إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الميزانية والموازنة









القسم الأول

المبحث الثالث: المبادئ التي يرتكز عليها نجاح الموازنة

      يعتمد نجاح الموازنة، في أداء مهمتها، على توافر بعض المبادئ، التي تعدّ من المقومات الأساسية. ومن بين تلك المبادئ، التي يجب مراعاتها، ما يلي:

أولاً: مبدأ الخطة الشاملة

  • فالموازنة يجب أن تغطي تقديراتها جميع أوجه النشاط في المشروع. فهي تعبر عن خطة شاملة، لفترة مقبلة، وليس عن خطط فرعية، كل منها قائم بنفسه.
  • يجب أن تكون الخطة كاملة ومتماسكة الأطراف، تأخذ في الحسبان التوازن الاقتصادي والمالي للوحدة. أمّا التخطيط الجزئي لبعض العمليات، من دون غيرها، فلا يشكل خطة متماسكة، يُعتمد عليها، لتكون أساساً للرقابة، واتخاذ القرارات المُصَحِّحَة.
  • يجب أن تتناسب الخطة الشاملة مع الظروف المحيطة بالوحدة، وتأخذ في الحسبان كل المشاكل، التي قد تتعرض لها. وتعمل لجنة الموازنة على مواجهة تلك المشاكل، خلال وضع الخطة.

ثانياً: مبدأ التصاق الموازنة بالهيكل التنظيمي

  • تُوضع تقديرات الخطط الفرعية، على أساس "التصاقها بالهيكل التنظيمي". فكل نشاط له تكاليفه أو إيراداته، ومن ثَمّ، يتوقف نجاح الموازنة على ربط تقديرات الأنشطة الرئيسية والفرعية بالإدارات والأقسام، كما جاء في التنظيم الإداري. وينبغي أن تحاول الإدارة إدخال التعديلات اللازمة على هيكلها التنظيمي، حتى تتمكن من تطبيق هذا المبدأ.
  • يتيح "مبدأ التصاق الموازنة بالهيكل التنظيمي" فرصة النظر إلى الإدارات والأقسام، على أنها مراكز للمسؤولية، على أساسها تُتابع النتائج الفعلية، لتنفيذ الموازنة. وهذا يسمح بالتعرف على أسباب الانحرافات، وتحليلها، توطئة لاتخاذ القرارات المصحِحَة المناسبة.

ثالثاً:  مبدأ مشاركة المستويات الإدارية، في وضع خطة الموازنة

      من البديهي أن الإدارات والأقسام، التي تقوم بالتنفيذ الفعلي، تكون هي أنسب الجهات لوضع خططها. ومن ثَمّ، فلكي تنجح الموازنة ينبغي أن تنبع الخطط التفصيلية من الإدارات والأقسام المختصة بالتنفيذ، بينما تؤدي لجنة الموازنة مهمة التنسيق بين تلك الخطط. إن مشاركة المستويات الإدارية المختلفة في وضع الخطة، يعنى تنمية الشعور بالمسؤولية، خلال تنفيذها. وهذا أفضل من فرض خطة الموازنة عليها من الإدارة العليا.

رابعاً:  مبدأ اقتناع المنفذين بالأهداف، وتأييدهم للخطة

      ينبثق من مبدأ مشاركة المستويات الإدارية في وضع خطة الموازنة، أن يكون المنفذون مقتنعين بالأهداف، ومؤيدين للخطة، حتى يعملوا على تنفيذها بدقة وكفاءة. ومن ثم، ينبغي أن تكون الخطة طموحاً ويمكن تحقيقها، حتى تكسب التأييد والاقتناع من منفذيها، لأن عدم اقتناع المنفذين بالخطة، يؤدى، حتماً، إلى عدم الاكتراث بتنفيذها.

خامساً:  مبدأ التعمق في تفاصيل الأنشطة

      ينبغي مراعاة مبدأ "التعمق" في تفاصيل الأنشطة، حتى يجرى التخطيط على أسس سليمة، والرقابة بصورة أدق. فتحضير الموازنة على أساس الأرقام الإجمالية، لا يحقق أهداف التخطيط الصحيح، ولا الرقابة الدقيقة، لتخفيض التكاليف. كما أن اتخاذ القرارات المُصَحِّحَة يتأسس على تفاصيل الخطة، ومراقبة تنفيذها، وتحديد انحرافات مفصلة، موزعة على كل مستوى إداري، سواء كان إدارة أو قِسْماً أو وحدة.

