إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث السادس

الشخصية "Character"

تُعد الشخصيات من أهم العناصر المؤثرة في العمل، بل هي الوسيلة الأولى، غالباً، لسرد القصة ونقل الأفكار وجذب انتباه المشاهد واهتمامه. فالأحداث، مهما عظم شأنها، تظل عارية من أي قيمة حقيقة إذا لم تتأثر، بإحساس الناس ومشاعرهم. ومن هنا تأتى ضرورة العناية بالشخصية واختيار وتحديد السمات اللازمة لها، دون زيادة تؤدى إلى تشويش، أو نقص يؤدي إلى خلل، ما لم تكن الزيادة أو النقص مقصودين فنياً.

وعلى كاتب السيناريو أن يعرف شخصيات القصة بصورة كافية، ومن خلال أبعادها الثلاثة، تُعد الهيكل الأساسي لبناء الشخصية.

يقول الفليسوف برجسون عن الشخصية: "إن الكثيرين ليتوهمون أن الإنسان من خلق عوامل خارجية، كالوراثة أو الطّابع الفسيولوجي أو الجنس أو البيئة أو المجتمع، ولكن كل هذه العوامل ليست سوى مواد ستخلق منها الإرادة الحاكمة ذاتها الخاصة، أو شخصيتها الفريدة".

والمقصود بالشخصية هنا، الشخصية الوراثية، فقد تكون البداية وجود شخصية طبيعية شدت الكاتب إليها، ورأى أن يستثمرها في عمله. فعليه أن يبحث فيها ويعايشها ويدرسها في هذا الإطار. فمثلاً إذا صادفت في الحياة شاباً يحب التظاهر، وما يحتمله ذلك من وضعه في مواقف محرجه تؤدى إلى نهاية أليمة، ورأيت أنه يصلح لأن يكون محور عمل فني، فمن منطلق هذه السمة التي جذبت انتباهك، لابد أن تبحث عن الدوافع نحو ذلك، وأمامنا طريقان: إما أن نغوص في حياة هذا الشاب ـ بالذات ـ ونتقصى ونتحرى حتى نعرف كل شيء عنه، ودراسة الأسباب الوراثية والبيئية والنفسية، أو الأحداث الخاصة به، مع الوضع في الاعتبار رؤية الكاتب ووجهة نظره، أو نتخذ طريقاً آخر وهو أن تتخير له البيئة التي نرى أنها الأنسب لتشكيل دوافعه، ومن ثم تُختار كل العناصر والسمات الأخرى التي تؤكد وتعمق رؤية الكاتب ومزاجه، وفي الإطار المحدد الذي اختاره، وهذا ما يُسمى معايشة الشخصية.

ومنذ اللحظة الأولى يتم تحويل الشخصية شيئاً فشيئاً إلى شخصية درامية. ولابد من معايشة الشخصية في إطار فكرة ما، قد تتولد من الشخصية، أو من خيال كاتب السيناريو، أو من أي مُعِدٍ آخر.

وتتوالى المعايشة في إطارين: إطار الشخصية، وإطار الفكرة، وما يتبع ذلك من إيجاد شخصيات أخرى بالضرورة، حتى يسفر الأمر عن إستراتيجية واضحة تكمّلها فكرة أساسية واضحة، وفي كل ذلك يؤخذ الممثل في الاعتبار.

وليس معنى ذلك أن نعايش الشخصية، في حدود السمات والدوافع المستخدمة والمتوائمة مع الفكرة، ولكن علينا أن نراها ونعايشها في دائرة أوسع. وكلما اتسعت الدائرة، ازددنا معرفة بالشخصية، مع عدم المضي بعيداً عن الإطار المناسب الذي تم اختياره، بل يجب أن تكون هناك نقطة حاكمة في مدى الاتساع. وهكذا نكتسب الفكر الدرامي منذ اللحظة الأولى، فلا تشويش ولا متاهات ولا تغلغل في الموازين، ومع ذلك يجب أن يكون هناك منهج عملي، يساعد على تحديد سمات الشخصية بدرجاتها وأنواعها المختلفة.

