إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / إدارة الاقتصاد السعودي، خلال حرب تحرير الكويت





إجمالي الودائع
مطلوبات المصارف
المؤشر العام لأسعار الأسهم
الناتج القومي الإجمالي
الودائع لدى البنوك السعودية
الميزان التجاري
الميزانية العامة (الإيرادات والمصاريف)
الميزانية العامة (الفائض/ العجز)
التحويلات الخاصة
التحويلات الرأسمالية
الخدمات والتحويلات
الصفقات في سوق الأسهم
صافي الموجودات الأجنبية




رابعا: أثر الأزمة على بعض المؤشرات الاقتصادية

رابعا: أثر الأزمة على بعض المؤشرات الاقتصادية

1. القطاع المالي

أ. المصارف

      في حال الحروب، نجد أن كثيراً من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال يحجمون عن النشاطات الاستثمارية الجديدة، بل إن كثيراً منهم يقومون بتصفية تلك الاستثمارات، وسحب الأموال إلى خارج البلدان المعرضة للحروب، مما ينجم عنه عواقب وخيمة تؤدي إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد في ذلك البلد على المديين الطويل والقصير. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى حساسية رأس المال، حيث إن المستثمرين يقومون تلك الاستثمارات وعائدها المالي وما قد يؤثر عليه في المستقبل.

      فالمستثمرون يتوقعون أن تتعرض الدولة، التي تخوض الحرب إلى أزمات خارجة عن إرادتها، ومنها الأزمة الاقتصادية. فأصحاب رؤوس الأموال يتوقعون انهيار البنية الأساسية للدولة، التي تخوض حرباً، وعند نهاية تلك الحرب لابد من إعادة الإعمار فيها، مما يزيد من الضغط على المصروفات الحكومية، فضلاً عن المصروفات، التي تتحملها الحكومة من جراء تحملها مصروفات المجهود الحربي.

       لذا، فهم يتوقعون زيادة المصاريف الحكومية في مقابل نقص كبير في الإيرادات، بسبب تقلص النشاطات الاقتصادية، مما يؤدي في النهاية إلى وجود عجز كبير، يتمثل في الفرق بين المصروفات والإيرادات، وهذا بدوره يعمل على خلخلة النظام النقدي في تلك الدولة، حيث من المتوقع أن تقوم تلك الدولة بتسديد جزء من ذلك العجز عن طريق طباعة نقود ورقية، مما يزيد من عرض تلك النقود، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض في القيمة الشرائية إن لم يكن انهياراً كاملاً لتلك العملة الورقية.

      وبما أن عائدات تلك الاستثمارات تكون بالعملة المحلية، فإن المستثمر يتوقع انخفاضاً كبيراً في العائد المالي المتوقع من تلك الاستثمارات، ويحاول التخلص منها قبل ذلك، وحيث يقوم عدد كبير من المستثمرين بعمل ذلك في آن واحد، فإن هذا يؤدي إلى انخفاض في أسعار تلك الاستثمارات. ولحساسية رأس المال فإننا نرى كثيراً من المستثمرين يقومون قبل وقت طويل بتصفية استثماراتهم وإخراج الأموال خارج البلاد، التي تدور حولها الأحداث.

      فيما يلي سيتم استعراض بعض المؤشرات، التي تساعد على هذه الحقيقة، كما تعمل على توضيح ما مرت به المملكة في أثناء أزمة الخليج الثانية عام 1990م.

ـ  الموجودات الأجنبية في المصارف السعودية: بنظرة سريعة للإحصاءات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي عن الأعوام السابقة، نجد أن اقتصاد المملكة عانى من بعض تلك المظاهر، وإن كانت التوقعات عن الحرب غير متشائمة جداً، إلا أنه يمكن وببساطة الإشارة إلى أن عام 1990م كان عاماً فريداً.

