إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / عمليات غسل الأموال





مجموعات الكوسكيه الإجرامية
التسلسل الهرمي
العلاقة بين ثلاثة أطراف




المبحث الأول: قوانين سرية الحسابات

المبحث الأول: قوانين سرية الحسابات

أولاً: سرية الحسابات والدول الأوروبية

1. سويسرا

اعتبر القانون المدني السويسري، سرية الحسابات المصرفية، من الحقوق المكفولة للعملاء. ومنحتهم حق التعويض، عن الضرر الناتج عن إهدار هذه السرية، من جانب البنك، وإطلاع الغير على تفاصيل الحسابات. بل إن اعتراف البنك بوجود حساب للعميل لديه، يُعد إهداراً لسرِّية العميل. وقد فُرضت عقوبات شديدة على كل من يخالف أحكام السرية، وصلت إلى حد الغرامة المالية والحبس.

ويطبَق قانون سرية الحسابات في سويسرا، على مصرف الحكومة، وعلى معاملات البنوك فيما بينها. ويطبَق قانون السرية المصرفية على موظفي البنوك، حتى بعد تركهم العمل المصرفي.

وفي عام 1991، وبضغوط من الحكومة الأمريكية، أوقفت سويسرا العمل بنظام سرية الحسابات الرقمية، التي على أساسها يودع العـميـل أو يسحـب، بـواسـطـة رقـم سري، مـن دون الحـاجـة إلى معرفـة شخصيتـه. وبذلك أصبحت عملية الكشف عن شخصية العملاء، أمام إدارة البنك إلزامية.

2. إيطاليا

منذ عام 1972، ألزم المشرع الإيطالي، جميع المؤسسات المالية، الخاضعة لإشراف بنك إيطاليا (البنك المركزي الإيطالي)، المحافظة على سرية الحسابات، والبيانات والمعلومات الخاصة بها. واستثنى القانون من ذلك، حالات الكشف عن حسابات العملاء بأمر القضاء، أو السلطات الضريبية.

3. فرنسا

يحمي قانون العقوبات الفرنسي، سرية الحسابات (المادة 378)، حيث ألزم العاملين في البنوك، بالحفاظ على أسرار حسابات عملائهم.

4. لوكسمبورج

تطبق البنوك في لوكسمبورج، نظام الحسابات الرقمية، مثل البنوك السويسرية، الذي يخفي اسم العميل، صاحب الحساب، حيث يأخذ أرقاماً اصطلاحية (كودية)، للتعبير عن هذا الحساب. ويستطيع العميل من خلال هذه الأرقام، السحب والإيداع على حسابه، من دون الإفصاح عن شخصيته، سوى لعدد محدود للغاية، من كبار موظفي البنك.

ويتفق تشريع لوكسمبورج، مع سائر قوانين البنوك، في المحافظة على سرية الحسابات، إلا في المسائل المتعلقة بالمطالبات الضريبية، أو بناء على طلب السلطات القضائية، أو بعد الحصول على موافقة كتابية من العميل.

5. بلجيكا

تُعد البنوك البلجيكية، المحافظة على سرية حسابات عملائها، من التقاليد المصرفية، التي يتحتم احترامها والالتزام طوعاً بتطبيقها. ولعدم وجود حماية قانونية لسرِّية الحسابات، حدثت تسربات للبيانات الخاصة بحسابات العملاء، عن طريق مراجعي الحسابات والمراقبين على البنوك، دون الخضوع لعقوبات قانونية رادعة.

6. هولندا

يعاقب قانون العقوبات في هولندا، بصفة عامة، كل من يفشي أسراراً، تصل إلى علمه من خلال مهنته ووظيفته. وبذلك تتحقق حماية سرية الحسابات، من خلال إلزام الموظفين في البنوك، بعدم إفشاء أسرار حسابات عملائهم.

7. ألمانيا

يكفل الدستور الألماني للعملاء تجاه البنوك، حق المحافظة على سرِّية بيانات وأرصدة حساباتهم في البنوك. إضافة إلى ذلك، يلزم قانون البنوك الألماني، أعضاء مكتب الرقابة الفيدرالي، والموظفين العاملين في البنك المركزي، المحافظة على السرية المصرفية. وقد رخصّ القانون إفشاء أسرار الحسابات، إن كان الإفشاء متعلقاً بالمصلحة العامة، أو مصلحة الاقتصاد القومي، أو إذا كان بناء على طلب مصلحة الضرائب، أو السلطات القضائية.

ثانياً: المجموعة الأوروبية:

      أصدر المجلس الأوروبي مرسوماً في عام 1977، أكد فيه على ضرورة المحافظة على سر المهنة، من قبل السلطات والجهات المختصة، مثل مراقبي الحسابات والخبراء. وعلى الرغم من أن هذا النص غير محدد، إلاَّ أنه يعني عدم إفشاء أسرار المهنة بصفة عامة، فيما عدا ما يخص القضايا المتعلقة بالقانون الجنائي.