أولاً: اختيار السمات الأساسية (العامة) للشخصية:

1. السمة البيولوجية (أو التصنيفية):

وهي الخطوة الأولى، وتعني اختيار جنس الشخصية، رجلاً أم امرأة أم طفلاً، إنساناً أم حيواناً، وهذا أبسط أنواع الاختيار. ولكن لا بد أن يتم بوعي، لمدى تأثيره على العمل، فالمفروض أن تقوم الشخصية بفعل ما، أو تُعبر عن فكرة ما، مثل أن تتزعم عصابة لتهريب المخدرات، أو القيام بعمل فدائي، أو الدفاع عن حقوق المرأة، وهل ستكون الشخصية رجلاً أو امرأة ؟ الأمر يختلف بطبيعة الحال في التناول الفني، وفي التأثير على الجماهير. ويأتي التساؤل في الاختيار: ما الأفضل للقصة، أن يتحقق الإنقاذ بأن تقتل التابع الفتي الأمين الشرير، أم يقوم بالمهمة كلب أو حصان البطلة، الذي يحبها.

وهذا الأمر يقود إلى ذكر "التشخيص"، وهو أن يُعطى للحيوان أو للجماد سمه إنسانية أو تعبير إنساني، وهي طريقة ذات جاذبية بالنسبة للعمل، مع ما يتبعها من أفعال وردود أفعال تتناسب مع السمة، دون أن يُدخلنا ذلك في دائرة التكلف المرفوض.

2. السمة المادية:

وهي تلي الاختيار السابق، وتحدد خلالها الملامح العامة للشخصية، دون صرامة لا مبرر لها، وعادة لا يتم اللجوء إلى سمات خاصة، إلا إذا كانت القصة تستلزم ذلك، كأن تُحدد عاهة أو تشوهات محددة مثل الشلل أو الطول أو القصر أو البدانة أو الصوت الرفيع.. وهكذا.

ومن نافلة القول اختيار الممثل المناسب لتحقيق هذه الرؤية.

ومن ثم تجب المرونة في تحديد السمة المادية، ليس فقط بالنسبة للإنسان، بل للحيوان أيضاً، وعموماً فإنه لن يحدث أن يتخيل الكاتب السمات المادية لشخصياته، ثم يتحقق تماماً خياله عند التنفيذ، فمهما كانت براعة التنكر (المكياج) فلكل شئ حدوده، التي لا يتخطاها.

3. سمة الطبع العام للشخصية:

ويتعين أن يُحدد الطبع العام للشخصية، بما يناسب أحداث القصة وما يجعلها جيدة، بما يُعطى للشخصية من مهام وأعباء، وما يكون في ذلك من توافق أو تناقض بين الشخصيات، مما يخدم مسار الحدث، ويدفع به إلى الأمام. ويساعد الطبع العام على يسر تفهم الشخصية، والتوقع السليم لاستجابتها للمواقف المختلفة. ويجب التدقيق في اختيار هذه السمة، فمهما أعطيت الشخصية من سمات أخرى مساعدة، فإن سمة الطبع العام هي التي تحمل العبء الأكبر في تقدم الحدث، وهي في أغلب الأحوال السمة، التي يتوحد معها المُشاهد (الهيكل)، أو يتخذ موقفاً مضاداً منها للشرير؛ وهي في أغلب الأحوال، أيضاً، السمة التي تعيش مع المشاهد بعد انتهائه من مشاهدة العمل، ولكنها على الرغم من ذلك لا تكفي ـ للشخصيات الرئيسية بنوع خاص ـ لإعطاء الحيوية وإيهام الواقع. وبصفة عامة، فمن الأفضل تقديم الأسباب التي أدت إلى سمة الطبع العام، خاصة إذا كانت غير معتادة، (مثل كراهية النساء)، وكلما كانت السمة غريبة وشاذة استوجب الأمر العناية بتقديم المسببات، مع مراعاة التقسيم الهندسي للزمن، ومراعاة ألاّ يُقدم للمشاهد إجابة عن تساؤل لا يطرحه، ولا يرغب في الإجابة عنه.

كما يجب الحذر من تعطيل الفعل لزمن طويل، بغرض تقديم سمات الشخصية، بل من الأفضل دائماً أن يمضى الفعل في طريقه دون توقف، وتقديم سمات الشخصيات أثناء ذلك بصورة طبيعية بسيطة، مثل أن ينظّم أحدهم أوراقه أثناء مناقشة مهمة، بما يفهم منه أنه إنسان منظم، أو يسارع أحدهم أثناء الحدث بإشعال سيجارة لآخر، فيعبر أسلوبه عندئذ عن أنه إنسان مهذب أو منافق. ويجب ألا يُنسى المظهر ومكان العمل، بل وطريقة تعامل الآخرين مع الشخصية وحديثهم عنها ـ أثناء الفعل ـ لنعرف جانبا من سماتها. كما أن التكرار ضروري للتأكيد على هذه السمات، فلا يعني أنها حركه عابرة، أنها لا تعبر عن سمة خاصة. فالمهم أنه بمحصلة السمات الثلاث السابقة، يمكن الخروج بالجانب الثابت للشخصية، الذي يُعطي مؤشراً واضحاً لموقفها.

