إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة التجارة العالمية (WTO)





الهيكل التنظيمي




المبحث الخامس عشر

المبحث الخامس عشر

المؤتمران الوزاريان لمنظمة التجارة العالمية، قبْل سياتل

عُقد، قبْل مؤتمر سياتل، مؤتمران وزاريان، في إطار منظمة التجارة العالمية: الأول في سنغافورا، والثاني في جنيف.

أولاً: المؤتمر الأول (مؤتمر سنغافورا)

يُعَدّ المؤتمر الوزاري الأول لمنظمة التجارة العالمية، الذي عُقد في سنغافورا، في ديسمبر 1996، هو أول عمل وزاري، تضطلع به المنظمة، منذ بداية عملها، في الأول من يناير 1995.

1. هدف المؤتمر

كان الهدف الأساسي للمؤتمر هو الوقوف على مدى تنفيذ الدول التزاماتها في إطار منظمة التجارة العالمية؛ وكذلك تقييم السياسات التجارية متعددة الأطراف.

2. موضوعات المؤتمر

أ. التجارة والبيئة

بادرت الدول، المتدقمة إلى المؤتمر الوزاري الأول، في سنغافورا، إلى مناقشة العلاقة بين التجارة والبيئة؛ مستهدفة التوصل إلى اتفاقية متعددة الأطراف، تنظم العلاقة الترابطية بينهما، وتضع معايير بيئية معينة، تُلزم جميع الأطراف. ولكن الدول النامية، اعترضت على مناقشة هذا الموضوع؛ خشية أن يكون ذلك محاولة لإعادة إحياء الإجراءات الحمائية، أحادية الجانب، التي يمكن أن تتخذ تلك المعايير وسائل حمائية مستترة، وتسخِّرها لتقييد التجارة بما يكبح تدفّق صادرات الدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة.

ب. التجارة وسياسة المنافسة

تضمن الإعلان، الصادر عن المؤتمر الوزاري الأول لمنظمة التجارة العالمية (إعلان سنغافورا)، إنشاء جماعة عمل، تدرس موضوع التجارة وسياسات المنافسة، ومدى الحاجة إلى اتفاقية متعددة الأطراف، في إطار منظمة التجارة العالمية؛ فوفَّق بين مطالبة الاتحاد الأوروبي بذلك، تؤيده بعض الدول النامية، من جهة؛ والفتور الأمريكي، والمعارضة القوية لمعظم الدول النامية، من جهة أخرى.

ج. إجراءات تسهيل التجارة

اقترح الاتحاد الأوروبي على المؤتمر الوزاري في سنغافورا اتفاقية متعددة الأطراف، تتضمن إطاراً عامّاً من القواعد والترتيبات، التي تستند إلى مبادئ جات 1994 وقواعدها، والاتفاقيات ذات الصلة بمنظمة التجارة العالمية؛ لعلها تقلص وتخفف الإجراءات كافة، المتعلقة بالتجارة بين الأعضاء؛ وتساعد على تعرُّف أساليب تذليل المعوقات: الإدارية والبيروقراطية، من خلال إحداث التجانس اللازم في تبويب المستندات والوثائق ونشر البيانات التجارية. ولكن معارضة الدول النامية لهذا الاقتراح، قصرت اتفاق المؤتمرين على إنشاء جماعة عمل، في إطار المنظمة، تتولى تحليل هذا الموضوع ودراسته، وتأثيراته في الدول المعترضة.

د.    التجارة والاستثمار

طلب عدد من الدول المتقدمة، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، التفاوض في موضوع التجارة والاستثمار، من خلال منظمة التجارة العالمية؛ تمهيداً لبلورة إطار دولي متعدد الأطراف، يشتمل على القواعد الضابطة للاستثمار الأجنبي المباشر، بما يخدم أهداف المنظمة. غير أن اختلاف الدول: المتقدمة والنامية، في هذا الموضوع، حَمَلَها على الاكتفاء بتكوين جماعة عمل، في إطار المنظمة، تقرر إمكانية التفاوض فيه.

هـ. التجارة ومعايير العمل

سعت الدول المتقدمة إلى إدراج معايير العمل في مهام منظمة التجارة العالمية. وقد نص إعلان سنغافورا على أن منظمة العمل الدولية، هي المنظمة المختصة بمناقشة الموضوعات كافة، المتعلقة بمعايير العمل.

