إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة التجارة العالمية (WTO)





الهيكل التنظيمي




المبحث السادس عشر

المبحث السادس عشر

المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية (مؤتمر سياتل)

عُقد المؤتمر الوزاري الثالث لمنظمة التجارة العالمية في مدينة سياتل Seattle، في ولاية واشنطن، في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 3 ديسمبر 1999. وقد تولت رئاسته الدولة المضيفة.

أولاً: هدف المؤتمر

تمثل الهدف الأساسي لهذا المؤتمر في التوصل إلى اتفاق على إعلان، يتضمن بدء المفاوضات، مع بداية عام 2000، في موضوعَي التجارة في السلع الزراعية والتجارة في الخدمات؛ إضافة إلى اشتماله على قرارات، تستهدف حل ما عانيه تنفيذ بعض اتفاقيات جولة أوروجواي؛ علاوة على احتوائه موضوعات جديدة، يمكن أن تطاولها الجولة الجديدة من المفاوضات.

ولكن المؤتمرين لم يتفقوا على الإعلان المزمَع، فاضطرت رئاسة المؤتمر إلى اختتامه، على الأسس التالية:

1. بدء المفاوضات، مع بداية العام المقبل، في مزيد من تحرير تجارة السلع الزراعية والتجارة في الخدمات؛ كما كان قد تقرر في اتفاقيات جولة أوروجواي.

2. مبادرة مدير عام المنظمة إلى الاتصال بمختلف الوفود؛ سعياً إلى استئناف عقد المؤتمر الوزاري الثالث، في أقرب وقت ممكن، في مقر المنظمة، في جنيف، لاستكمال العمل، والبناء على أيّ تقُّدم، تحقق في الاجتماع الحالي.

3. تكليف المدير العام بحث سبل وأساليب جديدة للتفاوض، تكفل أكبر قدر من الشفافية والمشاركة في عملية التفاوض الفعلية.

ثانياً: أسباب عدم الاتفاق على إعلان سياتل

حالت دون الاتفاق على إعلان سياتل أسباب شتّى: موضوعية وتنظيمية.

1. الأسباب الموضوعية

أ. فشل المتفاوضين في جنيف، في التوصل إلى اتفاق على مشروع إعلان، يُرفع إلى المؤتمر الوزاري، ويتضمن أقلّ قدر من نقاط الخلاف.

ب. صعوبة الموضوعات المطروحة وتعقيدها، والاختلاف الشديد فيها؛ مثل: موضوع الزراعة، والموضوعات الجديدة، ومسائل التنفيذ.

ج. فقدان المؤتمرين الرئيسيين نية النزول عن بعض مواقفهم، والوصول إلى حلول توفيقية.

د.  إحساس الدول النامية بالعجز عن تحمُّل مزيد من الالتزامات الإضافية.

2. الأسباب التنظيمية

أ.        الملابسات التي أحاطت بالمؤتمر، وخاصة التظاهرات، التي عرقلت انعقاده في يومه الأول؛ وإحساس بعض الدول بأن الدولة المضيفة، قد حاولت تسخير ذلك للضغط على مختلف الوفود، في شأن موضوعات معايير البيئة ومعايير العمل.

ب. الانتقاد على إدارة المؤتمر، وأسلوب تنظيم العمل، غياب عنصر الشفافية، وحرمان  معظم الوفود، وخاصة الدول النامية، فرصة المشاركة في اتخاذ القرار.

ج. قصور المدة الزمنية للمؤتمر عن استيعاب الموضوعات المطروحة.

ثالثاً: موضوعات مؤتمر سياتل وقضاياه

طُرح العديد من الموضوعات والقضايا على مؤتمر سياتل، أمكن تناوُلها، من خلال تكوين جماعات عمل، توزعت الانفراد:

  • بالزراعة.
  • بالمسائل المتعلقة بنتائج جولة أوروجواي.
  • بالموضوعات الجديدة المقترح التفاوض فيها.
  • بالوصول إلى الأسواق.
  • بالمسائل المؤسسية.
  • بمعايير العمل.

كما كوَّنَتْ رئاسة المؤتمر جماعة محدودة العضوية، قوامها 23 دولة، تتصدى للموضوعات المطروحة كافة؛ محاولة تذليل الاختلافات، واستنباط حلولها.