4. سمة الدوافع المحركة للشخصية:

تُعد الخطوة الأولى من الناحية الديناميكية للشخصية، أو الخطوة الأولى في التحقيق الدرامي، أي إلى الدوافع المحركة، (لدواعي التيسير ترد كلمة (دوافع) فقط للتعبير عن دوافع الشخصية مصحوبة بإرادة التنفيذ، التي تحيلها إلى قوة محركة أو سلوك واضح).

ويمكن أن تُعّرف الدوافع بأنها "القوة الدافعة في داخل الإنسان، كرغبات أو أفكار أو حالة عضوية أو انفعالية، التي تحثه وتحرضه على أن يفعل شيئا ما" أو "هي الاعتبارات والموضوعات، التي تؤثر في اختيار الإنسان أو تحرضه على فعل ما".

وقد تكون الدوافع غائية (أو أخلاقية) لتحقيق هدف معنوي، كتحقيق العدالة الاجتماعية، أو للحصول على جائزة محددة، أو تكون الدوافع (وسائلية)، مثل اختيار أنسب الأسلحة وطرق التحصين للدفاع، أو اختيار طريقة معينة لفضح الفساد.

وبطريقة أبسط لملاحظة الفرق بين نوعى الدوافع، نجد أن هناك دافعاً غائياً أو أخلاقياً لقتل فلان، لأنه اعتدى على عرض الشخصية مثلاً.

أما الدافع السائلي فهو الذي يدفع إلى اختيار وسيلة معينة للقتل لإخفاء معالم جريمة القتل، أو لتحقيق أكبر قدر من تعذيب القتيل. وفي العادة قلَّ أن يخلو عمل من نوعّى الدوافع، وإن اختلفت النسب بينها تبعاً لنوع القصة.

وتنشأ الدوافع، بصفة عامة، من الغرائز أو الانفعالات أو الفعل، وفي الحالة الأولى يكون السلوك لا واعياً تقريباً، مثل تلبية احتياجات الجوع أو العطش أو الألم.

والانفعال: "هو عبارة عن انفعال فسيولوجى للشخصية من حالة اتزان بدني، إلى حالة نشاط ذاتي جديد، بسبب تعرضها لأحاسيس قوية مثل " الخوف، الفرح، الحزن، الرغبة، الحب، الكراهية، الغضب، المفاجأة".

ومن الضروري أن نعمل دائماً على إثارة الانفعال لدى الشخصية، بمواجهات أو ظروف أو مواقف، وبالطريقة الكافية لإثارة انفعالها، فتتحقق الاستجابة لهذه الإثارة تبعاً لنوعها وقوتها وسمات الشخصية، وتتولد رغبات ودوافع السلوك المناسب الذي تدفع إليه بإرادة التنفيذ نتيجة للانفعال.

ويُلاحظ أن الدوافع التي تنشأ عن مثل هذه الانفعالات هي موضعية ونصف واعية، إذ إِنّ فيها قدراً كبيراً من التلقائية.

وهناك نوع آخر من الدوافع: فعندما يهدأ الانفعال، يزداد نشاط الفعل، وتتحول الدوافع والرغبات المرحلية إلى هدف، أو أهداف بعيدة، وتصبح هي الدوافع الفعلية، التي تحرك الشخصية عن وعى كامل بها، وبما يعقب ذلك من وضع الخطط والمضي في العمل لتحقيقها. كما أن هذه الدوافع العقلية، قد تنشأ عن تراكمات لأسباب اجتماعية، كأن يكون البطل من أسرة ذاقت ألوان الفقر، فيتكون لديه الدافع لاقتحام الصعاب بحثاً عن الثروة، وقد تختص الدوافع بالعمل ككل أو بجزء منه، وهذا النوع يعتبر الدوافع المحركة الأساسية في العمل الفني، التي يجب أن يكون المشاهد على علم بها، كما يفضل أن تكون شخصيات العمل على علم بها أيضاً.

