إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة التجارة العالمية (WTO)





الهيكل التنظيمي




المبحث التاسع

المبحث التاسع

مكافحة الإغراق

الإغراق هو تخفيض التجار الأجانب أسعار سلعهم تخفيضاً غير اقتصادي، لإخراج نظرائهم المحليين من سوق العمل، إذ يعجزون عن مواجهة أسعار المنتجات الأجنبية وجودتها. وتبادر الدولة إلى حمايتهم، بإثبات ذلك الإغراق وإضراره بهم، وفرض رسوم لمكافحته.

أولاً: التفاوض في مكافحة الإغراق

عاقت دعاوى مكافحة الإغراق انسياب التجارة، ورفعت النفقات القانونية المرتبطة بها؛ ما حمل الدول المتفاوضة، أثناء جولة كنيدي، وعملاً بالمادة السادسة من الجات، على توقيع أول اتفاقية متعددة الأطراف، تضبط إجراءات تلك المكافحة. وعمدت، في جولة طوكيو، إلى تفصيل كيفية تحديد الإغراق ومضاره. إلا أنها لم تُجمِع على ذلك؛ إذ إن الدول النامية أعضاء الجات، رأت أن ارتفاع الأسعار المحلية للسلع المصنعة في أسواقها عن مثيلاتها في أسواق التصدير، سيجبر المنتجين في الدول النامية على البيع بأسعار، قد تراها الدول المستوردة مغرقة، وفقاً للمادة 6 من الجات؛ على الرغم من عدم النية في الإضرار أو الإغراق في سوق التصدير. ولذلك، اقترحت ألاّ تُعتمد الأسعار المحلية أو نفقات الإنتاج، عند تحديد القِيم العادية في أسواقها.

وأمكن دول الجات، في جولة أوروجواي، توقيع "اتفاقية مكافحة الإغراق"، التي أصبحت نافذة مع بداية منظمة التجارة العالمية في الأول من يناير 1995. وتضمنت الاتفاق على تنفيذ المادة السادسة من اتفاقية الجات، المتعلقة بالإجراءات المضادة للإغراق، وعدداً من التعديلات المهمة، الرامية إلى:

1. التدقيق في ضبط معنى الإغراق، وحساب فرق سعره، وتحديد قيمة الرسم المضاد.

2. كيفية تحديد مضار الإغراق ومعاييرها.

3. تفصيل بدء التحقيق واستمراره في قضايا الإغراق .

4. وضع قواعد لتنفيذ مكافحة الإغراق ومدة فرض رسومها.

5. سَن المعايير، التي تلتزم بها لجنة التحكيم في النزاعات، الناتجة من قضايا الإغراق.

ثانياً: أهم أحكام الاتفاقية

اشتملت الاتفاقية على ثلاثة أجزاء وملحقَين، توزعت مضامينها؛ وأبرزها:

1. الالتزام بالقواعد، التي حددتها المادة السادسة من اتفاقية الجات 1994، عند فرض رسوم لمكافحة الإغراق.

2. تعريف الإغراق بأنه إدخال سلعة دولية إلى تجارة دولة أخرى، بسعر تصدير، يقلّ عن قيمتها في مجرى التجارة العادية؛ فيضر بصناعتها، أو بصناعة حديثة؛ على أن يكون هناك علاقة سببية بين الإغراق والضرر.

ويُعَدّ سعر بيع السلعة هو أقلّ من قِيمتها العادية، إذا قلّ عنه في الدولة المصدرة. وفي حالة تعذر تحديد القيمة العادية للسلعة، حينما يخلو، مثلاً، السوق المحلي من المبيعات، تُعتمد طرائق أخرى، حددتها الاتفاقية، كتحديد تلك القيمة على أساس سعر البيع لدولة ثالثة، من دون تحديد لمعيار اختيارها؛ أو على أساس القيمة المركبة Constructed Value، وهي نفقة الإنتاج، مضافاً إليها نفقة البيع، والنفقات الإدارية، وسقف معقول من الأرباح.

وفي حالة التصدير غير المباشر، من خلال دولة وسيطة، وليس من دولة الإنتاج، تحدَّد القيمة العادية على أساس المبيعات في دولة التصدير. إلا أن ذلك قد يؤدي إلى مقارنة غير عادلة، بل قد يتعذر عقد المقارنة؛ ولذا، فإن السلعة التي لا تنتجها دولة التصدير، وإنما تمرّ بها، فقط، تُحدَّد قِيمتها العادية على أساس سعرها في دولة المنشأ، وليس دولة التصدير.

ويُحدَّد سعر التصدير، عند البيع لدولة الاستيراد، على أساس سعر التشغيل Transaction Price. إلا أنه في حالة تعذر ذلك، كأن تكون هناك ترتيبات تعويضية، أو اتحاد بين المصدر والمستورد، يُعتمد سعر التصدير المركب Constructed Export Price، ويُحسب على أساس سعر البيع لمشترٍ مستقل.