      ولقد تجاوزت المحكمة الأوروبية في عام 1984، القضايا المتعلقة بالقانون الجنائي، لتشمل، أيضاً، على استثناء آخر يخص القضايا المتعلقة بالقانون المدني. وفي حالة السماح بكشف أسرار المهنة، بواسطة إحدى الجهات المختصة (Competent Authorities)، أو البنوك المركزية، فإنه فيما يتعلق بتبادل المعلومات، بين الدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية، تستطيع هذه الجهات، أن تتبادل المعلومات فيما بينها.

      وجاء المجلس الأوروبي، ليشترط أن يكون الغرض من تبادل المعلومات، هو التأكد من أن الشروط المنصوص عليها، في التعاملات البنكية قد تحققت، ولتسهيل الرقابة على الأنشطة التجارية. وجاء مرسوم غسل الأموال في عام (1991) (Money Laundering Directive)، لينص على وجوب تعرّف البنوك على عملائها، قبل الدخول في تعاملات مالية معهم، وخاصة فيما يتعلق بعمليات فتح الحسابات، وقبول ملفات حفظ الأوراق المالية.

      أما فيما يتعلق بعملية أو مجموعة عمليات مالية تساوي أو تجاوز (1500) ألف وحدة نقد أوروبية ECU) [1]، ألزم المرسوم المؤسسات المالية، وموظفيها ومديريها، إبلاغ السلطات المختصة لمكافحة غسل الأموال، عن هذه العمليات، وكل العمليات المشتبه فيها، وإمداد هذه السلطات، بالمعلومات التي يطلبونها.

ثالثاً: الدول العربية

1. لبنان

صدر قانون السرِّية المصرفية، في لبنان عام 1956، إضافة إلى وجود حماية قانونية، لسرية العمل المصرفي، بموجب قانون العقوبات في المادة (579). ويحظر القانون الخاص بسر المهنة المصرفية، الكشف عن الأموال، إلاّ بناء على طلب من السلطات القضائية، عند نظر دعاوى الكسب غير المشروع، أو في حالة موافقة العميل على كشف الحساب، أو في حالة وجود نزاع، بين البنك والعميل، يتعلق بمعاملة مصرفية، أو في حالة إعلان إفلاس العميل. وفي هذه الحالات أجاز القانون تبادل المعلومات، بين البنوك بخصوص حسابات العملاء المدينة، مع تقديم أسماء العملاء، متى كانت حساباتهم مدينة، إلى مراقبي بنك لبنان.

وتطبق لبنان نظام الحسابات الرقمية، على الحسابات السرية، التي يريد أصحابها عدم الكشف عنها بسرية مطلقة، ولا يعلم عن هذه الحسابات، أحد من العاملين في البنك، إلا المدير ونائبه فقط.

2. الأردن

لا يوجد تنظيم قانوني خاص، لسر المهنة المصرفية في الأردن، إلا أن البنوك الأردنية، سعت إلى كتمان الأسرار المصرفية للعملاء. وعند تعيين العاملين الجدد، في البنوك الأردنية، يلتزمون كتابةً بالسرية المطلقة، لكل ما يخص العملاء، باعتبار ذلك من الأعراف المستقرة فيما بين البنوك، من دون وجود نص قانوني على ذلك.

ويلاحظ أن المادة (355) من قانون العقوبات، الرقم (16) لسنة 1960، تنص على أن: "يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات كل من كان بحكم مهنته على علم بسر وأفشاه دون سبب مشروع". وقد أعطى القانون المدني الأردني الحق لكل من يقع اعتداء، على حق من حقوقه الشخصية ـ ومنها السر المهني ـ أن يطلب وقف هذا الاعتداء، مع إعطائه الحق في التعويض، عما يكون قد لحقه من ضرر. ويمكن الاستدلال على السرية المصرفية، من خلال قانون الشركات المساهمة الأردني الرقم (1) لسنة 1989، الذي يحظر على رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة المساهمة العامة، ومديرها العام، أو أي موظف يعمل فيها، أن يفشي إلى أي مساهم في الشركة، أو إلى غيره، أي معلومات أو بيانات تتعلق بالشركة، وتعتبر ذات طبيعة سرية بالنسبة لها. وذلك تحت طائلة العزل، والمطالبة بالتعويض عن الأضرار، التي لحقت بالشركة. ويستثنى من ذلك، المعلومات، التي تجيز القوانين والأنظمة المعمول بها نشرها.