وبهذا تكون الشخصية قد وضعت في الإطار الديناميكي، بتهيئة مثيرات الانفعال، وتوليد الرغبات والدوافع والهدف والخطة والفعل والصراع، وفي كل ذلك ينبغي ألاّ تُهمل السمات الثلاث السابق الإشارة إليها، أو ما يمكن أن يُسمى السمات الاستاتيكية أو الثابتة للشخصية.

5. سمة التدبر، أو المداولة، أو التروي:

تختلف هذه السمة في الشخصية الواحدة، تبعاً للدوافع والأحداث، فهي تأخذ حيزاً صغيراً في حالة الدوافع الانفعالية المرحلية نصف الواعية، ولكنها تأخذ حيزاً أكبر في حالة الدوافع العقلية، أو الأهداف البعيدة. وهي تختلف كماً ونوعاً من شخصية إلى أخرى، كما أنها في العادة تأخذ حيزاً أكبر من القرارات الأخلاقية، بمعنى هل تفعل الشيء أو لا تفعله؟ وتأخذ حيزاً أصغر من القرارات الوسائلية، أي كيف تفعل؟.

ولأهمية هذه السمة، فلابد أن تأخذ حيزاً كافياً ومقنعاً من العمل، يتناسب طردياً مع أهمية دور الشخصية وأهمية الحدث، ولكن يجب أن نؤخذ في الاعتبار إمكانات اللغة السينمائية، وما تستطيع أن تنقله الكاميرا بتركيز شديد، من نظرة عين أو حركة يد تعبر عن عمق التدبر. وأن تتأكد في كل الحالات أن الأمر لا يقف عند فهم المشاهد لقيام الشخصية بالتدبر فقط، ولكن يجب أن تشركه في الإحساس والمشاركة فيه، أي أن نجعل المشاهد يعيش الأزمة مع الشخصية، ثم يأتي القرار في الوقت المناسب.

6. سمة اتخاذ القرار:

تُعد أكثر السمات تعبيراً عن الشخصية، إضافة إلى أنها تُعطي أكبر الأثر في مسار العمل، وهو اتخاذ القرار وتنفيذه.

والقرار هو الذروة، صغيرة كانت أم كبيرة، ويعقبه، بالضرورة، تغير صغير أو حاسم، ويجب أن تكون القرارات مبنية على، أو منسجمة مع، كل السمات المعروفة، وإلاَّ فسوف تُقابل بالاحتجاج والرفض من المشاهد، بل قد يتسبب قرار واحد خاطئ في إهدار المصداقية، ومن ثم رفض العمل بالكامل.

وبطبيعة الحال، فالحديث عن اتخاذ القرار، يعني أن يكون ذلك مصحوباً بتنفيذه، وأغلب القرارات تكون دائماً بطبيعتها مصحوبة بالسلوك، أو يتعذر توضيحها من غير السلوك. وحتى في الحالات التي نذكر فيها القرار أولاً ثم يأتي تنفيذ بعد ذلك، فمن المستحسن أن يُعرّف بالقرار عند تنفيذه، حتى يُحتفظ بذروة قوية، باعتبار التنفيذ من أهم اللحظات في الأعمال الفنية، التي تستحوذ على قدر كبير من اهتمام المشاهد، وتركيزه في المشاهدة.

ويجب أن يكون واضحاً في الأذهان، أن اتخاذ القرارات أمر يشيع أثناء العمل، ولا يخلو منه عمل فني على الإطلاق، إلا أنه توجد أعمال تعتمد في بنائها الأساسي ونتيجتها، على اتخاذ قرار مهم معين، وهو في الأغلب قرار أخلاقي، ويمكن أن تُسمى "قصص القرار". وهناك أعمال أخرى تعتمد أساساً على تحقيق غرض محدد (مثل تدمير هدف حربي)، ويمكن أن تُسمى قصص (تحقيق الهدف)، وفيها يكون القرار وسائلياً في الأغلب.

وعموماً فليس من الضروري بحث وإعطاء كل السّمات السابقة لجميع شخصيات العمل، إذ قد يُكتفي بسمة أو اثنتين لبعض الشخصيات الهامشية، وكلّما ازدادت أهمية الشخصية، لزم أن تُعطي معظم أوكل السمات المذكورة.