فكما تشير الأرقام الموضحة في (جدول الموجودات والمطلوبات الأجنبية للمصارف) عن الموجودات والمطلوبات الأجنبية للمصارف السعودية، فإن الموجودات الأجنبية لهذه المصارف زادت وبلغت رقماً قياسياً لم يتم تسجيله في أي سنة أخرى. حيث بلغت تلك الموجودات ما يزيد عن 123 مليار ريال، مرتفعاً من 118 مليار ريال عام 1989م، أي بنسبة تزيد عن 4%. كما قام المستثمرون الأجانب بإخراج كمية كبيرة من رؤوس الأموال المودعة لدى المصارف السعودية، حيث انخفضت المطلوبات الأجنبية للمصارف بنسبة كبيرة وصلت إلى 13% بين عامي 1989-1990م، وهذه النسبة تعكس المخاوف، التي تنتاب المستثمرين الأجانب حيث قاموا بسحب أكثر من 4 مليارات ريال في آن واحد، ليزيد صافي الموجودات الأجنبية للمصارف السعودية إلى رقم لم يتم تسجيله في أي عام آخر وهو ما يزيد على 93 مليار ريال، وبنسبة قدرها 11% (انظر شكل صافي الموجودات الأجنبية).

يشير ذلك الرقم (93 مليار ريال) إلى صافي الأموال السعودية المستثمرة خارج المملكة، حيث حقق هذا الرقم زيادة كبيرة خلال ذلك العام، وهذا مؤشر على التوقعات المتشائمة لمستقبل الاقتصاد السعودي بعد الحرب، التي كانت تساور المستثمرين آنذاك، إلا أن هذه التوقعات لم ترق إلى درجة التشاؤم، الذي قد يؤدي إلى سحب كبير للاستثمارات الأجنبية في المملكة، وإن كانت نسبة الزيادة في صافي الموجودات الأجنبية كبيرة إلا أنها تعد متواضعة لدولة في حال حرب، إذ كان من المتوقع أن تكون أعلى من الأرقام المسجلة كثيراً.

ـ  الودائع المصرفية:  تأخذ الودائع المصرفية عدة صور. فقد تكون ودائع تحت الطلب  وهي تلك، التي لا يأخذ المودع عليها أي عوائد مادية أو فوائد، وإنما يحتفظ البنك بها ويكون مسؤولاً عن توفيرها عند الطلب. وتمثل هذه الودائع فئة كبيرة بين مجموع ودائع البنوك التجارية.

كما تكون هذه الودائع في صورة ودائع ادخارية أو لأجل، وهي تلك الودائع، التي تودع لدى البنك لأجل معين ويكون البنك مسؤولاً عن دفع فوائد على تلك الودائع، مما يعني أحقية البنك باستثمار تلك الأموال المودعة بنسبة 100% إلى حين حلول أجلها.

وهناك أنواع أخرى من الودائع، التي بين هذين النوعين، وتسمى الودائع شبه النقدية وهي تلك، التي يقوم المودع بإيداعها لدى البنك على أن يقوم البنك بتوفير هذه الأموال المودعة خلال مدة من تاريخ طلب المودع لهذه الأموال.

      وتختلف سياسات البنوك المركزية في التعامل مع كل صورة من هذه الصور الثلاث، فبينما تطلب بعض البنوك المركزية من البنوك التجارية الاحتفاظ بنسبة 20% من الودائع تحت الطلب في صورة نقد في ذلك البنك، تطالب بعضها البنوك التجارية الاحتفاظ بنسبة 10% فقط من مجموع الودائع تحت الطلب. وبطبيعة الحال تكون القيود على الودائع الادخارية ولأجل أقل من تلك، التي يطالب بها البنك المركزي على الودائع تحت الطلب.

      بعد هذا الاستعراض السريع للصور، التي تأخذها الودائع المصرفية، فإن من المناسب أن نرى مدى تأثر هذه الودائع بالظروف، التي صاحبت حرب الخليج عام 1990م.

      يحتوي (جدول الودائع المصرفية) على بعض الإحصائيات عن الودائع المصرفية في البنوك السعودية للفترة بين عامي 1963م-1999م، ونود هنا التركيز على عام 1990م، حين انخفضت الودائع تحت الطلب بنسبة ليست مؤثرة، كما كان متوقعاً، لأن هذه الودائع، كما أسلفنا الذكر، تحت الطلب، وليس هناك مخاطرة بالإبقاء عليها لدى البنك التجاري.

      ولكن عند النظر إلى الودائع الادخارية ولأجل، نجد أنها انخفضت وبشكل ليس باليسير عام 1990م، ثم ما لبثت أن تراجعت إلى مستواها الاعتيادي عام 1991م. فقد انخفض مجموع تلك الودائع من 44.6 مليار ريال عام 1989م إلى 39.3 مليار ريال عام 1990م أي بنسبة قدرها 13.5%، وهي نسبة كبيرة في المقاييس المالية.