وقد رفضت الدول النامية كلّ محاولات الدول المتقدمة، سواء المباشرة وغير المباشرة، لطرح هذا الموضوع على جدول أعمال منظمة التجارة العالمية. وكان آخر المحاولات اقتراح الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء جماعة عمل، في إطار المنظمة، تختص بدراسة العلاقة بين التجارة ومعايير العمل. ثم تداركت اقتراحها، فارتأت إنشاء جماعة عمل، تدرس العلاقة بين التجارة ومستويات المعيشة؛ مع تضمين ذلك ما يتعلق بمعايير العمل والحقوق الاجتماعية الأخرى (ما يعني توسيع نطاق الموضوع)؛ وهو الأمر الذي ترفضه الدول النامية كذلك.

و. الشفافية في المشتريات الحكومية

استحسنت الدول المتقدمة، في المؤتمر الوزاري الأول، في سنغافورا، التفاوض في هذا الموضوع؛ توطئة لاتفاقية متعددة الأطراف، في شأنه، في إطار منظمة التجارة العالمية. وقد رفضت الدول النامية هذا الاقتراح. ولكن الطرفَين اتفقا على تكوين جماعة عمل، داخل المنظمة، تدرس مدى الحاجة إلى اتفاقية للشفافية في المشتريات الحكومية؛ فضلا عن التفاوض فيها.

بيد أن الاختلاف في هذا الموضوع، لم يَحُلْ دون مبادرة الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، والاتحاد الأوروبي، وأستراليا، إلى تقديم نصوص مقترحة للاتفاقية. وكان أكثرها تشدداً اقتراح الاتحاد الأوروبي، وخاصة، في أحكام تسوية المنازعات، والتغاضي عن أهمية السياسات الوطنية للدول الأعضاء، والنفاذ إلى الأسواق. واتسم النص الأمريكي بأنه أكثر مرونة، باستثناء بعض فقراته الخاصة بتسوية المنازعات، وغموض بعضها الآخر.

3. إعلان مؤتمر سنغافورا (ديسمبر 1996)

في إطار المواقف المختلفة من موضوعات المؤتمر وقضاياه، صدر إعلان سنغافورا؛ وكان من أهم ما تضمنه:

أ. العمل على استكمال المفاوضات في بعض المسائل، التي يمكِن المفاوضات الخاصة بتحرير التجارة في الخدمات إكمالها.

ب. استمرار لجنة التجارة والبيئة في بحث المسائل، المتعلقة بالترابط بين تحرير التجارة والتنمية الاقتصادية وحماية البيئة.

ج. رفض تسخير معايير العمل للإجراءات الحمائية. وتفويض بحث هذا الموضوع إلى منظمة العمل الدولية.

د. التنفيذ الجاد لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية.

هـ. اتخاذ عدد من الإجراءات، التي تختض الدول الأقل نمواً بمعاملة تفضيلية.

و. إنشاء جماعات عمل، تدرس الموضوعات، التي اقترحت الدول المتقدمة بدء التفاوض فيها؛ تمهيداً للتوصل في شأنها، إلى اتفاقيات متعددة الأطراف، في إطار منظمة التجارة العالمية. وتبحث علاقة تلك الموضوعات بالتجارة؛ فضلاً عن صحة تناولها في إطار المنظمة المذكورة. وشملت تلك الموضوعات:

(1) التجارة والاستثمار.

(2) التجارة والمنافسة.

(3) الشفافية في المشتريات الحكومية.

(4) تسهيل التجارة.

ثانياً: المؤتمر الثاني (مؤتمر جنيف)

عقدت منظمة التجارة العالمية مؤتمرها الوزاري الثاني، في جنيف، في مايو 1998.

1. موضوعات المؤتمر

أ. التجارة الإلكترونية

تداول المؤتمرون موضوع التجارة الإلكترونية، واتفقوا على وضع برنامج عمل، يراعي الاحتياجات: الاقتصادية والفنية، للدول النامية؛ إضافة إلى عدم فرض رسوم جمركية على الرسائل الإلكترونية، ريثما تُكمِل لجان منظمة التجارة العالمية دراسة برنامج العمل، المشار إليه.