وهناك سمات أخرى من المفيد أن تتحلى بها الشخصيات الرئيسية، ومثال ذلك:

أ. قوة الإرادة:

وهي تعني الإصرار، الذي لا يتزعزع عن تحقيق الهدف الرئيسي، وعدم التحول عنه مهما كان شعور الشخصية بالأخطار والتهديد واحتمالات الفشل.

والمشاهد يميل دائماً إلى متابعة الأبطال ذوى الإرادة القوية، والعزيمة التي لا تتزعزع، ويفضل الشخصية التي تصر على تحقيق هدفها.

ب. الذكاء:

لا شك أن الذكاء من السِّمات المرغوبة جداً بالنسبة للشخصيات عموماً وللشخصيات الرئيسية على وجه الخصوص، والذي يشكل عنصراً هاماً بالنسبة للبطل والخصم على السواء، وهو يجعل الصراع بينهما مشوقاً ومثيراً ومتكافئاً. وليس من المفترض أن نشترط أن تكون الشخصية المحورية على ذكاء خارق، مما يحيلها إلى شخصية فوق مستوى البشر، فمثل هذه الشخصية يصعب التوحد معها وتهدد العمل الفني.

ج. المكانة المميزة:

وهي تختص أساساً بالبطل، أو بالشرير، بين أقرانه، وتعتمد كثيراً على السمتين السابقتين، وليس المقصود بالمكانة المميزة أن يكون البطل، أو الشرير، ذا مركز مرموق في الحياة، وإنما تعني أن يكون أكثر أقرانه إيماناً بمعتقداتهم وأهدافهم المشتركة، بل قد يرى تحقيقها مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، ولا يحيد عنها أبداً مهما مر به من ألام أو أخطار أو مرارة أو هزائم، أو حتى لحظات ضعف أو شك.

د. الجاذبية:

وتعني جاذبية الشخصية، كما كتبها الكاتب. وتلعب أساليب تفرد الشخصية دوراً مهماً في تحقيق الجاذبية، إلى جوار سماتها الأخلاقية، كما تلعب ردود أفعال الشخصية دوراً مهماً في ذلك، إذ يبدو عليها الإعجاب بما هو محبب ومحترم، كما يبدو عليها البغض والكره، لما هو خلاف ذلك. ويزيد من جاذبية الشخص أن يكون أقرانها، أو بعضهم على الأقل، متمتعين أيضاً بقدر كبير من الجاذبية.

وقد يلجأ الكاتب إلى تحقيق الجاذبية للشخصية عن طريق العنف الشديد، أو القسوة الشديدة، مع ما فيها من إثارة الرعب لدى المشاهد في بعض الأحيان، دون إعطاء الشخصية أية سمة محببة، أو تصرف مقبول، وقد يكون ذلك عاملاً مؤثراً في تحقيق الجاذبية لدى المُشاهد، الذي يرغب في مشاهدة مثل هذا النوع من المواقف.

هـ. العلاقات مع الآخرين:

سواء من ناحية الكم أو النّوع، فمن ناحية الكم، نحتاج إلى علاقات كافية مع الآخرين، لإظهار سمات الشّخصية والتعبير عن آمالها وآلامها، وتوضيح ما نريد توضيحه في المواقف والظروف المختلفة. التي تسمح بها هذه العلاقات. والبطل بنوع خاص يحتاج إلى المزيد من العلاقات المنوعة بالآخرين، بحكم أهمية دوره ومساحته الزمنية الكبيرة، وتشابك علاقاته، ولا يكفي أن ننظر إلى هذه العلاقات من ناحية الكم والعدد فقط، ولكن يجب أن تشتمل هذه العلاقات على العناصر الدرامية الضرورية، بما فيها من تأثير وتأثر وتنوع وصراعات وأزمات، تدفع بالحدث إلى الأمام.

و. الوضوح والمصداقية:

في كل ما سبق يجب أن يكون، ما يُتوخى في رسم الشخصية واضحاً في العمل، وليس في ذهن الكاتب فقط، وعليه أن يراجع ذلك دائماً.

ويُقصد بالمصداقية، مصداقية العمل والشخصية، وليس مصداقية الحياة. ومن المفضّل عند رسم الشخصيات أن تُعطى قدراً كافياً من مشابهة الواقع، فهذا يقّربها إلى سرعة الفهم، والتقبل عند المشاهد.