إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / عمليات غسل الأموال





مجموعات الكوسكيه الإجرامية
التسلسل الهرمي
العلاقة بين ثلاثة أطراف




المبحث الأول: الجهود الدولية

المبحث الأول: الجهود الدولية

      انبثقت من الجهود الدولية، لمكافحة غسل الأموال، العديد من المؤتمرات والتوصيات واللجان الدولية، لمجابهة أخطار هذه العمليات. وقد تمثلت، أهم هذه المؤتمرات واللجان، والتوصيات، التي نادت بها، في الآتي:

أولاً: لجنة العمل المالي لغسل الأموال

      أصدر مؤتمر قمة الدول الصناعية السبع (الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، اليابان، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، والمملكة المتحدة)، الذي عُقد في باريس، في يوليه عام 1989، قراراً بتشكيل لجنة خاصة مستقلة، لمكافحة عمليات غسل الأموال، أُطلق عليها "لجنة العمل للإجراءات المالية" ( Financial Action Task Force on Money Laundering)( FATF)

      واستهدف المؤتمر من إنشاء هذه اللجنة، دراسة منع استخدام المصارف والمؤسسات المالية، كجهات تُستغل لغسل الأموال القذرة، خاصة من تجارة المخدرات. وقد بلغ عدد أعضاء اللجنة حالياً (26) دولة، هم: استراليا، النمسا، بلجيكا، كندا، الدانمرك، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، هونج كونج، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، لوكسمبورج، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سنغافورا، أسبانيا، السويد، سويسرا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية.

      إضافة إلى منظمتين، هما: مجلس التعاون الخليجي، والمجلس الأوروبي.

      وهذه اللجنة تُعِد تقارير سنوية، تهدف إلى تحسين النظم المتبعة، لمواجهة ظاهرة تبييض الأموال.

      وقد انبثقت عن هذه اللجنة، عدد من اللجان الفرعية، مثل:

·    لجنة فرعية خاصة، بالنواحي المالية والفنية، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

·    لجنة فرعية خاصة، بالتعاون الدولي، برئاسة إيطاليا.

      وقد حُدد عُمر اللجنة المالية، بخمس سنوات، من بداية عام 1990، إلى نهاية عام 1994، ثم جدد لمدة خمس سنوات أخرى من بداية عام 1995، إلى نهاية عام1999، تحت رئاسة هولندا. وتصدر هذه اللجنة تقاريرها السنوية، عن أعمالها وأنشطتها وتوصياتها، إلى الدول الأعضاء، وتُتابع تنفيذها. وتعمل لجنة العمل المالي لغسل الأموال، في إطارين:

الإطار الدولي

      على المستوى الدولي، تعمل اللجنة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة، لمكافحة الاتجار غير المشروع، في المخدرات والمؤثرات العقلية (فيينا 1988). وإعلان لجنة "بازل" الخاصة بالإشراف البنكي عام 1988.

الإطار المحلي

      على المستوى المحلي، تحاول اللجنة، أن تستمد عملها من خلال التشريعات المحلية المسنونة، لمكافحة هذه الظاهرة، إضافة إلى حث باقي الدول، التي لم تُصدر ـ بعد ـ  قوانين تواجه عمليات غسل الأموال، على دراسة سن قوانين لتجريم هذه الظاهرة.

1. توصيات لجنة العمل المالي

أصدرت لجنة العمل المالي أربعين توصية، لمكافحة عمليات غسل الأموال، كان أهمها ما يلي:

أ.  الإطار العام للتوصيات

·    يجب على كل دولة، أن تتخذ إجراءات فورية، من أجل التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة، لعام 1988، ضد الاتجار غير المشروع، في المخدرات والمؤثرات العقلية (اتفاقية فيينا)، ووضعها موضع التنفيذ.

·    يجب تعديل قواعد سرية الحسابات، لكي لا تعوق تنفيذ هذه التوصيات.

·    يجب أن يتضمن تطبيق برنامج مكافحة غسل الأموال، تعاوناً دولياً متزايداً، وتعاوناً قانونياً مشتركاً، فيما يتعلق بغسل الأموال، من حيث التحقيقات والمحاكمات وتسليم المجرمين، في قضايا غسل الأموال، كلما أمكن ذلك.

