إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة التجارة العالمية (WTO)





الهيكل التنظيمي




المبحث الرابع عشر

المبحث الرابع عشر

آثار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في الدول العربية

تُعد الدول العربية بعامة دولاً نامية، تتأثر بالاتفاقيات تأثر الدول النامية بها. بيد أن كثيراً منها، يمثل النفط والبتروكيماويات أهم سلعها التصديرية، والمصدر الرئيسي لمواردها من العملات الحرة، والركيزة الأساسية لتخطيط برامجها التنموية المستقبلية؛ ما يجعل هذه البرامج شديدة التأثير بتذبذب الأسعار العاملة للنفط. لذا، تبدو حاجة الدول العربية النفطية إلى التحول، تدريجاً، عن الاعتماد شبه الكلي على سلعة واحدة، بصفتها مصدراً رئيسياً للدخل القومي وخطط التنمية، وخاصة أن هذه السلعة، ألا وهي النفط ومشتقاته، لم تدخل ضمن السلع، التي شملتها مفاوضات جولة أوروجواي، فلم تخضع لأيّ خفض للتعريفات الجمركية، أو إزالة القيود غير التعريفية، في حالة وجود مثل هذه القيود.

أولاً: مواقف الدول العربية من الانضمام إلى اتفاقيات الجات، ومنظمة التجارة العالمية

تقسِّم الدول العربية مواقفها من الانضمام إلى تلك الاتفاقيات أربع جماعات:

1. دول غير أعضاء في منظمة التجارة العالمية، لا تلتزم بأحكام الاتفاقيات؛ وهي: سورية وليبيا وجيبوتي وإريتريا وجزر القمر والصومال والعراق والسلطة الفلسطينية.

2. دول مؤسِّسة لمنظمة التجارة العالمية، وهي: الكويت ومصر وموريتانيا والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطَر والمغرب وتونس. وهي تخضع لأحكام الاتفاقيات، وتلتزم بها؛، وتستفيد، في الوقت نفسه، من المعاملة المقررة للدول النامية الأعضاء، ومن ضمنها الفترات الانتقالية، والحصول على المساعدات الفنية.

3. دول انضمت إلى المنظمة، بعد تأسيسها، مثل: الأردن وسلطنة عُمان. وهي تلتزم بأحكام الاتفاقيات؛ ولكن، لا تستفيد من الفترات الانتقالية، ما لم يُدْرَج ذلك في بروتوكول الانضمام؛ وهو أمر قلّما يحدث.

4. دول هي في مرحلة الانضمام، مثل: المملكة العربية السعودية ولبنان والجزائر والسودان واليمن. وتُعامَل، عند انضمامها، معاملة الجماعة الآنفة.

ثانياً: الآثار العامة للاتفاقيات في الدول العربية

يمكن تلخيص أهم الآثار: السلبية والإيجابية، الناجمة عن تطبيق الاتفاقيات على الدول العربية، الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، في ما يلي:

1.       الآثار السلبية

أ. ارتفاع أسعار الواردات العربية من المنتجات الزراعية، وخصوصاً المواد الغذائية؛ من جراء إلغاء الدعم الزراعي، وتحرير التجارة في المنتجات الزراعية في الدول الصناعية المتقدمة.

ب. تعرُّض السلع الصناعية العربية لمنافسة دولية شديدة؛ لأن معظمها مواد خام، تسعى الدول الصناعية إلى ابتكار بدائلها. كما أن إلغاء نظام الحصص لاستيراد الملابس الجاهزة العربية، بعد انتهاء الفترة الانتقالية، التي حُددت بعشر سنوات (1995-2004) ـ سيؤثِّر في الموازين التجارية العربية، ما لم تُطوَّر أساليب الجودة الشاملة، والمواصفات القياسية العالمية.

