنى يكون مرهوناً بمستوى نمو الوظائف النفسية، كالإدراك، والتذكر، والقدرة على السيطرة على دوافع الفرد وتوجيهها الوجهة الملائمة والمناسبة.

ومن هنا، فإن اضطرابات الشخصية، بصفة عامة، تُعد نمطاً غير توافقي لإدراك الفرد وتواصله وتفكيره في بيئته، وفي نفسه. وهذا النمط قد يعطل الوظائف العقلية والنفسية، ويثير القلاقل لكل من الفرد ولمن حوله. إنها أنماط سلوكية عميقة الجذور ومستمرة، تظهر في شكل استجابات غير مرنة، في المواقف الخاصة والاجتماعية المتنوعة، وتعكس انحرافات ذات دلالة ومميزة عن سلوك الشخص العادي، في ثقافة بعينها، سواء كان هذا السلوك عقلياً أو انفعالياً أو اجتماعياً. وهذه الأنماط من السلوك مُدعمة بأشكال متعددة، من السلوك والأداء الاجتماعي للفرد في جميع الأحوال، وإن كان بعضها مصحوباً بدرجات متفاوتة من الضيق الذاتي، واختلال الأداء الاجتماعي.

إن اضطرابات الشخصية، سواء كانت اضطرابات ذات طابع وجداني، أو ذات طابع معرفي، إنما تعبر عن درجة من عدم السوية، وهي انحراف عما هو طبيعي، وحالة مَرضِية تضر بالفرد وبالمجتمع. ويمكن تصور العلاقة بين السواء وعدم السواء بأنها علاقة كمية على شكل خط متصل، أحد قطبيه السواء بينما قطبه الآخر هو عدم السواء، وأن لدى كل منا درجة تضعنا على نقطة معينة على هذا الخط المتصل؛ فبعضنا يقع بالقرب من قطب السواء، وغالبيتنا تقع في منتصف ذلك الخط المتصل، وقليل منا يقع بالقرب من عدم السواء. وهذا الأخير هو الذي يعاني من الاضطراب الوجداني، أو المعرفي.

أولاً: معايير السواء وعدم السواء

السؤال الذي يفرض نفسه إذاً، ما هي معايير السوية وعدم السوية؟

مفهوم السواء وعدم السواء مفاهيم نسبية، كما لا يوجد حد قاطع بين ما هو سوي وما هو شاذ، أو غير سوي. ففي كل مجموعة كبيرة من الأفراد لا نستطيع أن نقول، بقدر كبير من الثقة، "هذا سوي" أو "هذا شاذ"، إلا إذا كان الشذوذ واضحاً تماماً. وقد حاول الباحثون وضع مجموعة من المعايير، التي يمكن الاستناد إليها في تحديد ما هو سوي أو غير سوي.

1. المعيار الذاتي

يتخذ الفرد من ذاته إطاراً مرجعياً يرجع إليه في الحكم على السلوك بالسوية أو عدمها؛ فمقارنة أداء الطفل المتأخر عقلياً خلال مراحل نموه، يوضح مقدار تخلفه.

2. المعيار الاجتماعي

يتخذ من مسايرة المعايير الاجتماعية أساساً للحكم على السلوك بالسوية أو عدمها؛ فالمتوافق مع جماعته سوي، أما غير المتوافق فهو غير سوي؛ وكذلك ضعيف الانتباه المفرط في النشاط فهو غير سوي.

3. المعيار الإحصائي

يتخذ المتوسط والمنوال أو الشائع معياراً يمثل السوية. وتكون عدم السوية هو الانحراف عن هذا المتوسط، بالزيادة أو النقصان؛ فالطفل الذي يقل ذكائه عن 90 يُعتبر متخلفاً عقلياً؛ لأن الشائع أن الشخص متوسط الذكاء تكون نسبة ذكائه بين 90 و110.

4. المعيار المثالي

تُعد السوية هي المثالية أو الكمال أو ما يقرب منه؛ وعدمها هي الانحراف عن المثل الأعلى أو الكمال.

وإذا كانت هذه هي أنواع المعايير، التي تُستخدم للحكم على السواء وعدمه، فالسؤال: ما المؤشرات التي تستند إليها هذه المعايير.