ب.  دور النظم التشريعية المحلية، في مكافحة غسل الأموال:

   (مجال معاقبة جريمة غسل الأموال)

·    يجب على كل دولة، أن تتخذ هذه الإجراءات، كلما دعت الحاجة إلى ذلك، بما في ذلك من إجراءات قضائية، لكي تمكنها من تجريم غسل الأموال، كما هو معلن في اتفاقية فيينا.

·    يجب على كل دولة، أن توسع وتوحد عملية تجريم غسل أموال المخدرات، بطريقة جدية.

·    يجب على كل دولة، أن تعرّف الجرائم الخطرة، التي تدخل في عداد جرائم غسل الأموال.

·    كما نُص عليه في اتفاقية فيينا، فإن تجريم عملية غسل الأموال، تتطلب على الأقل معرفة أنشطة غسل الأموال، متضمنة مفهوم أن المعرفة يستدل عليها، من خلال الأحداث الواقعية الموضوعية.

·    إن الشركات نفسها ـ وليس فقط الموظفين التابعين لها ـ يجب أن تخضع للمسؤولية الجنائية، كلما كان ذلك ضرورياً.

(الإجراءات الوقتية)

على الدول أن تتبنى إجراءات، كتلك المنصوص عليها في اتفاقية فيينا، كلما دعت الحاجة، متضمنة الإجراءات القانونية، لكي تمكن السلطات المعنية، من مصادرة الممتلكات، المكتسبة من أموال مغسولة، أو المستخدمة أو المعدة للاستخدام كأدوات لجريمة غسل للأموال، أو قيم مشابهة. وذلك من دون الإضرار بحقوق الغير حَسُني النية.

وهذه الإجراءات يجب أن تتضمن منح السلطة:

ـ  تعريف ومتابعة وتقييم الممتلكات موضوع المصادرة.

ـ  تنفيذ الإجراءات الوقتية، مثل المصادرة أو الحجز، لمنع أي عمليات بيع وشراء وتحويل، أو استبعاد لهذه الممتلكات.

ـ  اتخاذ أي تحقيقات ضرورية لتنفيذ هذه الإجراءات.

إضافة إلى إجراءات المصادرة والجزاءات الجنائية، يجب على الدول أن تأخذ في الاعتبار، الغرامات المالية والمدنية، أو الدعاوى، متضمنة الدعاوى المدنية، لفسخ العقود المبرمة، بمعرفة أطراف كانوا على علم، أو يفترض أنهم كانوا على علم، بأن إبرام هذا العقد، سوف يؤدي إلى وضع الدولة، في موضع المتضرر، لعدم قدرتها على تغطية المطالبات المالية. (مثال ذلك: المصادرة أو تحصيل الغرامات والجزاءات المالية).

ج. دور النظم المالية في مكافحة غسل الأموال

·    التوصيات الخاصة بدور النظم المالية، في مكافحة غسل الأموال، يجب أن تطبق على البنوك، وكذلك المؤسسات المالية غير المصرفية، التي لا تخضع لنظم الإشراف الرسمي. مثال ذلك مكاتب تبديل العملة، فعلى الحكومات أن تتأكد أن هذه المؤسسات، تخضع للقوانين واللوائح، المناهضة لغسل الأموال. مثلها مثل المؤسسات المالية الأخرى، وأن هذه القوانين واللوائح تطبق بكفاءة.

·    على السلطات المحلية المعنية، أن تأخذ في الاعتبار تطبيق هذه التوصيات، على المهن والأعمال، التي لا تمثل مؤسسات مالية، والتأكد من أن ما يربط بين هذه المهن والمؤسسات المالية، مشروعاً وليس مُجَرَّماً. وتشمل الأنشطة المالية، (على سبيل المثال وليس الحصر)، قبول الودائع، وخدمة تحويل الأموال، والإقراض، والبطاقات الائتمانية، والشيكات السياحية، ومنح الضمانات، وتحويل العملات. هذه الأنشطة تركت لكل دولة، لكي تحدد مشروعيتها من عدمها، ومدى الحاجة لتطبيق الإجراءات المضادة لعمليات غسل الأموال عليها، مثل حالة وجود نشاط مالي يمارس بطريقة موسمية أو محددة.