سادساً:  مبدأ الارتباط بفترات رقابية

      ترتبط الموازنة، عادة، بفترة زمنية مدتها عام. ولو اقتصر الأمر على ذلك، فإنها لن تحقق الرقابة الدقيقة، بهدف تخفيض التكاليف، أولاً بأول، خلال التنفيذ. وإن الارتباط بفترة الموازنةBudget Period، يعنى أن الانحرافات لن تُحدّد إلاّ في نهاية العام، ومن ثَمّ لن تتخذ أي قرارات مصحِحَة، خلال التنفيذ. لذا، فالأمر يتطلب تقسيم قترة الموازنة إلى فترات رقابيةControl periods، تكون، عادة، أسبوعاً أو أربعة أسابيع، أو شهراً.

سابعاً: مبدأ توفير الحوافز

      لا ينبغي عند وضع الخطط، تجاهل الجوانب السلوكية للعاملين، إذ إن الأهداف والخطط قد تخضع، خلال التنفيذ، لعدم اكتراث العاملين بالالتزام بالموازنة، إذا أُهمل بحث هذه الجوانب عند تحضير الموازنات. إن الأمر يتطلب الإعلان عن حوافز، تدفع العاملين إلى الالتزام بالخطة. وقد تكون تلك الحوافز مالية أو معنوية.

ثامناً: مبدأ إعداد خطط بديلة

      قد تُصادف الوحدة الاقتصادية بعض الصعاب خلال التنفيذ، نتيجة الظروف المحيطة بها. لذا، يجب الاستعداد بخطط بديلة للموازنة، لمواجهة مختلف الظروف الطارئة الممكن حدوثها، وينبغي ألاّ يُترك الأمر للتعديل في حينه.

تاسعاً:  مبدأ الربط بين "الموازنة الجارية، والموازنة طويلة الأجل"

      من الصعوبة، بمكان، أن توضع خطط الموازنة الجارية وأهدافها، إلاّ في ضوء خطة الموازنة طويلة الأجل وأهدافها Long Range Budget.

      لذا، يُعَدّ، هذا المبدأ ضرورياً، نظراً إلى أنه من العوامل الأساسية عند وضع الخطة قصيرة الأجل، معرفة الطاقة المتاحة من الأصول الاستثمارية، التي تحددها سياسة الوحدة طويلة الأجل.

وتوضع الموازنة طويلة الأجل:

1.   على نحو مجمل وليس مفصلاً..

2.   على نحو تقريبي، وليس دقيقاً تماماً، نظراً إلى أن التنبؤ بعيد المدى أقل دقة من التنبؤ قصير المدى.

3.   بصفة توضح الاتجاهات العامة، التي سوف تسلكها الوحدة الاقتصادية.

وإذا لم تتمكن الوحدة من وضع موازنة كاملة طويلة الأجل، فإنها، على الأقل، تخطط لمشروعات محددة لفترة طويلة مقبلة، مثل:

·    شراء أصول جديدة، أو تحديث واستبدال القديم منها.

·    إجراء أبحاث.

·    إنشاء خطوط جديدة للإنتاج.

·    فتح أسواق جديدة.

·    الاندماجات.

المبحث الرابع: مزاياً الموازنة، وحدود استخدامها

أولاً: مزايا اتباع أسلوب الموازنة

      يمكن تلخيص مزاياً إتباع أسلوب الموازنة، على مستوى الوحدة الاقتصادية، في مجالي التخطيط والرقابة، كالآتي:

1. في مجال التخطيط

أ.  يتيح تحضير الموازنة فرصة التعرف على المشاكل المحتمل حدوثها، خلال فترة الموازنة، مما يسمح بدراستها وتحليلها ووضع البدائل لمواجهتها، في وقت مبكر.

ب. نظراً إلى أن الموازنة هي خطة شاملة لجميع أنشطة الوحدة الاقتصادية، ويتطلب تحضيرها تضافر جهود كافة المستويات الإدارية، فإن ذلك يشعر جميع العاملين بمسؤوليتهم، وأنهم جميعاً "في قارب واحد"، يتجه نحو هدف واحد.

ج. تتيح فرصة تخطيط الموازنة، إجراء التنسيق بين خطط الإدارات والأقسام، في ضوء هدف واحد للمشروع ككل.

د. يحقق التخطيط السليم، لأنشطة المشروع، الوصول بالمنشأة إلى حالة من التوازن الاقتصادي والمالي، مع تحقيق الكفاية القصوى في جميع مجالات العمل وأنشطته.

هـ. يدعو التخطيط، لفترة مقبلة، إعادة النظر في السياسات المعمول بها، كي تتلاءم مع الظروف المنتظر حدوثها خلال الفترة، التي يتم إعداد خطة لها.

ز. تظهر الفرص واضحة للإدارة، لتدرس الخطط البديلة وتختار الأنسب منها بالنسبة إلى الوحدة. وهكذا، يتيح التخطيط اختيار أفضل البدائل المتاحة، في ضوء البيانات المتوفرة خلال فترة التخطيط.