      وقد كان هذا الانخفاض متوقعاً؛ نظراً لخوف المودعين على الأموال المودعة بالعملة المحلية (الريال السعودي)، لعدم قدرتهم على استعادتها في أي وقت شاؤوا. ولكون البلاد تمر تلك الأيام بظروف صعبة فإن المودعين، كما أسلفنا سابقاً، يخشون عدم قدرة الحكومة على المحافظة على القيمة الشرائية للريال، لذا فهم يرغبون في سحبها من تلك الحسابات وتوظيفها في استثمارات أخرى.

      أما إجمالي الودائع المصرفية لدى البنوك التجارية، فقد انخفضت هي الأخرى من جراء انخفاض الودائع الادخارية والودائع لأجل بنسبة أقل، نظراً لأنها تشمل الودائع تحت الطلب، التي لم تنخفض كثيراً كما أسلفنا (انظر شكل الودائع لدى البنوك السعودية وشكل إجمالي الودائع).

ـ  مطلوبات المصارف من القطاع الخاص: يتمثل الدور الأساسي للبنوك التجارية، كما هو متعارف عليه في النظام الرأسمالي، في تجميع الأموال، التي يكون موعد سدادها في الأجل القصير وضخها في أوعية استثمارية يكون موعد سدادها طويل الأجل.

ويتركز نشاط المصرف في الأساس بتخفيض المخاطر، التي قد تنشأ من اختلاف آجال السداد من بين الداخل والخارج منه. لذا فإن بعض المصارف يحاول إقراض تلك الأموال ذات الآجال القصيرة إلى مستثمرين، يكون سداد الأموال المقرضة لهم غالباً على المدى الطويل، وتسمى تلك الأموال مطلوبات المصارف من القطاع الخاص. وتأخذ هذه المطلوبات إحدى صورتين: الأولى تكون في صورة ائتمان يعطى للقطاع الخاص، ويدفع عليه المقترض عوائد مادية محددة سابقاً في نهاية كل فترة مالية، وتكون المخاطر في هذا الشكل من الاستثمارات المالية متدنية بالنسبة للبنوك، والصورة الأخرى لتلك المطلوبات هي الاستثمار المباشر، وهي المشاريع، التي تشارك المصارف في رؤوس أموالها، وتكون شريكاً في إدارة تلك المشاريع بقدر مشاركتها في رؤوس أموال تلك المشاريع، وتعتبر المخاطر في هذا النوع من الاستثمارات المالية مرتفعة، مقارنة بالمخاطر على النوع الأول من الاستثمارات؛ نظراً لعدم ضمان هذه الاستثمارات واحتمالية خسارتها.

وقد كان لحرب الخليج عام 1990م، أثر كبير على شكل وقيمة مطلوبات المصارف من القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، حيث انخفض مجموع مطلوبات المصارف من القطاع الخاص بنسبة كبيرة وصلت إلى حوالي 11% عام 1990م، كما هو موضح في (جدول مطلوبات المصارف من القطاع الخاص). وهذا الانخفاض يعكس الانخفاض الحاصل في استثمارات المصارف في الاقتصاد السعودي سواء كان هذا الاستثمار مباشراً أو غير مباشر.

وإذا أردنا أن نلقي نظرة فاحصة على هذه الأرقام وتجزئتها إلى استثمارات مباشرة وائتمان، نجد أن مجموع الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص السعودي، قد انخفض من 69 مليار ريال إلى 61 مليار ريال، أي بنسبة قدرها 12%، وهذا يعود في الأصل إلى طبيعة هذه الاستثمارات، حيث يكون بمقدور المصرف تسييلها أو بيعها ولو بخسارة يسيرة، في مقابل تخفيض المخاطر، التي تواجهه، حيث قامت المصارف السعودية في ذلك العام بتسييل ما يربو على 8 مليار ريال؛ لتخفيض المخاطر، التي قد تواجهها تلك المصارف وهذا الرقم يعتبر كبيراً، وقد كان له تأثير على المسار، الذي سلكته هذه البنوك على المدى المتوسط وعلى المدى الطويل. فبنظرة سريعة على مسار السلسلة الزمنية لذلك المتغير، نجد أن عام 1990م كان يمثل منعطفاً ليس باليسير. حيث سلكت هذه السلسلة مسلكاً غير المسلك الاعتيادي (انظر شكل مطلوبات المصارف).