ثانياً: مؤشرات السواء وعدم السواء

1. تحقيق الذات واستغلال القدرات

يظهر ذلك واضحاً في فهم الشخص لنفسه، مع التقييم الواقع الموضوعي للقدرات والإمكانيات والطاقات، وتقبل نواحي القصور، وتقبل الحقائق المتعلقة بالقدرات، تقبلاً موضوعياً، وكذلك تقبل الفروق الفردية واحترام الفروق بين الأفراد، وتقدير الذات حق قدرها، واستغلال الطاقات والإمكانات، إلى أقصى حد ممكن، ووضع أهداف ومستويات طموح وفلسفة حياة، يمكن تحقيقها، وإمكان التفكير والتقرير الذاتي وتنوع النشاط وشموله، وبذل الجهد في العمل والشعور بالنجاح فيه والرضا عنه، والكفاية والإنتاج.

2. القدرة على مواجهة مطالب الحياة

يظهر ذلك في النظرة السليمة الموضوعية للحياة ومطالبها ومشكلاتها اليومية، والعيش في الحاضر والواقع، والبصيرة والمرونة الإيجابية في مواجهة الواقع، والقدرة على مواجهة احباطات الحياة اليومية، وبذل الجهود الإيجابية من أجل التغلب على مشكلات الحياة وحلها، والقدرة على مواجهة معظم المواقف التي تجابه الفرد، وتقدير المسؤوليات الاجتماعية وتحملها، وكذلك تحمل مسؤولية السلوك الشخصي، والترحيب بالخبرات والأفكار الجديدة.

3. الفعالية

يصدر عن الشخص السوي، عادة، سلوك أدائي وسيلي فعال؛ سلوك موجه نحو حل المشكلات والضغوط بالمواجهة المباشرة لمصدرها، واتخاذ الأساليب الإيجابية، التي تقوي من وسائل التغلب على التوترات والمخاوف. ويحاول هذا الشخص الوصول إلى الأهداف، على الرغم من التوترات، حين تكون للأهداف قيمتها وأهميتها.

4. الكفاءة

ويستخدم الشخص السوي طاقاته من غير تبديد لجهوده. وهو من الواقعية بدرجة تمكنه من أن يتبين المحاولات غير الفعالة، والعقبات التي لا يمكن تخطيها، والأهداف التي لا يمكن بلوغها. ويبدو أن موارد الطاقة الفعالة لديه كبيرة وكثيرة؛ لأنه لا يتبدد منها إلا القليل في مسارب القلق والهم الذي لا يتوقف، والفراغ الانفعالي.

5. الملاءمة

يتمتع الشخص السوي بالأفكار والمشاعر والتصرفات الملائمة؛ فإدراكاته تعكس الواقع، وأحكامه هي استنتاجات مستخلصة من معلومات مناسبة. أما الشخص غير السوي، فإنه يسيء تفسير البيئة، ويستخلص النتائج قبل أن يواجه الحقائق. كما أن تصرفاته توحي، أحياناً، بأنه لا يستجيب لواقع الظروف وحقيقتها. ويكون سلوك الشخص السوي ملائماً للظروف؛ فلا يبالغ في تقديرها أو يقلل من قيمتها، كما يكون ملائماً لسنه ومستوى نضجه.

6. المرونة

الشخص السوي قادر على التكيف والتعديل، وحين يواجه صراعاً أو إحباطاً يلتمس الوسائل، التي تساعده على حل المشكلات، بدلاً من الجمود على استخدام وسائله القديمة. ومن عناصر المرونة التي يتميز بها الشخص السوي، الرغبة في التعلم وفي التغيير. والتكيف هو أن ينحني المرء كما ينحني ساق النبات في مهب الريح، وأن يطفو فوق الموجة العاتية التي تهدده، وأن يلتمس النفق الذي يمر به خلال الجبل، بدلاً من اعتلاء قمته.

7. الفاعلية الاجتماعية

تقوم حياة الإنسان على التفاعل الاجتماعي بينه وبين الآخرين، والشخص السوي يشارك في ذلك إلى أبعد حد، ويتصل بالآخرين في غير اتكالية مفرطة عليهم، أو نفور أو انسحاب مفرط منهم. ويكون السوي على درجة من الحساسية والمشاركة الوجدانية، تجعله يستجيب لمطالب الآخرين وحاجاتهم، ويتقبلهم بوصفهم ذوات مستقلة. وأخيراً، يكون قادراً على أن يتمتع بصحبة الآخرين، وفي الوقت نفسه قادراً على أن يخلو إلى نفسه.

8. الاطمئنان إلى الذات

يتصف الشخص السوي بتقديره الواقعي لذاته، دون إفراط أو تفريط، وإدراكه لقيمتها. كما يكون كذلك مرتكزاً على تقدير واقعي لنواحي ضعفه، إضافة إلى جوانب القوة لديه، وعلى منزلته التي يستطيع بلوغها. فهو يدرك حقيقة نفسه ويتقبلها، ولو أدرك ضرورة التغيير لوجد في عملية التغيير هذه أمراً له دوافعه الداخلية، وأمراً موجهاً من ذاته. كما أن اتجاهاته نحو ذاته تتصف بالدقة، في مفهوم الذات والوعي بها.