ج. تحرير التجارة الدولية، في ضوء اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، سيعوق صناعة البتروكيماويات العربية، التي ما زالت في طور النمو، بتعريضها لمنافسة دولية شديدة. كذلك سوف تتأثر الصناعات الكيماوية العربية، إذ سترتفع نفقة الواردات منها؛ لحاجة الأسواق المحلية إليها.

د. ارتفاع معدلات البطالة في قطاع الصناعة العربية، الذي يستوعب نحو 24% من إجمالي اليد العاملة العربية؛ إضافة إلى أن المنتجات الصناعية العربية، من الورق والبلاستيك والكاوتشوك والأثاث والخشب، سوف تتعرض لمنافسة شديدة من الدول الصناعية المتقدمة.

هـ. تزايد نفقة برامج التنمية، نتيجة تطبيق الاتفاقية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، وما ينجم عنها من ازدياد نفقة استيراد التقنيات الحديثة، والنفقات المقترنة بحق استخدام العلامات التجارية، وحقوق الطبع والنشر، والبرمجيات، وما إلى ذلك. وسيسفر ذلك عن ارتفاع أسعار المنتجات الفكرية العربية؛ إضافة إلى التهديد بتدهور الثقافة العربية، نتيجة الغزو: الثقافي والفكري، من قِبَل الدول غير العربية، الأعضاء في المنظمة.

و. ضَحْل الاستفادة العربية كثيراً من الاتفاقية الخاصة بتحرير التجارة العالمية في الخدمات، المتمثلة في قطاعات البنوك والتأمين والنقل والسياحة والاتصالات والتشييد والاستشارات، إلخ...؛ إذ إن الدول العربية مستورد صافٍ للخدمات، ومعظمها يعاني عجزاً في ميزانها التجاري.

ز. تحرير التجارة الدولية، في مجال مناقصات المشتريات الحكومية، بما فيها مشتريات الجيش والشرطة ـ يؤثر سلباً في اقتصادات الدول العربية.

2. الآثار الإيجابية

أ. توافر الفرص لتصدير منتجات، تمتلك فيها الدول العربية ميزات نسبية مهمة، كالمنتجات الزراعية، والمنسوجات والملابس، وبعض المنتجات الصناعية.

ب. ازدياد حماية الدول العربية لحقوقها التجارية، والوقاية من إجراءات الدعم وسياسات الإغراق، التي تنتهجها الدول المتقدمة خاصة. كذلك فإن التحسينات، التي أدخلت على آلية فض المنازعات، والتابعة لمنظمة التجارة العالمية ـ تساعد على تقوية حقوق الدول العربية، للنفاذ إلى الأسواق العالمية؛ وتتيح فرصاً أفضل لحل منازعاتها التجارية مع الدول الأخرى، بطريقة عادلة.

ج. معاملة الدول العربية معاملة متميزة، وأكثر تفضيلاً، في كثير من الحالات، بما في ذلك كفالة الفرص لحماية صناعاتها الوطنية؛ وإطالة الفترات السابقة على تنفيذها التزامات، هي أقلّ مما هو مطلوب من الدول المتقدمة النمو.

د.  الارتفاع المتوقع في أسعار السلع الزراعية المستوردة، والنقص المحتمل في المعونات الغذائية، سوف يحفزان الدول العربية إلى تحسين الإنتاجية في قطاعاتها الزراعية، والتوسع في الإنتاج الزراعي بعامة.

هـ. تحرير التجارة الدولية، فاحتدام المنافسة، سوف يدفع إلى تجويد الصناعات الوطنية العربية، ورفع مستوى الإنتاج، وتحسين الكفاءة في تخصيص الموارد؛ ومن ثَم، ارتفاع مستويات المعيشة.

و. إلغاء الكثير من القيود والاشتراطات على الاستثمارات الأجنبية، يشجع على تدفّقها إلى الدول، التي لا تُقِّد حرية الحركة للمستثمرين الأجانب؛ ما يسهم في التنمية الاقتصادية، وزيادة التقنية.