·    على المؤسسات المالية ألاّ تحتفظ بحسابات مهملة التوقيع، أو حسابات ذات أسماء مستعارة، مثل هذه المؤسسات، يجب أن تُطالب (بموجب القانون، واللوائح، والاتفاقات بين السلطات العليا والمؤسسات المالية، أو اتفاقيات التنظيم الذاتي، من خلال المؤسسات المالية)، بأن تعرّف وتسجّل شخصية عملائها، وذلك من خلال مستندات رسمية، أو أي مستندات أخرى، يمكن الاعتماد عليها، سواء كان بصفة دورية أو معتادة. وذلك عند تأسيس علاقات تجارية، أو إجراء عمليات مالية (خاصة فيما يتعلق بفتح حسابات أو دفتر توفير، أو الدخول في عمليات تعتمد على الثقة، أو إيجار خزانة إيداع الأمانات، أو إجراءً عمليات سحب وإيداع نقدية، على نطاق واسع).

وفي سبيل استكمال متطلبات التحقق، من شخصية الكيانات القانونية، على المؤسسات المالية أن تتبع الإجراءات الآتية:

·    التحقق من الوجود القانوني للعميل، من خلال الحصول (سواء من سجل حكومي أو من العميل، أو من كلاهما) على دليل وجود الشركة، متضمناً معلومات تتعلق باسم العميل، وكيانه القانوني، وعنوانه، والمديرين، والنصوص التي تنظم سلطة وضع الشركة، موضع الالتزام.

·    التحقق من كل شخص، مصرح له أن يتصرف نيابة عن العميل، والتأكد من شخصيته.

·    يجب على المؤسسات المالية، أن تتخذ الإجراءات المناسبة، للحصول على معلومات، عن صحة شخصية من يطلب فتح حساب باسمه، أو عملية مالية تُجرى باسمه، إذا وجد شك حول العميل، والعمليات التي يجريها.

·    يجب على المؤسسات المالية، أن تحتفظ، لمدة لا تقل عن خمس سنوات، بكل السجلات والعمليات الداخلية أو الدولية، لكي تمكنهم من استيفاء المعلومات المطلوبة من السلطات المختصة.

·    يجب أن تعطي الدول عناية خاصة، للتطور التكنولوجي، المستخدم في عمليات غسل الأموال، واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.

·    على المؤسسات المالية، أن تعطي عناية خاصة، لكل العمليات المعقدة أو غير العادية، التي تُنفذ بمبالغ كبيرة. والعملاء غير المألوفين، أطراف هذه العمليات، الذين ليس لديهم هدف قانوني واقتصادي ظاهر.

·    إذا شكت المؤسسات المالية، أن المبالغ المقدمة، تأتت من مصادر غير مشروعة، فعليها أن تنقل شكوكها، إلى السلطات المختصة.

·    المؤسسات المالية ومديروها وموظفوها، يجب أن يوضعوا تحت حماية قانونية، في حالة إقرارهم عن العمليات المشبوهة، من وجهة نظرهم، بحسن نية، بصرف النظر عن مدى صحة هذه الشبهات.

·    على المؤسسات المالية، ومديريها، وموظفيها، عدم تنبيه العملاء، الذين جرى التقرير عن عملياتهم، إلى الجهات المختصة.

·    يجب على المؤسسات المالية، أن تقوم بالتقرير عن شكوكها، وفقاً لتعليمات السلطات المختصة.

·    على المؤسسات المالية، أن تُنمي برامج لمكافحة غسل الأموال، وأن تتضمن هذه البرامج، على الأقل:

ـ    تنمية السياسات الداخلية، والإجراءات، والرقابة، متضمنة اختيار الموظفين في المراكز الإدارية، وإجراءات تعيين مناسبة.

        ـ  برامج تدريب مستمرة للموظفين.

        ـ  إجراءات مراجعة لفحص النظام والبرامج الموضوعة.

·    على المؤسسات المالية، أن تتحقق من تطبيق المبادئ السابقة على فروعها، والمؤسسات التابعة لها، خاصة تلك التي تقع في بلاد، لا تطبق هذه المبادئ أو تطبقها ناقصة، طالما كانت القوانين واللوائح المعمول بها تسمح بذلك. فإذا كانت لا تسمح بذلك، فعلى السلطات المختصة، التي بها المؤسسة الأم، أن تخطر البلد التابعة لها بأنها، لا تستطيع تطبيق هذه التوصيات.

·    يجب على المؤسسات المالية، أن تعطي عناية خاصة للأعمال والعلاقات التجارية للأشخاص، متضمنة الشركات والمؤسسات المالية، التابعة للبلاد، التي لا تطبق هذه الإجراءات.