وقد تلخص موقف الدول المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، في ضرورة خضوع المنتجات الإلكترونية لمبادئ منظمة التجارة العالمية، وتقنين عدم فرض الرسوم الجمركية على الرسائل الإلكترونية، ريثما يُتَّفق على هذا الإعفاء.

أمّا الدول النامية، فقد تمثَّل موقفها في ما يلي:

(1)       ضرورة استمرار التفاوض في الموضوعات الخاصة بالتجارة الإلكترونية، ومتابعة دراستها، في إطار مجالس المنظمة ولجانها المختصة؛ إذ إن هذا الموضوع، يرتبط ارتباطاً وثيقاً باتفاقيات أخرى، مثل تجارة الخدمات.

(2) أهمية توفير الدعم: الفني والمالي، للدول النامية؛ لتمكينها من إنشاء بنية أساسية، تؤهلها للمشاركة في التجارة الإلكترونية.

(3) المضي في تنفيذ الإعلان الوزاري، الخاص بالتجارة الإلكترونية وخاصة ما يتعلق منه بعدم فرض رسوم جمركية على الرسائل الإلكترونية، إلى حين انعقاد المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية.

ب. تخفيض التعريفة الجمركية للسلع الصناعية

ساد المؤتمر اتجاه قوي نحو بدء جولة من المفاوضات في مزيد من تخفيض الرسوم الجمركية للسلع الصناعية. ويعارض هذا الاتجاه، حتى الآن، عدد محدود من الدول النامية؛ للأسباب التالية:

(1)  عجز التخفيضات، التي تضمنتها جولة أوروجواي، عن تحقيق فرص إضافية جازية، لوصول الدول النامية إلى الأسواق.

(2)  لجوء العديد من الدول المتقدمة إلى الإجراءات غير الجمركية، مخادعةً للتخفيض الجمركي.

(3) تعسف الدول المتقدمة في استخدام الإجراءات والقواعد، الخاصة بالتجارة العادلة (دعم، إغراق، وقاية... الخ)، وكذا العوائق الفنية للتجارة.

(4)  الأثر السلبي لانخفاض حصيلة الجمارك في قدرة الدول النامية على تنفيذ برامج التنمية.

(5)      انخفاض مستوى الرسوم الجمركية في الدول المتقدمة، لم يَخُل دون تطبيقها تعريفات عالية، ومتزايدة، تجاه الصادرات ذات الأهمية، بالنسبة إلى الدول النامية؛ ما عاق نفاذها إلى الأسواق.

ج. التناسق بين منظمة التجارة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى

لقد تمثل الإطار العام للمفاوضات في هذا الموضوع في ما يلي:

(1)  أهمية تحقيق التناسق، بين منظمة التجارة العالمية والمنظمات والوكالات الدولية الأخرى، ولا سيما الأنكتاد، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي؛ وهو الأمر الذي تضمنه الإعلان الوزاري، الصادر عن مؤتمر مراكش.

(2)      إمكانية استخدام هذا التناسق، حينما تبادر مؤسسات التمويل الدولية إلى دعم القدرات الذاتية للدول النامية، وتعزيز جانب العرض لديها.

(3)  الحاجة إلى المزيد من التناسق، بين منظمة التجارة العالمية وكلّ من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، على الرغم من الاتفاقَية بين الطرَفين، في شأن التعاون في مجال تبادل المعلومات، والسكرتارية، وحضور الاجتماعات، إلخ ....

د. الشفافية في عمل منظمة التجارة العالمية

نُوقشت الشفافية في مؤتمر جنيف، وتركزت المفاوضات في ما يلي:

(1)      التشجيع على توافر الشفافية في أعمال منظمة التجارة العالمية، من خلال الإسراع في إباحة المستندات المقيد توزيعها.

(2)      ضرورة الحفاظ على الطبيعة الحكومية لمنظمة التجارة العالمية.

(3)  رفض التفكير في تخويل المؤسسات غير الحكومية التدخل في عملية تسوية المنازعات، وإعداد جدول الأعمال للاجتماعات، إلخ ...