وفي ما يلي استعراض لموضوعات المؤتمر

1. الزراعة

يُعدّ موضوع الزراعة واحداً من أكثر الموضوعات تعقيداً، بين موضوعات التفاوض كافة (وهو الموضوع الذي عطل جولة أوروجواي)؛ إذ إن القطاع الزراعي قطاع شديد التأثر؛ فضلاً عن بقائه خارج قطاع الجات لفترة طويلة؛ إضافة إلى الاختلاف الأساسي فيه، هو بين أكبر قوَّتَين اقتصاديتَين وتجاريتَين، هما: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. ولم يمكن، في مرحلة الإعداد للمؤتمر، في جنيف، تحقيق أيّ تقدم في موضوع الزراعة؛ ولذا، أعيد طرح النقاط الخلافية كافة على المؤتمر، والتي تتمثل في:

أ. هدف المفاوضات النهائي.

ب. الوصول إلى الأسواق.

ج. الدعم المحلي، ودعم التصدير ونسب التخفيض.

د. المسائل غير التجارية (التعددية الوظيفية للزراعة).

هـ. المعاملة الخاصة، والتفضيلية، للدول النامية.

ولقد نجم الاختلاف عن تنازع اتجاهَين رئيسيَين مختلفَين لموضوع الزراعة:

الاتجاه الأول:      تمسك بأن يكون الهدف النهائي هو:

أ. إدماج قطاع الزراعة إدماجاً كاملاً في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية، ومعاملة السلع الزراعية معاملة السلع الصناعية.

ب. الإزالة الكاملة لدعم التصدير.

ج. تحقيق زيادة جازية في فرص الوصول إلى الأسواق، من خلال إزالة العوائق: الجمركية و غير الجمركية، أو تخفيضها.

د. معالجة المسائل غير التجارية، من خلال سياسات، لا تؤدي إلى تشويه التجارة.

وقادت هذا الاتجاه الولايات المتحدة الأمريكية والدول المنتجة والمصدرة الرئيسية للسلع الغذائية، مثل: أستراليا، وكندا، ونيوزيلندا، ودول أمريكا اللاتينية، وبعض الدول الآسيوية.

الاتجاه الثاني: رأى أن قطاع الزراعة، تخالف طبيعته طبيعة القطاعات الأخرى؛ ولذا، فيجب أن لا يكون الهدف النهائي للمفاوضات، هو إخضاع المنتجات الزراعية للقواعد نفسها، التي تخضع لها المنتجات الأخرى. كما رفض الإزالة الكاملة لدعم التصدير. وتشبث بمراعاة المسائل غير التجارية، مثل: حماية البيئة، والأمن الغذائي، وتطوير المناطق الريفية. وتزعم هذا الاتجاه الاتحاد الأوروبي، وأيده كلّ من اليابان، وكوريا، وسويسرا، والنرويج.

وقد أمكن، خلال المفاوضات، تضييق الفاصل بين الاتجاهَين؛ إلا أن كلاًّ منهما، أرجأ إعلان موقفه النهائي، انتظاراً لما ستسفر عنه المناقشات في الموضوعات الأخرى، غير الزراعية.

2. الخدمات

أعلنت اتفاقية جولة أوروجواي، "بأن جولة جديدة من المفاوضات، ستبدأ مع عام 2000"؛ ولذا، اتُّفِق، أثناء الإعداد لمؤتمر سياتل، على العناصر الأساسية، والإطار الخاص بالمفاوضات؛ واستطراداً، لم يشهد هذا الموضوع نقاطاً خلافية ذات مغزى.

3. العراقيل دون مقرَّرات جولة أوروجواي

أََوْلَت الدول النامية هذا الموضوع اهتمامها، وصممت على أن يتعرض إعلان سياتل لعدة جوانب، من أهمها:

أ.  صعوبات في تنفيذ بعض الاتفاقيات، تتطلب تمديد الفترة الانتقالية في الجوانب التجارية، المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية TRIPs، والجوانب التجارية المتصلة بالاستثمار TRIMs، والتقييم الجمركي.

ب. افتقار بعض الاتفاقيات إلى التوازن، يستدعي تعديل بعض أحكامها، وخاصة تلك المتعلقة بمكافحة الإغراق، والدعم، والتجارة في المنسوجات والملابس.

ج. قصور بعض الاتفاقيات عن معالجة بعض الموضوعات مثل: قواعد المنشأ، وإجراءات الصحة والصحة النباتية، والزراعة، والعوائق الفنية للتجارة...