وأخيراً، تُعد الشخصية بمثابة مجموعة من الخصائص الذاتية المميزة للفرد، سواء أكانت خصائص معرفية عقلية، أو وجدانية انفعالية، وأن اضطرابات الشخصية هي أنماط غير سوية للتوافق، تؤثر في إدراكات الفرد وتواصله وتفكيره، سواء في بيئته، أو في نفسه. وتؤدي هذه الأنماط إلى تعطيل الوظائف وإثارة القلاقل، لكل من الفرد ولمن حوله. وتتباين الاضطرابات في شدتها وحدتها، وقد تكون هذه الاضطرابات معرفية أو وجدانية، إلا أن هذا لا يُفقد الشخص وحدته الكلية.

ثالثاً: أنواع الاضطرابات المعرفية

يمكن تقسيمها وتصنيفها في فئتين، هما:

·       اضطرابات معرفية، تؤدي إلى تشويه الواقع.

·      اضطرابات معرفية، لا تؤدي إلى تشويه الواقع.

1. نماذج لاضطرابات معرفية تؤدي إلى تشويه الواقع

تندرج هذه الاضطرابات تحت ما يُعرف بالاختلالات الذهانية، التي تتصف بانعدام استبصار الفرد لحالته المرضية، وباضطراب عميق في القدرة على تقدير الواقع، وبانحلال الشخصية وتفككها. ومن الاضطرابات المعرفية في هذه الفئة:

أ. اختلالات الإدراك

(1) الهلاوس: هي إدراكات حسية لا يقابلها مُثير خارجي، وهي قد تكون سمعية تتضمن الضوضاء أو الموسيقى أو الأصوات التي تتحدث في بذاءة أو بصورة ودية. وقد تصدر أصوات الهلاوس الأوامر للمريض، أو تُنزل عليه الوحي، أو توجه إليه الاتهام، أو تتحدث وتشي بما يفعله. وقد تكون الهلاوس بصرية، كأن يرى الشخص أنماطاً منظمة من الألوان أو الكتابة بخط اليد على الحائط. أما الهلاوس الشمية والتذوقية واللمسية، فإنها أقل شيوعاً وانتشاراً.

(2) اختلالات للإحساسات السوية: قد تقع في أي قناة من القنوات الحسية. فقد تظهر الأشياء للبصر أصغر حجماً مما هي في حقيقة الأمر، أو قد تبدو الأصوات وكأنها آتية من مسافة بعيدة ساحقة، أو قد يشعر المرء بأن أجزاء من جسده قد اختلفت في الحجم.

ب. اختلالات التفكير

(1) الاحترارية: تتضمن الاشتغال المفرط بالأوهام والأخيلة، اشتغالاً لا يصححه التفات إلى الواقع، أو الحقيقة. عندئذ ينغمس الشخص في حياته الداخلية الخاصة، بحيث لا يعنيه ما حوله من الوقائع أو الحقائق إلا قليلاً.

(2) الهذاءات: معتقدات يتشبث بها المريض، فلا يتحول عنها، وإن لم يكن لها أساس من الواقع، ويتقبل المريض الهذاءات بدرجة من الشدة تجعلها أكبر من أن تكون معتقدات خرافية فقط، بل ويدافع عنها في وجه الأدلة المضادة القوية. وللهذاءات أنواع متعددة؛ منها أفكار الإشارة، التي تتضمن الاعتقاد بأن الآخرين إنما يقصدون المريض ويشيرون إليه، أو بأن كل واقعة تحدث لها ارتباط به؛ ومنها هذاءات الاضطهاد، وفيها تكون الإشارات مصحوبة بنغمة التهديد؛ ومنها هذاءات العظمة، التي يعتقد فيها المريض بأن له مواهب غير طبيعية، أو بأنه على درجة كبيرة من الأهمية.

(3) تشوش عملية التفكير: وتتدخل فيها عناصر غريبة. فقد تصطدم الأفكار بالسدود، بمعنى أن تتوقف فجأة سلسلة من الأفكار لتبدأ بعدها سلسلة أخرى. أو قد تُصاب الأفكار بالكف والتعطيل، ويعتريها البطء إلى درجة أن تصبح عملية التفكير جهداً شاقاً مضنياً. أو قد تزداد سرعة الأفكار إلى حد أن تتبع الفكرة غيرها من الأفكار الأخرى، في تتابع سريع، بحيث لا يكون بين هذه وتلك سوى أوهى الارتباطات وأضعفها.