ثالثاً: آثار الاتفاقيات في الاقتصادات العربية

يمكن التمييز بين أربع جماعات من الدول العربية:

أ. جماعة تعتمد اعتماداً كبيراً على صادرات النفط. وتضم تسع دول، هي: البحرين، والكويت، وعُمان، وقطَر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والجزائر، والعراق، وليبيا.

ب. جماعة ذات هيكل تصديري متنوع، يشمل المواد الغذائية والزراعية، والخامات المعدنية، والمنتجات الصناعية. وتضم مصر، والأردن، ولبنان، والمغرب، وسورية، وتونس، واليمن.

ج. جماعة تسهم الخدمات، ولا سيما السياحة وتحويلات المغتربين، إسهاماً مهماً في موازين مدفوعاتها. وتضم معظم دول الجماعة الآنفة.

د.  جماعة تُصنف في عداد الدول الأقل نمواً. وتضم موريتانيا، والصومال، والسودان.

1. جماعة الدول المصدرة للنفط

تسيطر صادرات النفط على الهيكل التصديري، في كثير من الدول العربية، حيث تمثل الجزء الأكبر من صادراتها؛ ما جعل تأثرها بالاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (الجات)، ومنظمة التجارة العالمية، رهين معيارًين اثنًين:

أ. تخلُّف كثير من دول النفط العربية الرئيسية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، والعراق، والجزائر، وليبيا، عن الانضام إلى اتفاقية الجات، بل إلى منظمة التجارة العالمية، ما حرَمَها المشاركة في الجولات المتلاحقة، من مفاوضات التجارة المتعددة الأطراف. ولم تتمكن الدول، العربية الأعضاء في الاتفاقية الآنفة (البحرين، والكويت، وقطَر، والإمارات العربية المتحدة) من الاضطلاع بإسهام فاعل في تلك المفاوضات.

ب. تمتُّع معظم الدول العربية، المصدرة للنفط، بمستوى مرتفع من الدخل الفردي السنوي؛ على الرغم من تصنيفها دولاً نامية؛ ولذلك، لم تتعرض لأيّ ضغط اقتصادي أو غيره، لتحرير أنظمتها التجارية، وخاصة في قطاعَي الصناعات البتروكيماوية والمشتقات النفطية.

استيراد النفط من غير رسوم جمركية، أو برسوم منخفضة، لم يجنِّب مشتقاته ارتفاع رسومها، وقِلة الشروط الملزمة، مقارنة بالمنتجات الأخرى. وتظهر حدة المشكلة بصورة أكثر وضوحاً، عندما يتعلق الأمر بالبتروكيماويات، وغيرها من المنتجات المعتمدة على النفط والغاز، حيث تتسم الأنظمة التجارية بالتشدد، في معظم الدول المتقدمة المستوردة.

إن معظم الدول العربية المصدرة للنفط، هي أعضاء  في منظمة التجارة العالمية، أو هي تسعى إلى عضويتها؛ لإدراكها أهمية المشاركة في مفاوضات تحرير التجارة العالمية، والنفقات الناجمة عن عدم الإسهام فيها، و خاصة بالنسبة إلى الدول العربية، التي تمتلك صناعات بتروكيماوية ذات قدرة تنافسية عالية، والتي سوف تستفيد من الزيادة المتوقعة لطلب المنتجات البتروكيماوية والناتجة من خفض التعريفات الجمركية. وقد تتحقق بعض المكاسب للدول العربية المصدرة للنفط، في حالة ارتفاع أسعار تصديره، نتيجة الطلب المتزايد لمشتقاته؛ وذلك من جراء ازدياد الطلب العالمي للبتروكيماويات.

2. جماعة الدول ذات الهيكل التصديري المتنوع

تطغى الصادرات: الغذائية والزراعية، والمواد الخام المعدنية، والمنتجات الصناعية، على صادرات هذه الجماعة من الدول.