وقد اتسم عدد من الدول النامية بالمرونة، إذ قدَّمَت المسائل الملِحة، المتعلقة بالتنفيذ، على تلك الأقل إلحاحاً؛ ليتخذ المؤتمر إجراءات محددة في شأن أولاهما، وتؤجل الثانية إلى ما بعده، لِتُبَت خلال عام.

ولكن الولايات المتحدة الأمريكية، رفضت أيّ تعديل لاتفاقيات مكافحة الإغراق، والدعم، والمنسوجات. غير أنها لم تتشدد في تمديد الفترات الانتقالية، في اتفاقيتَي الاستثمار، والتقييم الجمركي؛ شريطة أن يكون ذلك على أساس حالة بحالة؛ إضافة إلى مبررات قوية تستلزمه. كما أشارت إلى أنها تعمل، حالياً، مع عدد من الدول، على إتاحة فرص جازية لصادرات الدول الأقل نمواً وزيادة قدرات تلك الدول.

وفي المقابل، كان الاتحاد الأوروبي أكثر تساهلاً، وخاصة في شأن اتفاقية المنسوجات. كما أعلن تأييده للتفاوض في تعديل بعض أحكام اتفاقيات: مكافحة الإغراق، والدعم، والعوائق الفنية للتجارة، والجوانب التجارية المرتبطة بالاستثمار، والاتجار الحكومي، والاتفاقيات الإقليمية، والجوانب البيئية. كما أعلن مبادرة، تعفي صادرات الدول الأقل نمواً من الرسوم الجمركية.

أمّا اليابان، فقد ركزت في تعسف بعض الدول في اتخاذ إجراءات مكافحة الإغراق وسيلة حمائية؛ وأكدت ضرورة تحسين أحكام تلك الاتفاقية.

وعلى الرغم من تحقيق بعض التقدم في مناقشة مسائل التنفيذ، إلا أن الموضوع ما زال أحد الموضوعات الخلافية.

4. الوصول إلى الأسواق

وقد شملت المناقشات الموضوعات التالية:

أ.  مشمول المفاوضات ونطاقها.

ب. هدف المفاوضات، وحجم تخفيض الرسوم الجمركية.

ج. الإجراءات غير الجمركية، مثل قواعد المنشأ، نُظُم التراخيص، إجراءات الوقاية...

وقد أظهرت المناقشات إمكانية تحقيق تقدم مهم في هذا الموضوع؛ إذ إن معظم الدول النامية، المعارِضة للتفاوض في تخفيض التعريفة الجمركية، قد تخلت عن معارضتها.

5. الموضوعات الجديدة

وتشمل الموضوعات، التي كانت قد طُرحت في مؤتمرَي المنظمة الوزاريَّين الأولَين: مؤتمر سنغافورا ومؤتمر جنيف؛ إضافة إلى ما طُرح أثناء مرحلة الإعداد للمؤتمر الوزاري الثالث، مؤتمر سياتل.

ولكن الوقت، ضاق عن مناقشة المؤتمر تلك الموضوعات كافة؛ فاقتصر منها على ما يلي:

أ. التجارة والاستثمار

صمم الاتحاد الأوروبي، يؤيده عدد من الدول المتقدمة وأخرى من تلك التي دخلت مرحلة التحول إلى اقتصادات السوق (الدول الاشتراكية سابقاً)، على بدء التفاوض في اتفاقية تنظيم العلاقة بين التجارة والاستثمار، في إطار منظمة التجارة العالمية، خلال جولة المفاوضات المقبلة.

لم تأنس الولايات المتحدة الأمريكية بالتصميم الأوروبي. أمَّا الدول النامية، فقد آثر معظمها استكمال الدراسة والعمل التحليلي، في إطار جماعة العمل، التي سبق إنشاؤها لهذا الغرض؛ على أن يُعرَض ما توصلت إليه على المؤتمر الوزاري الرابع، ليقضي بالتفاوض في هذا الموضوع أو عدمه.

ب. التجارة وسياسات المنافسة

التفاوض في اتفاقية، تضبط هذا الموضوع، في إطار منظمة التجارة العالمية، هو أحد مطالب الاتحاد الأوروبي، وبعض الدول المتقدمة. وتعارضه الدول النامية، التي ترى استمرار عملية الدراسة والتحليل، في إطار جماعة العمل، المؤلفة لهذا الغرض؛ على أن يُعرَض ما تسفر عنه على المؤتمر الوزاري الرابع.

