إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / عمليات غسل الأموال





مجموعات الكوسكيه الإجرامية
التسلسل الهرمي
العلاقة بين ثلاثة أطراف




المبحث الثاني: آثار عمليات غسل الأموال

المبحث الثاني: آثار عمليات غسل الأموال

      قد يُظَن أن عملية غسل الأموال، مثلها مثل الاقتصاد الخفي، لها آثار إيجابية. نظراً لأن هذه العملية تتطلب تأسيس وشراء شركات، وتوظيف عدد من العاطلين عن العمل، ومن ثم تخفيض معدلات البطالة، وزيادة معدلات الاستثمار، في شراء عقارات وأوراق مالية وشركات، وانتعاش السوق المحلية للدول.

      ولكن ينتج عن عمليات غسل الأموال، العديد من الأخطار، التي تؤدي إلى التأثير سلبياً، على المجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية. فتفشي ظاهرة تبييض الأموال في أي مجتمع، تؤدي بطبيعة الحال، إلى انتشار الفساد بشتى أنواعه، في جميع المستويات الوظيفية، لتسهيل عمليات غسل المبالغ غير المشروعة. إضافة إلى ارتفاع الدخول الناتجة، عن الفساد الإداري والسياسي، واستغلال المناصب، والمحسوبية والرشوة، في مختلف المجالات.

      كما تؤدي عمليات غسل الأموال، إلى انتشار العصابات المنظمة، التي تحمي خط سيرها، لإتمام عملياتها على أكمل وجه. كل ذلك يؤدي، في النهاية، إلى هضم الحقوق وانتصار المال، كعنصر قوة أوحد، يعطي لصاحبه الكلمة الأولى والأخيرة، فتنهار القيم والمبادئ والقوانين، أمام أصحاب الأموال المغسولة.

      وقد يتبادر إلى الذّهن أن عمليات غسل الأموال، قد تؤدي إلى جوانب إيجابية، تعود بالنفع على الدول المستوردة للأموال المغسولة، وأن هذه العمليات، تؤدي إلى زيادة الاستثمارات، في البلاد المستقبلة لهذه الأموال، وإقامة العديد من المشروعات، التي تساعد على النمو الاقتصادي لهذه الدول. وتؤدي ـ تبعاً لذلك ـ إلى الحد من معدلات البطالة، عن طريق فرص العمل، التي توفرها الاستثمارات، الناتجة عن هذه الأموال غير المشروعة. ولكن، على الرغم من ذلك، فإنّ عمليات تبييض الأموال، تؤثر سلباً على الدول، التي تنشأ فيها هذه العوائد غير المشروعة. وتتبين هذه الآثار بالتفصيل، فيما يلي:

أولاً: زيادة معدلات الاستهلاك

      إن أصحاب الأموال غير المشروعة، ترتفع معدلات استهلاكهم. وذلك يرجع إلى عدة أسباب، منها:  

      التوسع في الشراء، يُعد طريقة من طرق غسل هذه الأموال. فضلاً عن أنّ المال الذي يأتي دون عناء يذهب، عادة، من دون عناء.

      فمن يعمل في أنشطة غير مشروعة، يحصل، عادة، على عوائد مرتفعة للغاية، مقابل مجهود ووقت قليلين، لا يتناسبان مع هذه الأرباح المحققة. ومن ثم، لا تُصرف هذه الأموال في مجالات تعود بالنفع على الاقتصاد القومي. فهي تصرف، عادة، على الكماليات والحفلات والسهرات والملابس والرحلات وشراء السيارات الفارهة، والفيلات والقصور والتحف والحلي. إضافة إلى الصرف على الشركات الوهمية، التي لا تدر النفع على الاقتصاد القومي. ويتمثل ذلك الصرف، في الديكورات والدعاية والإعلان، ورواتب موظفين، لا يشاركون في زيادة إجمالي الناتج القومي، لاقتصاديات الدول.

      وكل ذلك يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك المحلي. وبزيادة معدلات الاستهلاك ينخفض الادخار المحلي، تطبيقاً للمعادلة الاقتصادية المشهورة "الادخار = الدخل - الاستهلاك".

ثانياً: هروب رؤوس الأموال الوطنية

      ذُكر من قبل، أن الأموال غير المشروعة، غالباً، ما يحولها أصحابها إلى خارج البـلاد (Capital Out Flow) التي نشأت فيها، وذلك لكي تكون في مأمنٍ عن أعين السلطات المحلية، وأخطار الحجز والمصادرة، في حالة اكتشاف عدم شرعيتها.

      ويؤدي هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، إلى آثار سلبية، أهمها انخفاض الاستثمارات الداخلية، وانخفاض الناتج القومي، ومن ثم يتأثر النمو الاقتصادي للدولة سلباً.

      كما يؤدي خروج رؤوس الأموال الوطنية، كذلك، إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية، في مواجهة العملات الأجنبية الأخرى. وذلك لزيادة المعروض من العملات الوطنية، في مقابل زيادة الطلب على عملات الدول، التي يتم تحويل رؤوس الأموال إليها (أو زيادة الطلب على العملات المقبولة عالمياً مثل الدولار الأمريكي، والجنيه الإسترليني، والفرنك الفرنسي، والين الياباني).

      وينتج عن انخفاض قيمة العملة المحلية، غالباً، ارتفاع أسعار السلع، مما يؤدي إلى سوء توزيع الدخل. فعند ارتفاع الأسعار في المجتمع، تصبح الفئة، التي تحصل على دخل ثابت (الموظفون، أصحاب المعاشات، ...) أكثر الفئات إصابة بضرر التضخم، بسبب أن قيمة دخولهم الحقيقية (قيمة ما تستطيع شراؤه من سلع) تنخفض.

      ويؤدي تفشي ظاهرة الفساد، وانتشار الدخول غير المشروعة، في بلد ما، إلى استمرار نزوح رؤوس الأموال إلى الخارج. ومن ثم الارتفاع المتوالي في المستوى العام للأسعار، الذي يؤدي، بطبيعة الحال، إلى تعرض المجتمع لظاهرة التضخم.

      كذلك، يترتب على نزوح الأموال إلى الخارج، قلة الاستثمارات، وتتبعها قلة المشروعات، وانخفاض فرص التوظيف المتاحة في سوق العمل. كل ذلك يؤدي، حتماً، إلى ارتفاع معدلات البطالة.

      كما تؤدي عمليات غسل الأموال، إلى العديد من الآثار السلبية الأخرى، مثل:

  • زيادة العجز في ميزان المدفوعات، نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية، في مواجهة العملات الأخرى، ومن ثم ارتفاع تكلفة الواردات، في مواجهة الصادرات.
  • زيادة الديون العامة نتيجة زيادة العجز في ميزان المدفوعات، وعدم وجود عملات صعبة كافية لسداد الديون، مما يؤدي إلى زيادة أعبائها (فوائدها).
  • اتساع نشاط الاقتصاد الخفي، كلما زادت مصادر الأموال المغسولة، والأنشطة الناتجة عنها.
  • زيادة الفجوة بين الدخل الحقيقي والدخل الرسمي، نتيجة زيادة أنشطة الاقتصاد الخفي واتساعها.