أ. الدول المصدرية للمنتجات الزراعية

كانت تجارة المنتجات الزراعية، قبل مفاوضات جولة أوروجواي، بعيدة عن نطاق اتفاقية الجات. وكانت الزراعة هدفاً لسلسلة من التدخلات الحكومية، التي شملت التعريفات الحمائية، والقيود الأخرى غير التعريفية والكمية، والدعم المحلي، ومعونات الصادرات. ثم جاءت مفاوضات جولة أوروجواي، لتغطي، للمرة الاولى في التاريخ، القطاع الزراعي. وكانت اتفاقية الزراعة نجاحاً لإصلاح المكونات الثلاثة الرئيسية للقيود الخاصة بالقطاع الزراعي، وهي: الحماية، والدعم المحلي، ومعونات الصادرات.

وقد دعت اتفاقية الزراعة جميع الدول، الأعضاء في المنظمة، إلى تحويل القيود الكمية وغيرها إلى تعريفات ذات أثر جماعي متعادل؛ إضافة إلى أنه لا بد من تخفيض جميع التعريفات بنسبة 36%، خلال ست سنوات، بدءاً من الأول من يناير 1995، فيما يتعلق بالدول المتقدمة؛ وبنسبة 24%، خلال عشر سنوات، بالنسبة إلى الدول النامية. وهكذا، غدت عملية تحويل القيود الكمية إلى تعريفات تغييراً كبيراً في أسلوب حماية الزراعة، يكون له آثار مهمة في تحسين فرص التصدير.

ب.       الدول المصدرة للمنتجات الصناعية

تُعَدّ مصر، والمملكة العربية السعودية، وتونس، والمغرب، دولاً رئيسية في جماعة الدول العربية المصدرة للمنتجات الصناعية؛ فتختص المملكة بمنتجات بتروكيماوية، وأخرى تعتمد على النفط والغاز؛ وتغلب المنسوجات والملابس على صادرات الدول الثلاث الأخرى.

(1) تصدير المنسوجات والملابس

كانت اتفاقية الألياف المتعددة، قبْل منظمة التجارة العالمية، هي التي تنظم التجارة في المنسوجات والملابس،  بين عامَي 1974 و 1994. وكانت صادرات تلك المنتجات، المتجهة نحو أسواق الدول المتقدمة، تتعرض لحصص تصديرية للدول النامية المصدرة، والموقعة على الاتفاقية؛ وبذلك، فإن تجارة المنسوجات، كانت تمثل خروجاً عن نطاق الجات. وترك ذلك الأمر أثره السلبي في الدول العربية النامية، التي تتمتع بميزة نسبية في هذه الصادرات؛ ولكنها حُرَمَت الاستفادة من الميزة التصديرية، المفترض أن تحصل عليها واحدة من أهم صناعاتها.

وما لبثت اتفاقية المنسوجات والملابس، إحدى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، والتي دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير 1995، أن حددت فترة انتقالية، مدتها عشر سنوات، تنتهي في يناير 2005، تمهد للانتقال التدريجي من النظام المعمول به إلى قوانين الجات. وسوف تتمتع التجارة الدولية في المنسوجات والملابس، في نهاية الفترة المحددة، بما يتمتع به غيرها من قطاعات المنتجات الصناعية، من إعفاء كلّي من قيود الحصص؛ كما أنها ستخضع لقوانين الجات وقواعدها بصورة كاملة.

(2) تصدير المنتجات الصناعية الأخرى

تصدير المنتجات العربية الصناعية الأخرى إلى الأسواق، يتأثر بعمق التخفيضات في التعريفات الجمركية، ومكافحة الإغراق، والدعم، والإجراءات التعويضية؛ فطالما عانت الصناعات العربية منافسة غير عادلة بينها وبين واردات السلع، وخاصة الآسيوية، المدعمة، أو منخفضة السعر انخفاضا مبالغاً فيه. فقد أجازت الاتفاقيات المعنية الامتناع عن استيراد ما يضر بالصناعات الوطنية، أو جعله بقدر، أو فرض رسوم عليه تعويضية، ومقابلة، ترفع أسعاره إلى مستوى الأسعار السائدة؛ لتقتصر عوامل المنافسة على الجودة، وملاءمة الاستهلاك؛ ما يحمي الصناعات الوطنية، ويحفزها إلى الارتقاء بمستوى منتجاتها، في ظل منافسة عادلة.