ج. الشفافية في المشتريات الحكومية

تُوْلي الولايات المتحدة الأمريكية هذا الموضوع أهمية بالغة، إذ كانت، في البداية، مصممة على التوصل إلى اتفاقية في هذا الموضوع، أثناء مؤتمر سياتل. أمّا الاتحاد الأوروبي، فقد تجاوز فطموحه ذلك؛ فسعى إلى تضمين الاتفاقية المزمَعة أحكاماً خاصة بالوصول إلى الأسواق؛ على أن يُدرَج هذا الموضوع في جولة المفاوضات الجديدة.

ورأى بعض الدول النامية استكمال المناقشة، في إطار جماعة العمل، المكونة لهذا الغرض؛ وعرض النتائج على المؤتمر الوزاري الرابع. ووافق بعضها الآخر على الدخول في مرحلة التفاوض، في الجولة المقبلة.

وقد أظهرت المناقشات، أن دعاة الدخول في مرحلة التفاوض، وعرض الاتفاقية، التي يسفر عنها المؤتمر الوزاري الرابع، لإقرارها ـ هم الأوفر حظاً.

د. التجارة الإلكترونية

كاد الاتفاق يكون تاماً على ما يمكن أن يتضمنه إعلان سياتل، من تمديد العمل بالبرنامج، الذي أعلنه المؤتمر الوزاري الثاني (إعلان جنيف)؛ وعدم فرض رسوم على الرسائل الإلكترونية، قبْل المؤتمر الوزاري الرابع.

هـ. معايير العمل

طالما اشتد الاختلاف في هذا الموضوع، بين رئاسة المؤتمر (الولايات المتحدة الأمريكية)، الراغبة في تأليف جماعة عمل، من دون عرض الأمر على اللجنة الجامعة؛ وبين الدول النامية، الرافضة لإنشاء تلك الجماعة، في إطار منظمة التجارة العالمية، لمناقشة هذا الموضوع؛ لأنه ليس من اختصاص المنظمة الآنفة؛ وإنما تختص به منظمة العمل الدولية. وقد أحبط ذلك الاختلاف عدداً من الاقتراحات. واضطر الدول النامية إلى قبول حل توفيقي، قوامه تأليف جماعة عمل، في إطار البنك الدولي؛ ويشارك فيها منظمات أخرى، مثل: منظمة العمل الدولية، والمنظمات ذات الصلة في الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية؛ ويُحال ما تتمخض به إلى الجهات المشاركة كافة.

ولم يتسع الوقت للتطرق إلى كثير من الموضوعات، أو لتناولها بالعمق المطلوب؛ فلا بدّ من العودة إليها، عند استئناف المؤتمر. ومن أهمها:

أ.  المبادئ التي تحكم المفاوضات المقبلة

(1) إقرار نتائج المفاوضات، بصفتها صفقة واحدة، تطبق على أعضاء المنظمة.

(2) الشفافية في المفاوضات.

(3) التوازن والعدالة في النتائج.

(4) الأهداف التنموية.

(5) المعاملة الخاصة والتفضيلية...

ب. هيكل المفاوضات وتنظيمها

(1) الجهاز المشرف على المفاوضات.

(2) لجان التفاوض.

(3) دور لجنتَي التجارة والتنمية والتجارة البيئية.

(4) مراجعة نصف المدة.

(5) إقرار النتائج...

ج. مراجعات بعض الاتفاقيات

(1) اتفاقيات حقوق الملكية الفكرية.

(2) الاستثمار...

د. التفاوض في أحكام بعض الاتفاقيات، أو قواعد المنظمة

(1) الاتفاقيات الإقليمية.

(2) الاتجار الحكومي.

(3) الدعم.

(4) الإغراق.

(5) قيود ميزان المدفوعات.

(6) الصناعات الناشئة...

هـ. جماعات مرغوب في إنشائها

(1) التجارة والتمويل.

(2) التجارة والمديونية.

(3) نقْل التكنولوجيا؛ وتطالب به الدول النامية.

(4) جماعة العمل الخاصة بالبيوتكنولوجي؛ وتطالب بها الدول المتقدمة.

و. موضوع تسهيل التجارة.

ز. خطة العمل الخاصة بالدول الأقل نمواً.

وهكذا، أثار معظم الموضوعات، في مؤتمر سياتل، اختلافاً حاداً، بين المؤتمرين، كان واحداً، من أسباب فشل ذلك المؤتمر.