·    على الدول أن تضع طُرقاً عملية، لاكتشاف ومراقبة النقل العيني للأموال عبر الحدود، دون أن يكون لذلك أي إعاقة، لحركة رؤوس الأموال.

·    على الدول أن تقتنع بمدى جدية ومنفعة نظام، تلتزم فيه البنوك والمؤسسات المالية والوسطاء الماليين، بالتقرير إلى السلطات المختصة، عن العمليات المالية الدولية والمحلية، التي تتجاوز مبلغاً ثابتاً.

·    على الدول أن تشجع تنمية الوسائل الحديثة لإدارة الأموال، مثل زيادة استخدام الشيكات، كوسيلة لتشجيع إحلال التحويلات النقدية.

·    على الدول أن تلاحظ احتمالات، استخدام شركات في عمليات غير قانونية، ووضع طرق وقائية لذلك.

·    على السلطات المختصة، بمراقبة المؤسسات المالية في الدول، التأكد من وجود برامج مناسبة في هذه المؤسسات، للوقاية ضد عمليات غسل الأموال.

·    يجب تعيين هذه السلطات المختصة، لضمان تطبيق التوصيات بكفاءة.

·    على السلطات المختصة، أن تضع مبادئ وخطوط إرشادية لمساعدة المؤسسات المالية، في اكتشاف الحالات المشبوهة، لعملائهم.

·    على السلطات المختصة، التي تتولى مراقبة المؤسسات المالية، أن تلتزم بتطبيق القواعد والقوانين اللازمة، للحماية من أخطار تحكم المجرمين، في هذه المؤسسات عن طريق امتلاكها، أو المشاركة بنسبٍ عالية، في رأس مالها.

د. تنمية التعاون الدولي

(تبادل المعلومات)

·    على الهيئات المحلية، أن تهتم بتسجيل التدفقات الدولية للأموال، أياً كان نوع العملة، وترفع هذه المعلومات، إلى البنك المركزي، الذي يرفع بدوره تقريراً بهذه المعلومات، إلى صندوق النقد الدولي وبنك التسويات الدولية، لتسهيل إجراء الدراسات الدولية اللازمة، لمراقبة عمليات غسل الأموال.

·    على السلطات الدولية المختصة، مثل الانتربول[1] أن تحمل على عاتقها مسؤولية جمع المعلومات، عن غسل الأموال، وإعادة تزويد السلطات المحلية المختصة بها .

(تبادل المعلومات المتعلقة بالعمليات المشكوك فيها)

·    على كل دولة أن تُساعد، في التبادل الدولي للمعلومات، المتعلقة بالعمليات المشكوك فيها، والأشخاص والشركات المتورطة فيها، بين السلطات المحلية المختصة.

(صور أخرى للتعاون)

·    على الدول أن تؤكد أن الاختلاف في المبادئ والمفاهيم المحلية، لا يؤثر على الاشتراك في تبادل المساعدات القانونية.

·    يجب أن يكون التعاون الدولي، مدعَّم بشبكة من الاتفاقات الثنائية والدولية، لتوسيع نطاق التعاون المشترك.

·    يجب تشجيع الدول على التصديق، على الاتفاقات الدولية الخاصة، بغسل الأموال وتطبيقها.

·    يجب تشجيع التحقيقات الخاصة، بعمليات غسل الأموال، بين السلطات المختصة في الدول المختلفة.

·    يجب أن يتم وضع إجراءات للعمليات المشتركة بين الدول، فيما يتعلق بعمليات غسل الأموال، خاصة ما يتعلق بإجراءات البحث عن المتهمين، وإجراءات المصادرة، والحصول على الأدلة اللازمة، لإثبات جرائم غسل الأموال.

·    على الدول أن تعين سلطات متخصصة، تأخذ قرارات سريعة، بناء على طلب الدول الأجنبية، لمصادرة، وحجز وضبط، الممتلكات الناتجة عن جرائم غسل الأموال.

·    على الدول دراسة وضع طريقة سير آلية، لتجنب المنازعات الخاصة، باختصاص المحاكم في حالة وجود أكثر من محكمة في أكثر من دولة، مختصة بحل نزاع خاص بجريمة غسل أموال.

·    لابد أن تقوم الدول، بوضع إجراءات تبادل المجرمين، المتهمين في قضايا تتعلق بغسل الأموال.