ب. سوق الأسهم

      تعد سوق الأسهم المؤشر الأول للتنبؤات الاقتصادية في الاقتصاديات المتقدمة. إذ إنه من خلالها يستطيع الباحث التعرف على التنبؤات عن المؤشرات الاقتصادية في بلد ما. حيث تعكس مؤشرات السوق المالية توقعات المستثمرين عن ذلك الاقتصاد، ويرجع ذلك أساساً إلى سهولة تسييل الأسهم وبيعها. فعندما تكون التوقعات عن الظروف الاقتصادية جيدة نجد أن مؤشرات سوق الأسهم تزدهر، وذلك راجع في المقام الأول إلى التوقعات بتحسن أرباح الشركات المدرجة في ذلك السوق، وإذا كانت التوقعات عن الظروف الاقتصادية بعكس ذلك، فإن الانخفاض هو مصير أسعار تلك الأسهم إذا لم تكن التوقعات متشائمة جداً.

      أما إذا كانت التوقعات متشائمة جداً فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار في أسعار الأسهم، مما يعني انهياراً في المؤشر العام للأسهم. وقد كان عام 1990م عاماً فريداً بالنسبة إلى سوق الأسهم السعودية. إذ انخفضت القيمة السوقية للأسهم السعودية انخفاضاً كبيراً من 107 مليار ريال إلى 97 مليار ريال أي بنسبة تصل إلى 9% وهذه النسبة تعد كبيرة بالمقاييس العالمية (انظر جدول مؤشرات سوق الأسهم).

      ويعكس هذا الانخفاض القلق، الذي كان يساور المستثمرين والمضاربين في هذه السوق، حيث كان هؤلاء المستثمرون يتوقعون انخفاضاً كبيراً في النشاطات الاقتصادية عموماً، مما سيعمل على انخفاض أرباح الشركات المدرجة في هذه السوق، مما يعني في النهاية انخفاض أسعارها، لذا قام المستثمرون، اعتماداً على مثل تلك التوقعات، بالتخلص من هذه الأسهم مبكراً، مما أدى إلى الضغط على أسعارها وانخفاضها بهذه النسبة الكبيرة، كما هو موضح في (شكل المؤشر العام لأسعار الأسهم).

      ويوضح (شكل الصفقات في سوق الأسهم) عدد الصفقات المنفذة في ذلك العام ومقارنتها بالعام السابق له، حيث نجد أن هذا العدد قد انخفض بنسبة 22% ليصل إلى ما يربو قليلاً على 85 ألف صفقة، كما انخفض المؤشر العام لأسعار الأسهم من 1086 نقطة عام 1989م إلى 979 نقطة عام 1990، أي بنسبة تصل إلى 10%.

      وإذا كانت هذه المؤشرات تميل إلى الانخفاض في مجملها فإنها لم تصل إلى المستويات، التي تثير القلق، خاصة في بلد في حالة حرب، حيث إن التغير في هذه المؤشرات تتعرض له اقتصاديات كثيرة، حتى في حالة السلم، بل إن مؤشرات سوق الأسهم في بعض البلدان قد انخفضت في يوم واحد أكثر من 10%، كما حدث في الأزمة المالية، التي تعرضت لها دول جنوب شرق آسيا.

ج. ميزانية الحكومة

      كانت الحكومة السعودية منذ بداية الازدهار، الذي طرأ على أسعار النفط في بداية السبعينات الميلادية، تعمل على تجميع احتياطات مالية، وعند بداية الانخفاض، الذي طرأ على أسعار النفط الخام عام 1982م، واجهت الحكومة بعض المشاكل في تمويل المشاريع الحكومية، لذا قامت بالاستفادة من بعض تلك الاحتياطات المالية في تمويل الفارق بين الإيرادات والمصروفات الحكومية، خاصة في النصف الأخير من الثمانينيات الميلادية كما هو موضح في (شكل الميزانية العامة (الفائض/ العجز)) و(شكل الميزانية العامة (الإيرادات والمصاريف)).

      وبعد عام 1985م، انخفضت أسعار النفط لتصل إلى معدلات متدنية جداً، مما جعل الحكومة تقترض لتمويل العجز في ميزانيتها. ولكن هذا الاقتراض كان موجهاً للسوق الداخلية في محاولة للاستفادة من الودائع المتراكمة لدى البنوك التجارية وبعض المؤسسات الحكومية في تمويل العجز في الموازنة. ومنذ ذلك الحين وحتى عام 1999م، كانت المصروفات في جميع الموازنات الحكومية تفوق الإيرادات، وإن كان حجم هذا العجز متفاوتاً بين سنة وأخرى، فقد عانت الموازنة عجزاً متواصلاً منذ عام 1983م. (انظر جدول الميزانية العامة للدولة).