2. نماذج لاضطرابات معرفية لا تؤدي إلى تشويه الواقع

أ. التخلف العقلي

تُستخدم مصطلحات متعددة للإشارة إلى هذا الاضطراب. فلقد أُطلق عليه مصطلح "الضعف العقلي" و"النقص العقلي" و"الإعاقة العقلية" و"قليل العقل". وتوجد عدة مسميات تعبر عن النقص العقلي، الذي يرجع أساساً للوراثة. ومن هذه المسميات: "العته العائلي المطلق" و"النقص العقلي العائلي". أما النقص العقلي الثانوي، الذي يرجع إلى عوامل ومؤثرات قبل ولادية، أو صدمة الميلاد، أو ظروف مبكرة بعد الولادة، فيُطلق عليه "الأنماط الإكلينيكية للنقص العقلي".

وقد اختلفت تعريفات التخلف العقلي، وفقاً لمجالات تخصص الباحثين والدارسين؛ فيرى، مثلاً، أصحاب التعريفات الطبية بأنه حالة ناجمة عن عدم اكتمال النمو، خاصة في الجهاز العصبي، أو إصابة المراكز العصبية. أي أن أصحاب التعريف الطبي يعتمدون في تعريفهم للتخلف العقلي على وصف سلوك المتخلف عقلياً، في علاقته بإصابة عضوية أو قصور في وظائف الجهاز العصبي المركزي، والمتصل بالأداء العقلي، بطريقة أو بأخرى، بحيث تكون الإصابة ذات درجة واضحة للتأثير على ذكاء الفرد.

أما أصحاب التعريفات الاجتماعية، فيرون أن التخلف العقلي هو افتقار المتخلف عقلياً للصلاحية الاجتماعية، أو الكفاءة الاجتماعية، والمعاناة من حالة عدم التكيف.

بينما أصحاب المنظور التربوي يرون أن التخلف العقلي هو: أداء عقلي أقل من متوسط أداء الأقران، في العمر نفسه بدرجة دالة، ويكون مصحوباً بقصور في السلوك التكيفي، يؤثر على أداء الطفل التعليمي.

وثمة تعريف أكثر شمولاً يحدد التخلف العقلي بأنه: عجز عقلي يتميز بنواحي قصور واضحة، في كل من الوظائف العقلية وفي السلوك التكيفي، الذي يُعبر عنه في مهارات التكيف العملية والإدراكية. وهذا العجز ينشأ قبل الثامنة عشرة.

خصائص المتخلفين عقلياً: للتخلف العقلي درجات متفاوتة، كالآتي:

(1) المعتوه: تكون نسبة ذكائه أدنى من 25.

(2) الأبله: وتراوح نسبة ذكائه بين 25 – 50.

(3) المورون: وتراوح نسبة ذكائه بين 50 – 75.

(4) بطيء التعلم (المتأخر دراسياً): تراوح نسبة ذكائه بين 75 – 90.

ولما كان للتخلف العقلي فئات متفاوتة في درجة الذكاء، انعكس ذلك على خصائص المتخلفين عقلياً، على النحو التالي:

·   لا يستطيع الطفل المتخلف عقلياً الوصول في نموه التعليمي، إلى المستوى، الذي يصل إليه الطفل الطبيعي، كذلك فإن النمو العقلي للطفل المتخلف عقلياً، يكون أبطأ في معدله عن معدل نمو الطفل الطبيعي، وفي مستوى ذلك النمو، ولذلك يوجد تباين بين عمر الطفل وأدائه العقلي. فقد يصل عمره إلى 18 سنة، بينما يكون أداؤه العقلي عند مستوى 10 أو 11 سنة.

·   يعاني المتخلف عقلياً من قصر مدى الانتباه، ومن القابلية العالية للتشتت، ويحتاج إلى محفزات خارجية لإثارة انتباهه. ويترتب على ذلك ضعف المثابرة في المواقف التعليمية، وصعوبة تحديد المتخلف للمتغيرات، أو الأبعاد المرتبطة بالمهمة المطلوب تعلمها.

·  يُعد ضعف الذاكرة وسرعة النسيان، من أهم الخصائص العقلية للمتخلف عقلياً، ولا سيما الذاكرة قصيرة الأمد، التي تتعلق بالمقدرة على استرجاع الأحداث والمثيرات، استرجاعاً فورياً. وقد يرجع ذلك إلى ضعف الانتباه للمثيرات والقدرة على تخزينها واسترجاعها، إضافة إلى قدرته المحدودة على الملاحظة، واستخدام إستراتيجيات تعلم ملائمة للتذكر.