2. أعمال لجنة العمل المالي

بعد أن أصدرت اللجنة توصياتها الأربعين عام 1990، تتبعت مدى التزام الدول، بتطبيق هذه التوصيات. كما ناقشت اللجنة دراسة مشروعات قوانين داخلية، لمحاربة عمليات غسل الأموال، ومراجعة هذه القوانين وتعديلها، بما يتلاءم مع الإجراءات المطلوبة لمكافحتها. كذلك ناقشت اللجنة الصعاب، التي تواجه التعاون الدولي وتبادل المعلومات، للقضاء على هذه الظاهرة.

وناشدت اللجنة كل دول العالم، لمواجهة عمليات تهريب الأموال، عن طريق تعريف هذه الدول، بأهمية مواجهة هذه الظاهرة، والطرق المستحدثة، التي يلجأ إليها منظفو الأموال، وكيفية مواجهتها. ثم أوفدت اللجنة العديد من البعثات، لعدد من الدول، منها جمهورية الصين، وكوريا، وجمهورية مصر العربية. وكان الهدف الأساسي من هذه البعثات، هو تقييم عمليات تنظيف الأموال، في هذه الدول، ومراجعة الإجراءات الحالية، التي تتخذها تلك الدول، إضافة إلى الإجراءات المخطط تنفيذها، من أجل مكافحة هذه الظاهرة، وإصدار توصياتها، لإنشاء لجان محلية، لتسيير أعمال مواجهة تبييض الأموال (Steering Group).

وغالباً ما تضم لجان تسيير الأعمال، رؤساء ومنسقين، من كبار المسؤولين في وزارات المالية والاقتصاد. وقد يكونوا تابعين للسلطات المنفذة للقانون، أو وزارة الخارجية. وتوصي هذه اللجان عادة، بتضمين القوانين المحلية، تعريف جريمة غسل الأموال، لتشمل جرائم أخرى غير جريمة الاتجار في المخدرات. فعندما يُجرّم غسل الأموال، سيكون هناك التزام باتخاذ الإجراءات الضرورية لمكافحة عمليات تبييض الأموال، في القطاع المالي. ومثل هذه الإجراءات مضمنة في توصيات لجنة العمل المالي. ويمكن تطبيق هذه الإجراءات إما عن طريق القانون، أو عن طريق اللوائح، التي تضعها الهيئات الرقابية المختلفة. وتمد هذه اللجان لدول المختلفة، بعدة نماذج لتشريعات لجنة العمل في هذا المجال.

وتهدف لجنة العمل المالي، من هذه اللجان الفرعية، إلى إنشاء جهة تتولى دراسة هذا الموضوع، وتهتم، في المقام الأول، بوضع إستراتيجية محددة للقضاء على هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، فإن وجود مثل هذه اللجان، سوف يمثل حلقة اتصال بين لجنة العمل المالي والدول المختلفة، يتم من خلالها، تبادل المعلومات، وتنسيق المعونة الفنية، المطلوب الحصول عليها من الدول المختلفة، وزيادة التعاون لمواجهة غسل الأموال، على المستوى الدولي.

ثانياً: مؤتمر هونليا ـ أفريقيا ـ القاهرة

      نظم البرنامج الدولي للأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، المؤتمر الدولي التاسع لرؤساء الأجهزة الوطنية، المعنية بتطبيق قوانين المخدرات. وقد عقد هذا المؤتمر في القاهرة، خلال شهر يونيه عام1996. وشاركت فيه 50 دولة أفريقية.

      وقد سبق أن ناقش الاجتماع السابق، لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات، الذي عقد في "أديس أبابا"، موضوع غسل الأموال، الناتجة عن تجارة المخدرات، والمؤثرات العقلية، والقضاء عليها. وخرج هذه المؤتمر بالعديد من التوصيات والقرارات، الخاصة بعمليات غسل الأموال، من حيث تبادل المعلومات. وحث الدول على ضرورة سن تشريعات، لمكافحة عمليات تبييض الأموال، وتوقيع اتفاقيات ثنائية ودولية، في هذا الشأن.

      وتناول المؤتمر الموقف الراهن للتعاون الإقليمي، في مجال مكافحة المخدرات، مع إعطاء الأولوية ومزيد من الاهتمام لمكافحة غسل الأموال، باعتبارها وسيلة فعّالة لمكافحة الاتجار غير المشروع، والجريمة المنظمة.