2. ميزان المدفوعات

      ميزان المدفوعات: يعكس ميزان المدفوعات مدى التقدم، الذي تحرزه الدولة في مجال الصادرات والواردات وتجارة الخدمات، حيث يحتوي ميزان المدفوعات على ثلاثة حقول رئيسية هي ميزان المدفوعات، وتجارة الخدمات، كما يحتوي على صافي التحويلات الرأسمالية من وإلى خارج الدولة. لنأخذ مثلاً (جدول ميزان المدفوعات) الخاص بالمملكة. يحتوي الجدول على ثلاثة حقول رئيسية تندرج تحتها حقول فرعية كما يلي:

أ . الميزان التجاري: الذي يوضح الفرق بين الصادرات والواردات للدولة، فإذا كانت الصادرات تفوق الواردات، فإن الفرق يسمى فائضاً، وإذا كان العكس فإنه يسمى عجزاً. ولضخامة القطاع النفطي في المملكة فإن صادراتها تصنف إلى صادرات نفطية وصادرات غير نفطية، حيث يشكل النفط النسبة الكبرى من الصادرات السعودية إلى الخارج.

وترجحت نسبة الصادرات النفطية بين الصعود والهبوط خلال الأربعين عاماً الماضية. فقد شكلت الصادرات النفطية حوالي 99% من الصادرات السعودية إلى الخارج عام 1961م، إلا أن هذه النسبة تراجعت إلى ما يربو قليلاً على 82% عام 1988م، ثم ما لبثت أن ارتفعت مرة أخرى لتصل إلى حوالي 92.5% عام 1992م، كما بلغت نسبتها حوالي 88% عام 1999م.

ورغم هذا الترجح النسبي للصادرات النفطية فإنها تشمل النسبة الأكبر من الصادرات السعودية ولم تنخفض نسبتها عن 82% على الإطلاق منذ عام 1961م، مما يؤكد اعتماد المملكة اقتصادياً على الدخل المتحقق من الصادرات النفطية. كما يحتوي الميزان التجاري على واردات المملكة من السلع، كما هو موضح في (شكل الميزان التجاري).

ب. الخدمات والتحويلات: كما هو واضح من عنوان هذا الحقل، فهو يحتوي على المبالغ المحصلة والمدفوعة إلى الخارج لقاء الخدمات المقدمة من خارج المملكة إلى القطاعين الخاص والحكومي، وكذلك الخدمات، التي يقدمها القطاع الخاص السعودي خارج المملكة.

أهمية تجارة الخدمات في السابق كانت ضئيلة، ثم أخذت تزداد يوماً بعد يوم حتى أصبحت الأرقام المسجلة لتجارة الخدمات تفوق مثيلاتها المسجلة لتجارة السلع، ويرجع ذلك إلى ازدياد أهمية الخدمات والتحسن، الذي طرأ على القطاعات الخدمية.

ويحتوي هذا الحقل على حقلين رئيسيين هما: المتحصلات من الخدمات، والمدفوعات مقابل خدمات قدمت. ويمكن تقسيم المتحصلات من الخدمات المقدمة للقطاع الخاص غير السعودي إلى عائدات الاستثمار، والذي يتضمن جميع المبالغ المحصلة من الاستثمارات السعودية في الخارج، كما يحتوي على العائدات المحصلة مقابل تزويد السفن بالوقود، وأخيراً حقل يسجل فيه جميع العوائد الأخرى عدا ما يسجل في الحقلين السابقين. أما المدفوعات فتضم المبالغ المدفوعة مقابل خدمات الشحن والتأمين، وكذلك المبالغ الدفوعة مقابل الخدمات المقدمة لقطاع النفط، نظراً لأهميته في المملكة، كما تضم المبالغ المدفوعة لقاء الخدمات المقدمة للقطاع الخاص والقطاع الحكومي.

وأخيراً تحتوي المدفوعات على المبالغ المحولة للخارج (التحويلات الخاصة)، وهي غالباً المبالغ، التي تقوم العمالة الأجنبية بتحويلها إلى الخارج. وتحقق المملكة عجزاً كبيراً في تجارة الخدمات، يفوق في السنوات الأخيرة الفائض المتحقق في الميزان التجاري.