هـ. اتفاقيات التجارة الإقليمية

اتجه العالم، في التسعينيات من القرن العشرين، نحو اتفاقيات تجارية إقليمية، لتحرر التجارة في ما بين إقليم وآخر. وكان الموقف التفاوضي للدول النامية، يتمثل في ضرورة أن تتسق الاتفاقيات الإقليمية مع قواعد منظمة التجارة العالمية، ودعم النظام التجاري متعدد الأطراف، وعدم الإضرار بطرف ثالث (خاصة الدول النامية غير العضو). ومن ناحية أخرى، يتعين توافر المرونة للدول النامية، في مجال إبرام اتفاقيات تفضيلية وترتيبات إقليمية، تستهدف مزيداً من تحرير التجارة، ودعم عمليات التكامل والتنمية الاقتصادية، وذلك بمقتضى ما اتُّفق عليه خلال جولة طوكيو.

و. التجارة والتمويل

اقترحت الدول النامية، خلال المؤتمر، إنشاء جماعة عمل، في إطار منظمة التجارة العالمية؛ تدرس العلاقة بين النظام التجاري متعدد الأطراف ونُظُم التمويل والنقد المعمول بها حالياً؛ وذلك من خلال دراسة الموضوعات التالية:

(1)  حماية النظام التجاري متعدد الأطراف من الاختلالات: النقدية والمالية، الخارجية.

(2)  إضفاء مزيد من المصداقية على استمرار عملية التوسع في التجارة.

(3)  ضمان استفادة الدول الأعضاء، في هذا الإطار، من جهود التحرير كافة.

  وقد اعترض معظم الدول المتقدمة على هذا الاقتراح.

ز. التجارة والمديونية

رأت الدول النامية، أن يتضمن إعلان جنيف إنشاء جماعة عمل، في إطار منظمة التجارة العالمية، تدرس العلاقة بين التجارة والمديونية الخارجية للدول النامية؛ لتحديد مدى المساهمة المطلوبة من النظام التجاري متعدد الأطراف في التغلب على هذه المشكلة. وقد صَدّ معظم الدولة المتقدمة عن هذه الرؤية.

ح. نقل التكنولوجيا

رغبت الدول النامية، خلال المؤتمر، في أن ينص إعلان جنيف على إنشاء جماعة عمل، في إطار منظمة التجارة العالمية، تختص بنقل التكنولوجيا، وتدرس أثر تطبيق الاتفاقيات الحالية في إطار المنظمة، في عملية نقلها، على أُسُس تجارية، إلى الدول النامية؛ إضافة إلى دراستها أساليب دعم عملية نقل التكنولوجيا الحديثة. ولم يستجب معظم الدول المتقدمة لهذه الرغبة.

2. إعلان مؤتمر جنيف (مايو 1998)

كان من أهم ما تضمنه "إعلان جنيف"، ما يلي:

أ. ضرورة الالتزام الأمين بتنفيذ الاتفاقيات، التي أسفرت عنها جولة أوروجواي؛ والتفويض إلى المؤتمر الوزاري الثالث تقييم تنفيذها، كل على حدة، آخذاً في حسبانه أهدافها.

ب. تكليف المجلس العام للمنظمة (وهو الجهاز الذي يدير أعمال المنظمة، في فترة ما بين المؤتمرات الوزارية) تنفيذ برنامج عمل، يُعِدّ للاجتماع الوزاري الثالث؛ ويتضمن:

(1)       مراجعة تنفيذ الاتفاقيات الحالية لجولة أوروجواي.

(2) إعداد برنامج المفاوضات، المتفق مسبقاً على إجرائها في اتفاقيات جولة أوروجواي، والمتعلقة بالزراعة والخدمات.

(3) إعداد التوصيات المتعلقة بموضوعات إعلان سنغافورة، وهي: الاستثمار، والشفافية في المشتريات الحكومية، وتسهيل التجارة.

(4) إعداد التوصيات في شأن أيّ موضوعات جديدة، تقترح الدول الأعضاء التفاوض فيها.

كما صدر عن مؤتمر جنيف إعلان مستقل، يتعلق بالتجارة في الخدمات؛ تضمن تَوَلِّي المنظمة إعداد برنامج عمل، لدراسة هذا الموضوع، بصفته نشاطاً مستجداً من أنشطة منظمة التجارة العالمية.