إذاً، لا شك في استفادة الدول العربية، المصدرة للمنتجات الصناعية، من خفض التعريفات الجمركية، وإزالة القيود غير التعريفية في الأسواق العالمية؛ فضلاً عن أن معظم تلك المنتجات، تتمتع بميزة نسبية في أسواق الدول الصناعية، من حيث كونها منتجات معتمدة على اليد العاملة الكثيفة.

أمّا في الدول الخليجية، فربما لا يكون لتحرير التجارة في المنتجات الصناعية (غير البتروكيماويات) أثر يُذكر، لا سلباً، ولا إيجاباً؛ إذ إن قاعدتها الصناعية، لم تبلغ حدّ الانتفاع بتخفيض التعريفات الجمركية، وفتح الأسواق الخارجية لمنتجاتها؛ إضافة إلى أن معظم تلك المنتجات، تدخل الأسواق الخليجية برسوم جمركية، لا تستحق الذكر.

3. جماعة الدول مصدرة الخدمات

كثير من الدول العربية هي مستورد صافٍ للخدمات. وهناك دول عربية أخرى، تصدر الخدمات، مثل: مصر ولبنان والأردن، التي تعتمد على السياحة، وتحويلات العاملين في الخارج، بصفتهما مورداً أساسياً للدخل القومي.

وقدرة الدول العربية على المنافسة في تجارة الخدمات، أو تحمّل المنافسة الواردة إلى أسواقها من الخارج ـ هي رهن بطبيعة عروض الخدمات ومجالاتها، والشروط التي ترتضيها في إطار الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات. وأثبتت ذلك في جدولها الوطني، واشتراطه على الأهلية للمعاملة الوطنية، والترخيص للأجانب، في توريد الخدمات إليها. وقد تضمنت عروض الدول العربية، في هذا القطاع، قيوداً لإقامة الأشخاص الطبيعيين، الموردين للخدمات؛ وحقوق الملكية العقارية للمستثمرين الأجانب.

أمّا تحويلات العاملين في الخارج، فإن الاتفاقية لم تقدم جديداً. ولا يزال حق انتقال الأشخاص الطبيعيين إلى دولة عضو فيها، يمثل إحدى أكثر القضايا حرجاً. ويتضح ذلك من خلال نص ملحق الاتفاقية على ما يلي:

"لن تنطبق هذه الاتفاقية على الإجراءات التي تمس الأشخاص الطبيعيين، الساعين إلى الهجرة إلى أسواق إحدى الدول الأعضاء. كما أنها لا تنطبق على الإجراءات الخاصة بالمواطنة، والإقامة أو العمل على أساس دائم".

كذلك تضمنت الاتفاقية فقرتَين تنفيان ما يمنع الدول الأعضاء من الدخول في تكاملات اقتصادية، تؤدي إلى تكامل أسواق العمل فيما بينها.

وفي ما يتعلق بالسياحة، يمكن أن تؤثر في دخْلها اتفاقية التجارة في الخدمات، بتوسيع عملية النفاذ إلى أسواق الدول المستوردة، للخدمات السياحية. إن حرية الحركة في مجال الخدمات، لا تقررها إجراءات الحدود، كالحواجز: الجمركية وغير الجمركية؛ وإنما هي تعتمد على المَرافق المتوافرة في الدول المستوردة، وكذلك على الأنظمة والقوانين المحلية.

وتميز الاتفاقية، بوضوح، بين الالتزامات العامة، التي تتقيد بها جميع الدول الأعضاء، ما لم يَرِد في جداولها الوطنية المحلية ما يخالفها؛ وبين  الالتزامات الخاصة، التي لا تلزم إلا بما وَرَدَ في الجداول المحلية.