ج. حركة رأس المال والاحتياطات: ويحتوي هذا الحقل على تسجيل للتحويلات الرأسمالية الواردة والصادرة، وتشكل في مجموعها انعكاساً لمجموع الميزان التجاري والخدمات والتحويلات. فإذا كانت حركة رأس المال بالموجب فإن ذلك يعني أن الدولة تفقد هذه المبالغ أو بتعبير آخر أن مجموع المبالغ الخارجة من الدولة، سواء كانت مقابل سلع أو خدمات، تفوق تلك الداخلة إليها. أما إذا كان صافي حركة رأس المال بالسالب فان ذلك يعني أن الدولة تجني هذه المبالغ من الخارج.

      من المناسب هنا النظر إلى الأرقام المسجلة في ميزان المدفوعات للمملكة. يحتوي (جدول ميزان المدفوعات) على الأرقام المسجلة لجميع الحقول، التي أوردناها سابقاً للأعوام 1961 ـ 1999م. من الأمور التي تسترعي الانتباه هنا، صافي حركة رأس المال المسجلة. فقد كانت المملكة تحقق فائضاً في صافي تجارة السلع والخدمات حتى عام 1983م، عندما بدأت تعاني عجزاً يقدر بحوالي 58 مليار ريال. استمر تحقيق ذلك العجز حتى عام 1999م باستثناء عامي 1996م، 1997م حيث حققا فائضاً متواضعاً جداً (شكل التحويلات الرأسمالية).

      ويلاحظ أيضاً تحقيق المملكة عجزاً متواصلاً في قطاع الخدمات، حيث تشير الأرقام إلى تفاوت ذلك العجز بين 1.9 مليار ريال عام 1961م إلى 184 مليار ريال، تم تحقيقه عام 1991م. وهذا يعكس الضعف الكبير في قطاع الخدمات في المملكة. كما يلاحظ الارتفاع الكبير في التحويلات الخاصة إلى الخارج، حيث تم تحويل 210 ملايين ريال عام 1962م، بينما تم تحويل 67 مليار ريال عام 1994م.

      وبالنظر إلى الأعوام، التي صاحبت حرب الخليج الثانية، أي عامي 1990-1991م، نلاحظ أن المملكة سجلت، خلال هذين العامين، أرقاماً لم تسجلها في السابق، كما أنها لم تسجل حتى عام 1999م في تجارة الخدمات. فقد حققت المملكة عجزاً في صافي تجارة الخدمات والتحويلات بلغ 184 مليار ريال عام 1991م، أي بزيادة قدرها 82% عن العام السابق له.

      وقد كان ذلك نتيجة للزيادة الكبيرة في الخدمات المقدمة للقطاع الحكومي، حيث ارتفعت من 53 مليار ريال إلى 116 مليار ريال، أي بزيادة قدرها 119%، ويرجع ذلك إلى زيادة المدفوعات الحكومية؛ نتيجة الدعم المقدم للمجهود الحربي كما يوضح ذلك (شكل الخدمات والتحويلات).

      كما ارتفعت التحويلات الخاصة من 32 مليار ريال عام 1989م إلى 42 مليار ريال عام 1990م، أي بزيادة قدرها 31%. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تخوف العاملين في المملكة من تناقص القيمة الشرائية لمدخراتهم؛ نتيجة للحرب؛ لذا قام كثير منهم بتحويل جزء كبير منها إلى خارج المملكة، كما يشير إلى ذلك (شكل التحويلات الخاصة).

      وقد أثرت هذه الأرقام على وضع المملكة المالي، حيث تم خلال سنوات الحرب صرف جزء كبير من الاحتياطات المالية، التي تم ادخارها خلال سنوات ازدهار أسعار النفط، والتي كانت تشكل رافداً قوياً للاقتصاد السعودي وللاستقرار النقدي للعملة السعودية بوجه خاص. وقد عمل هذا الوضع على زيادة الشكوك حول الوضع المالي للاقتصاد السعودي، مما أدى إلى الضغط على الريال السعودي في الأسواق المالية الدولية بين آن وآخر، خاصة في ظل التذبذب الكبير في أسعار النفط.