ويجب مراعاة عدة عوامل، عند إجراء المقارنة بين سعر التصدير والقيمة العادية، كأن تكون المقارنة على مستوى التجارة نفسهاSame Level of Trade ؛ وغالباً، ما تكون على أساس سعر المصنع، ولمبيعات متقاربة زمنياً إلى حدِّ كبير.

وإذا ثبت إضرار الإغراق، تُفرض رسوم لمكافحته، ويفضَّل ألا تزيد على أضراره.

3. توضيح كيفية البدء بإقامة دعاوى الإغراق والتحقيق فيها؛ مع إتاحة فرص تتقديم الأدلة للأطراف المعنية كافة. وقد حددت الاتفاقية مدة فرض رسوم الإغراق بخمس سنوات، إلا إذا رأت سلطات التحقيق، أن إزالتها ستؤدي إلى استمرار الضرر.

كما تنص الاتفاقية على الوقف الفوري لأيّ تحقيق في حالات الإغراق، إذا كان ضرره ضئيلاً، يقلّ عن 2% من سعر تصدير المنتج؛ أو إذا كانت الكمية المستوردة من دولة معينة، متهمة بالإغراق، ضئيلة، تقلّ عن 3% من الواردات الكلية للمنتج. ولعلّ ذلك من إيجابيات الاتفاقية.

4. منح الدول النامية، بمقتضى المادة 15 من الاتفاقية، معاملة تفضيلية، فيما يتعلق بتطبيق إجراءات مكافحة الإغراق؛ مع بحث وسائل العلاج البناءة، قبل تطبيق رسوم تلك المكافحة، إنْ هي أثرت في مصالحها التنموية.

5. تخويل المادة 16 من الاتفاقية لجنة ممارسات مكافحة الإغراق إنشاء لجان فرعية، وطلب المشورة في إنهاء عملها من أيّ جهة، داخل نفوذ الدولة. وإلزامها كلّ دولة عضو في منظمة التجارة العالمية، أن تنهي إبلاغاتها إلى هذه اللجنة، التي تتولى توزيعها على الدول الأخرى، أعضاء المنظمة.

6. نَصّ المادة 17 من الاتفاقية، والخاصة بالمشاورات وتسوية المنازعات، على:

أ.  إتاحة كلّ دولة عضو في المنظمة فرصة للدخول في مشاورات مع الدول الأخرى في موضوع نزاع، بعد تقديم طلب مكتوب، ينوه بذلك. وإن فشلت المشاورات في حسم الخلاف، يمكن الدولة المتضررة اللجوء إلى آلية فض المنازعات، في إطار منظمة التجارة العالمية.

ب. اضطلاع لجنة التحقيق بتقييم الحقائق، التي توصلت إليها سلطات التحقيق المعنية في الدولة المستوردة، بما في ذلك إجراءات الوصول إلى تلك الحقائق، وتقدير مدى موضوعيتها وعدم انحيازها. وإذا تأكد للجنة سلامة إجراءات التحقيق وموضوعيتها، فإن القرار النهائي للسلطات المعنية في الدولة المستوردة، لا يتأثر بقرار لجنة التحكيم، إنْ كان مخالفاً له.

ج. الاختلاف في تفسير وأحكام الاتفاقية، تحسمه اللجنة بإعلانها مدى توافق إجراءات مكافحة الإغراق، مع تلك الأحكام، استناداً إلى المقبول من تلك التفاسير، المعتمدة على القواعد الجمركية، المنصوص عليها في القانون الدولي العام.

ثالثاً: ملاوصة مكافحة الإغراق

اهتمت جولة أوروجواي بمحاولات التملص من إجراءات مكافحة الإغراق، إلا أنها لم تتوصل إلى قرار في هذا الشأن؛ ولذلك، كوِّنت جماعة غير رسمية لمكافحة تلك المحاولات. ويتمثل التملص في تلبيس التصاريح الجمركية أو تدليس البيانات، بالتصنيف المضلل للسلع، وتزييف قِيمها أو مناشئها. وتقع مسؤولية اكتشاف هذه الحالات ومعالجتها على القانون الجنائي أو الجمركي للأعضاء؛ إذ إن اتفاقية تنفيذ المادة 6 من جات 1994، لا يقيد الجمارك بتحقيق دقة المستندات أو التصاريح المقدمة للتقييم الجمركي؛ كما أن اتفاقية منظمة التجارة العالمية، قد خلت من نص محدد لمعالجة التملص.

وقد لجأ بعض الدول إلى إجراءات، أحادية الجانب، لمكافحة التملص؛ ولكنها طاولت أنشطة تجارية طبيعية، إذ فرضت رسوماً على السلع، من دون الالتزام بإجراءات منظمة التجارة العالمية وقواعدها، أيْ من دون اللجوء إلى إجراء تحقيق.