2. في مجال الرقابة

أ.  تُعَدّ الموازنة أداة، تسمح بالتأكد من سير العمليات، في الطريق المخطط لها، وأن الخطة تحقق الأهداف الموضوعة، من دون انحراف أو إسراف في النفقات.

ب. تُعَدّ الموازنة أداة مهمة، للاتصال بين المستويات الإدارية المتتابعة، من طريق التقارير الرقابية، حتى يصبح العاملون جميعهم وكأنهم في خط مواجهة واحد، ويعملون بجهود منسقة.

ج.  تؤدي رقابة الموازنة إلى تحقيق أكبر قدر من الأرباح، وذلك من طريق التوصل إلى الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، سواء كان هذا الاستخدام في الأنشطة الجارية أو في الاستثمارات الرأسمالية. كما يتحقق التوازن المالي، بتوفير الاحتياجات النقدية، في الوقت المناسب.

د.  تتطلب رقابة الموازنة مقارنة الأداء الفعلي، لكافة المستويات الإدارية، مع ما هو مخطط لها، بهدف التوصل إلى الكفاية عن طريق تصحيح الانحرافات السالبة وتنمية الانحرافات الموجبة.

هـ. تهدف رقابة الموازنة إلى إجراء التنسيق اللازم، بين الإدارات والأقسام، خلال عملية تنفيذ الموازنة، حتى يؤدي العاملون واجباتهم، في توازن تام، لتحقيق الأهداف، وفقاً لجدول زمني محدد، وتوقيت متناسق، بين الأنشطة، بعضها ببعض.

ز. تُسهّل الموازنة تنفيذ أسلوب "الإدارة بالاستثناء"، مما يوفر الوقت والجهد.

ح. تتيـح الموازنة فرصة تطبيق "المساءلة المحاسبيـة"، عند تحديـد أسباب الانحراف عن الخطة الموضوعة. وبذلك، يشعر كل مسؤول بحدود مسؤوليته والصلاحية المخولة له، وبالجدول الزمني، الذي يرتبط بـه، في تنفيذ النشاط المكلف به.

ثانياً: حدود استخدام الموازنة

      على الرغم من أهمية الموازنة، والمزاياً التي تعود من استخدامها، كأسلوب إداري يساعد الإدارة في تحقيق أهداف التخطيط والرقابة، إلا أن هناك عوامل تحد من نجاح الموازنة، يلزم أخذها في الحسبان عند إعدادها واستخدامها، وتتمثل أهم هذه العوامل في الآتي:

  1. عدم توافر الوعي الإداري، بأهمية إعداد الموازنات واستخدامها الاستخدام الصحيح.
  2. صعوبة التنبؤ والتقدير، عند إعداد الموازنة، لاعتمادهما على عنصري "عدم التأكد uncertainty والتقدير الشخصي، مما قد يؤدي إلى عدم واقعيتها، في كثير من الأحيان، إذا كان التقدير غير دقيق.
  3. الافتقار إلى عنصر المرونة، عند الاعتماد على الموازنة الثابتة، الذي لا يسمح بتغير الخطط، في الوقت المناسب.
  4. تداخل الصلاحيات المخولة والمسؤوليات، عند إعداد الموازنة، إذا لم تحدد كلٌّ منهما تحديداً دقيقاً.
  5. تُعَدّ الأساليب التالية من العوامل التي تؤثر على نجاح الموازنة :

أ.  خفض القيمة المقدرة للمبيعات في الموازنة، لتجنب النقد المحتمل في حالة عدم تحقيـق هذه القيمة. ويؤثر التخفيض المتعمد لقيمة المبيعات في دقة تخطيط الأنشطة الوظيفية الأخرى، مثل: الإنتاج، والمخزون، وبرامج الإعلان، ونفقات البيع، والتوزيع.

ب. التقدير الزائد لقيمة النفقات، لإظهار النجاح في خفض الإنفاق الفعلي عن الإنفاق التقديري.

ج. طلب نقدية أكثر من المطلوب، حتى لا تحتاج الإدارة إلى طلب نقدية إضافية أثناء العمل. وقد يؤدى ذلك إلى زيادة الإنفاق بغير حساب قرب نهاية الفترة المُعدة عنها الموازنة، حتى لا تتبقى مبالغ غير مستغلة، قد تخصم عند إعداد تقديرات الفترة التالية.

إن الموازنة أداة في يد الإدارة، تساعدها على تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، وأنها أفضل أسلوب، قدمته العلوم المحاسبية والإدارية، يمكن استخدامه في تحقيق أقصى درجات الكفاية والفاعلية في المنشأة.