3. الناتج المحلي الإجمالي

      يوضح (جدول ميزان المدفوعات) الناتج المحلي الإجمالي ومكوناته بالنسبة إلى المملكة للفترة 1389هـ (1968م)- 1420هـ (1999). حيث يعد الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً للحركة الاقتصادية والإنتاج في أي دولة من الدول. وتختلف الطرق، التي يتم بها احتساب الناتج المحلي الإجمالي وليس من المناسب هنا الإسهاب في تفاصيلها.

      ولكن من المهم الإشارة إلى أن نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي تعد الأكثر شيوعاً بين المؤشرات الاقتصادية للنشاط الاقتصادي في بلد ما. حيث يؤخذ في الاعتبار، عند احتساب الناتج المحلي الإجمالي، جميع العمليات الإنتاجية، التي تتم في مختلف القطاعات الاقتصادية. وتعتمد الدوائر الاقتصادية غالباً عند تقييمها للوضع الاقتصادي في بلد ما على الأرقام الصادرة من الجهات ذات العلاقة عن الناتج المحلي الإجمالي.

      فعلى سبيل المثال، يقارن دائماً بين الناتج المحلي الإجمالي والدين العام؛ لتقويم الوضع المالي للدولة المعنية. فعندما يكون الاقتصاد مزدهراً، لا تتجاوز نسبة النمو فيه غالباً 5% أما إذا كان في حالة ركود فإنها تكون أقل من ذلك بكثير أو تكون بالسالب.

      لذا، فإن مقارنة الناتج المحلي الإجمالي بالدين العام، لم تأت من فراغ؛ لأن الفوائد على القروض (خدمة الدين العام) تكون غالباً أعلى من 6%، من الدين العام، فإذا كان الدين العام مساوياً للناتج المحلي الإجمالي، فإن تلك الدولة أو ذلك الاقتصاد لن يتمكن في المستقبل المنظور من حل مشكلة الديون، وإنما سيبقى مرهوناً للدائنين، كما ستبقى كثير من عوامل الإنتاج موجهة لخدمة تلك الديون، مما يعني إحجام المقرضين عن إقراض تلك الدولة؛ لضعف مركزها المالي؛ لأنها ستكون غير قادرة على سداد ذلك الدين على المدى الطويل. و(جدول مجمل الناتج المحلي) يوضح التطور، الذي شهده الاقتصاد السعودي بقطاعاته المختلفة بين عامي 1969م-1999م.

      وقد ترجحت الأرقام المسجلة لإجمالي الناتج المحلي الإجمالي في المملكة بين ارتفاع وانخفاض، حيث يشير (جدول مجمل الناتج المحلي) إلى ازدياد كبير في الناتج المحلي الإجمالي إلى أن بلغ ذروته عام 1981م، مسجلاً 522 مليار ريال، ثم بدأ بالتناقص ليسجل 272 مليار ريال عام 1987م، بانخفاض قدرة 48% عما تم تسجيله عام 1981م، كما هو موضح في (شكل الناتج القومي الإجمالي).

      بعد ذلك سجل الناتج المحلي الإجمالي نسبة نمو إيجابية في كل السنوات، عدا عامي 1993 و 1996م، حيث سجل نسب نمو سلبية تقدر بحوالي 4% و 13% على التوالي. ولم يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي الرقم، الذي سجله عام 1981م إلا عام 1995م، حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حوالي 539 مليار ريال.

      وإذا ما أردنا النظر إلى ما حدث خلال سنوات الحرب 1990-1991م فإن من السهل ملاحظة نسبة النمو، التي تم تحقيقها عام 1990م، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نسبة نمو إيجابية قدرت بحوالي 27%، وهذا راجع في المقام الأول إلى زيادة المصروفات الحكومية في بعض القطاعات الخدمية لدعم المجهود الحربي، وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذه المصروفات ليس لها تأثير على المدى الطويل لأنها تكون غالباً مقابل توفير خدمات أو سلع للقوات المشاركة في الحرب، وبما أنها لم تكن في صورة دعم لمشروعات لها طابع إنتاجي، فإن مردود تلك المصروفات على المدى الطويل اقتصادياً غير إيجابي. لذا يمكن الاستنتاج أن الغالبية العظمى للمصروفات في ذلك العام، لم تكن ذات صبغة إنتاجية، ودلالة على ذلك فإن الناتج المحلي الإجمالي ما لبث أن انخفض بعد عام 1992م وعاد إلى التذبذب.