ونظراً لأن البنوك، لابد أن تأخذ شكل الشركة المساهمة، من الناحية القانونية (وفقاً للمادة 96 من قانون الشركات)، فإن النص المشار إليه آنفاً، لابد وأن يطبّق على البنوك. ومن ثم يحظر على العاملين فيها، الإدلاء بأية معلومات، أو إفشاء أسرار العملاء إلى الغير، وإلاَّ تعرضوا للعقوبات المنصوص عليها في القانون، ذلك أن معاملات وحسابات وبيانات العملاء، ذات طبيعة سرية، لا يجوز الكشف أو الإفصاح عنها للغير.

ويلتزم مراجعو الحسابات، كذلك، بعدم الكشف عن أسرار العملاء، التي يطلعون عليها بحكم أعمالهم، وفقاً لأحكام قانون الشركات المساهمة أيضاً (المادة 230)، وقانون مهنة تدقيق الحسابات الرقم (3) لسنة 1985، ونظام جمعية مدققي الحسابات الأردنيين الرقم (47) لسنة 1987. وكلها تحظر على المدقق، إفشاء أسرار عمله، أو نقل المعلومات، إلاّ في الأحوال، التي تجيزها القوانين والنظم المذكورة.

وذلك على الرغم من أن البنوك، مستثناة من تدقيق حساباتها، بمعرفة موظفي مراقبة الشركات، في وزارة الصناعة والتجارة، خشية إفشاء أسرار حسابات عملائها. ومن المعروف، أن البنوك تخضع لتدقيق حساباتها، بواسطة موظفي البنك المركزي الأردني، وتحظر التشريعات المصرفية عليهم، إفشاء أسرار العملاء، والمحافظة على سرية المعلومات، التي يحصلون عليها، من خلال عملهم في الرقابة والتفتيش على البنوك، وعلى شركات الصرافة، إلا في الحالات التي يجيزها القانون، كالشهادة في المحاكم، على سبيل المثال.

ويلتزم العاملون في البنك المركزي الأردني، بأداء قسم الولاء، والمحافظة على سرية أعمال البنك أو معاملاته، وتوقع عقوبات على المخالفين، تصل إلى العزل من الوظيفة، مع حق المتضرر في الحصول على التعويض، عن الضرر.

3. جمهورية مصر العربية

اتجهت مصر عام 1990، إلى تطبيق نظام سرية الحسابات المصرفية، عقب حرب الخليج الثانية، بين العراق والكويت. فصدر القانون (205) لسنة 1990، المعدل بالقانون (97) لسنة (1992)، بشأن سرية الحسابات بالبنوك. وقد أضفى القانون السرية، بشكل صريح على أعمال البنوك، والأموال التي تودع فيها، وحظر القانون على الجهات الرقابية، أو أية جهات أخرى، الإطلاع على أية بيانات خاصة بالعملاء، وذلك بهدف جذب المدخرات المصرية، ومدخرات أبناء دول الخليج، التي اتجهت إلى هجرة بلادها، عقب الغزو العراقي للكويت. وتشمل السرية حسابات العملاء، وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم. وذلك، إضافة إلى جواز فتح حسابات رقمية، بالنقد الأجنبي، لا يجوز الاطلاع عليها، إلا في حالات خاصة، بناء على طلب العميل نفسه أو وكيله القانوني، أو بناء على حكم قضائي، وكذلك الأمر لمدققي الحسابات، ومراقبي البنك المركزي، ومراقبي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، أو في حالة صدور حكم من محكمة استئناف القاهرة، بالاطلاع على حسابات العملاء، إذا كان ذلك ضرورياً، لبيان الحقيقة في قضايا الجنح أو الجنايات، مع وجود دلائل جدية على وقوعها، أو للتقرير بما في الذمة المالية لأحد عملاء البنك، بسبب حجز وقع على حساباته، لدى أحد المصارف.

وفي عام 1992، صدر تعديل للقانون، يسمح للنائب العام، أو من يفوضه، الإطلاع على حسابات، أو ودائع، أو أمانات، أو خزائن العملاء.

ويرى بعض الاقتصاديين أن كثرة الاستثناءات، الموجودة في القانون، تجعل منه هدفاً سهلاً، يعمل على كشف حسابات العملاء السرية، وهو ما يعني تردد المُشرِّع، في منح الحصانة للأموال المودعة في البنوك المصرية.

وعلى نقيض ما سبق، يعترض آخرون على السرية المفرطة في القانون، وصعوبة كشف الحسابات، الذي لا يجوز إلا بموافقة النائب العام، وبناء على حكم محكمة استئناف القاهرة. وهو ما يؤدي إلى صعوبة كشف حسابات أصحاب الدخول غير المشروعة، ومن ثم يساعد على تسهيل إجراء عمليات غسل الأموال، الناتجة عن الجرائم المختلفة.



[1] ECU: European Currency Unit