ولعل وجود فقرة في الاتفاقية، تنص على "دخول الدول، الأعضاء في المنظمة، في سلسلة من الجولات التفاوضية، التي تبدأ بعد فترة، لا تزيد على خمس سنوات من تاريخ الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وبصورة دورية بعد ذلك" ـ يوحي بضرورة المزيد من الاهتمام بالقطاعات الخدمية، ذات الأهمية والميزة النسبية للدول العربية، وخاصة في مجالَي السياحة وتنقُّل العمال.

4.       جماعة الدول الأقل نمواً

حظيت مشاكل الدول النامية، بما فيها الدول الأقل نمواً: موريتانيا والصومال والسودان، بعناية خاصة في جولة أوروجواي، مقارنة بأيّ جولة سابقة. والواقع، أن جميع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، اختصت تلك الدول بمعاملة خاصة، ومميزة؛ بل آثرت الدول الأقل نمواً بمعاملة أكثر خصوصية. فقد اتخذ قرار وزاري، في جولة أوروجواي، يراعي الواقع الخاص لتلك الدول؛ والحاجة إلى ضمان مساهمتها الفاعلة في نظام التجارة العالمية، وضرورة اتخاذ خطوات أخرى، في سبيل تحسين فرصها التجارية. فلم يطالبها، ما دامت ملتزمة بقواعد الجات وأنظمتها، والاتفاقات الأخرى ذات العلاقة، إلا بالتزام ما يلائم حاجاتها: المالية والتجارية والتنموية. وستحصل الدول الأقل نمواً على مساعدات فنية متزايدة، تساعدها على دعم الإنتاج والقدرات التصديرية وتنويعهما. ويتضمن القرار فقرات أخرى، تمنح تلك الدول ميزات في التعامل، في مجالات كثيرة. وإذا ما استطاعت الأقطار العربية الأقل نمواً، أن تكيف نفسها مع الشروط المطلوبة، فإنها ستحصل على منافع كبيرة.

إن الآثار الناجمة عن تطبيق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في الدول العربية، سوف تختلف بين بلد عربي وآخر. ومن أهم العوامل، التي تحدد أثر منظمة التجارة العالمية في الدول العربية، ما يلي:

أ. هيكل الصادرات، أيْ مدى اعتماد البلد على عدد من المنتجات المحددة في تشكيلة صادراته.

ب. مدى عمق تحرير التجارة، الذي حققته أو يمكن أن تحققه القطاعات ذات العلاقة، بالنسبة إلى البلد المصدر.

ج. اتجاه التجارة، أيْ التوزع الجغرافي للصادرات بين الدول العربية: النامية والمتقدمة.

د. درجة الانفتاح، أيْ مدى اتِّباع البلد المعني الإحلال محل الاستيراد، أو الإستراتيجية القائمة على التصدير.

هـ. مستوى التنمية، أيْ كون البلد المعني متقدماً أو نامياً أو قليل النمو.

وقد دأبت الدول: النامية والعربية والأقل نمواً، خلال المؤتمرات الوزارية، التي تعقدها منظمة التجارة العالمية، كلّ سنتَين، في السعي لتعظيم الآثار الإيجابية لاتفاقيات تلك المنظمة، وتقليل آثارها السلبية. ومثال ذلك: إعلانها دائماً عدم قبول أيّ التزامات جديدة، قبْل تنفيذ الاتفاقيات الحالية؛ ومعارضتها التنفيذ البطيء للاتفاقيات، ولا سيما في الأمور المتعلقة بالزراعة والمنسوجات والملابس؛ وعدم رضاها عن إقحام بعض الدول المتقدمة لمنظمة التجارة العالمية في أمور، تتعلق بمعايير العمل، التي ترى أنها من اختصاص منظمة العمل الدولية دون غيرها.