ب. اضطراب الانتباه

الانتباه عملية عقلية تُعد من المراحل الأولى اللازمة للإدراك، أي أنه تأهب للإدراك، إنه تركيز للعقل أو الشعور على مثيرات معينة. إنه حالة من الوعي الشعوري مصحوبة بوضوح حسي، واستعداد الجهاز العصبي المركزي للاستجابة للمثيرات. إنه الاختيار النشط لعنصر من عناصر الخبرة المعقدة، مع التركيز عليه وحصر الأشياء التي يستجيب لها الكائن. ويعني ذلك استمرار الوجهة الإدراكية لمثير معين، دون باقي المثيرات.

وللانتباه عناصر ثلاثة أساسية، هي:

·       مستوى الاستثارة، أي العمليات التي تحدد مستوى التيقظ (الوعي) والترقب لدى الكائن.

·      انتقاء المثير، أي العمليات التي تحدد ماهية العناصر ذات التأثير السائد على السلوك.

ويرتبط بالعنصرين السابقين عنصر ثالث، وهو السعة المحدودة لنظام تجهيز المعلومات في الذاكرة.

(1) اضطراب ضعف الانتباه، ومن خصائصه:

·       الفشل في إعطاء الانتباه الكامل للتفاصيل.

·       صعوبة استمرار الانتباه للمهام، أو أداء الأنشطة.

·       عدم الإنصات عند التحدث معه مباشرة.

·       وعدم إتباع، غالباً، التعليمات والفشل في إنهاء المهام الدراسية الروتينية، أو الواجبات.

·       صعوبة تنظيم المهام والأنشطة.

·       تجنب أو كراهية المشاركة في المهام، التي تتطلب جهداً عقلياً مستمراً.

·       افتقاد أشياء ضرورية لأداء المهام والأنشطة.

·       سهولة تشتت الانتباه، بواسطة مثيرات خارجية.

·       نسيان الأشياء خلال أنشطته اليومية.

(2) اضطراب ضعف الانتباه، مع فرط النشاط، ومن خصائصه:

·       قصر فترة الانتباه، وقلة القدرة على استمرار الانتباه.

·       انخفاض المقاومة للإحباط.

·       الاندفاع الشديدة، ونقص القدرة على التحكم الذاتي.

·       انخفاض القابلية للتشكيل، أو تعديل السلوك.

·       سرعة الاستثارة.

·       انخفاض مفهوم الذات.

·       ارتفاع مستوى النشاط بصورة غير مقبولة اجتماعياً.

·       عدم القدرة على إقامة علاقات اجتماعية طيبة، لأنه لا يحسن التعامل مع الآخرين.

·       مستوى غير ملائم من النشاط لموقف معين ينتج عنه القيام بعديد من الحركات العصبية، التي توحي بالقلق والعصبية.

·       نقص القدرة على كف الاستجابة.

وقد صُنفت اضطرابات الانتباه في ست فئات، هي:

(1) مفرط النشاط: وأُطلق عليه النوع التقليدي، ويتسم بفرط النشاط الحركي، ويسيئون التصرف، عادة، كما يمارسون سلوك التحدي والعناد ضد كل من يمثل السلطة.

(2) غير المنتبه: ويتميز بالسهو وعدم الاهتمام للأشياء من حوله، والاستغراق في أحلام اليقظة، وكثرة النسيان، والإهمال، ونادراً ما يحدد لنفسه أهدافاً يسعى نحو تحقيقها؛ بل ومن الصعب عليه تحقيق أو تنفيذ تلك الأهداف، أو المهام.

(3) شديد التركيز: ويتصف بشدة التركيز على الروتين اليومي، ويكون لديه اتجاه للسلوك القهري، ويصعب عليه الانتقال من نشاط إلى آخر، لانزعاجه الشديد من عدم إكمال النشاط الأول.

(4) المندفع: ويميل إلى التسرع والعدوانية والعصبية والانزعاج لأتفه الأسباب، وتقلب المزاج والأفكار السوداوية، ويصعب عليه تعلم الكتابة.

(5) التعيس الخامل: ويتميز بمجموعة من الأعراض تشبه أعراض الاكتئاب، مثل الشعور باليأس وانخفاض الطاقة والسلبية.

(6) النوع المختلط: وتظهر عليهم أعراض مختلطة، من الأنواع الخمسة السابقة.