      وفي إطار مناقشات البند الرابع، من جدول أعمال المؤتمر، المتعلق بالتدابير العملية لتقرير التحريات، عن مصادر الأموال، ومكافحة عمليات غسل الأموال، طلب ممثلو بعض الدول، المساعدة في تقديم بيانات ومعلومات عن هوية المستثمرين الأجانب في بلادهم. كما اقتُرح في المؤتمر توسيع نطاق مكافحة غسل الأموال، لتشمل، إضافة إلى الأموال القذرة، الأموال السوداء.

      وطلب ممثلو الدول الأعضاء في المؤتمر، الأخذ بما جاء في اتفاقية فيينا 1988، فيما يتعلق بإزاحة جميع العوائق، عن التحريات المالية، خاصة قوانين سرِّية الحسابات في البنوك. كما حث المؤتمر على ضرورة تدريب كوادر وظيفية، في القطاعات المالية والقضائية، للقضاء على ظاهرة غسل الأموال.

ثالثاً: المؤتمرات العربية لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات

      عُقد في تونس خلال الفترة (من 12 إلى 14 يوليه 1995) المؤتمر العربي التاسع، لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات. وقد خرج المؤتمر بعدة توصيات تتعلق بغسل الأموال، خاصة فيما يتعلق بتطبيق الأساليب المبتكرة، للتصدي لجرائم الاتجار غير المشروع، الواردة في اتفاقية فيينا 1988، والأخذ بالتوصيات الأربعين الصادرة عن لجنة العمل المالي (FATF)، والتشريع النموذجي الصادر عن الأمم المتحدة عام 1993، إضافة إلى التأكيد على طلب تعديل قواعد سرية الحسابات والتخفيف منها، وتطبيق قاعدة "اعرف عميلك".

      كان المؤتمر الثامن، الذي عقد في تونس، خلال الفترة من (31 مايو إلى 2 يونيه 1994)، قد سبق وأصدر توصياته، بضرورة التنسيق بين المؤسسات المالية، والأجهزة الأمنية في البلاد العربية، للتعرف على الأساليب والحيل المستخدمة، في عمليات تبييض الأموال، المتأتية من الاتجار غير المشروع، في المخدرات، والمؤثرات العقلية، مع مراعاة وضع القواعد والإجراءات اللازمة، لمحاربة هذه الجريمة، في ضوء التجارب العربية والدولية، بهذا الخصوص.

رابعاً: لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة

      تجتمع لجنة المخدرات سنوياً، لمناقشة كافة الموضوعات المتعلقة، بمشكلة المخدرات والمستجدات، التي طرأت عليها. ثم ترفع توصياتها، إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. وقد أصبح موضوع غسل الأموال، بنداً ثابتاً على جدول أعمال اللجنة، اعتباراً من دورتها الرقم (38) التي عقدت خلال الفترة (من 14 إلى 23 مارس عام 1995) في النمسا، وأصدرت بها عدة توصيات، تتعلق بغسل الأموال.

      إضافة إلى ذلك، أوصت اللجنة، على تقرير التعاون بين برامج الأمم المتحدة، المعنية بالمكافحة الدولية للمخدرات، وفرع الجريمة والعدالة الجنائية التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة.

      وقد أشارت قرارات اللجنة، إلى وجوب أن تتضمن التشريعات الوطنية، إجراءات جزائية وإدارية من أجل الكشف عن الإيرادات الناتجة عن الجرائم، ومكافحة طرق غسلها بأساليب فعالة، وسن التشريعات الخاصة بمصادرة عائدات الأموال غير المشروعة، أو التحفظ عليها، واتخاذ إجراءات وقائية عن طريق نشر معايير أخلاقية، وتقرير التعاون الدولي، بين السلطات المالية والاقتصادية والتشريعية المختلفة.

      وفي اجتماعات اللجنة في الدورة (39) في فيينا عام 1996، خلال الفترة (من 16 إلى 25 إبريل)، أصدرت اللجنة قراراً يطالب البنوك والمؤسسات المالية، باتخاذ إجراءات يمكن من خلالها، معرفة هوية أصحاب كل المعاملات التجارية. والاحتفاظ بسجلات للمعاملات، وتشديد الرقابة على المؤسسات المالية، بصفة عامة.



[1] International Criminal Police Organization.