إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / إدارة الاقتصاد السعودي، خلال حرب تحرير الكويت





إجمالي الودائع
مطلوبات المصارف
المؤشر العام لأسعار الأسهم
الناتج القومي الإجمالي
الودائع لدى البنوك السعودية
الميزان التجاري
الميزانية العامة (الإيرادات والمصاريف)
الميزانية العامة (الفائض/ العجز)
التحويلات الخاصة
التحويلات الرأسمالية
الخدمات والتحويلات
الصفقات في سوق الأسهم
صافي الموجودات الأجنبية




أولاً: نبذة عن الاقتصاد السعودي

أولاً: نبذة عن الاقتصاد السعودي

      قبل توحيد المملكة، كان سكان الجزيرة العربية متفرقين، ولا يوجد كيان موحد يجمع هؤلاء السكان، ولهذا استحال قيام اقتصاد ذي أساس قوي في تلك المنطقة من العالم آنذاك. فقد كان سكان المناطق الغربية من الجزيرة العربية يعتمدون كثيراً على الدخل، الذي يرد إليهم من الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين القادمين من كل مكان من العالم إلى مكة المكرمة. إذ كان سكان مدينة جدة يقدمون خدمات نقل الحجاج سواء البرية منها أو البحرية وتوفير السلع والبضائع، التي يستخدمها حجاج بيت الله الحرام إلى مكة المكرمة.

      أما في مكة فقد كان السكان يعتمدون، وبشكل كبير، على الدخل، الذي يحصلون عليه من جراء توفير خدمات الإرشاد والإسكان للحجاج والمعتمرين، كما اعتمدوا بشكل كبير على توفير المواد الغذائية والسلع الأخرى، التي يحتاجها مرتادو البيت الحرام، سواء تلك التي يحتاجونها في أثناء مكوثهم في مكة المكرمة أو تلك التي يأخذونها إلى بلدانهم.

      وفي المناطق الساحلية الأخرى الشرقية أو الغربية، فقد اعتمد السكان وبشكل كبير على صيد الأسماك والتجارة البحرية، حيث كانت غالبية البضائع، التي ترد إلى تلك المناطق، ترد من الهند وأفريقيا. أما في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد، وكذلك الأحساء، فقد كان سكانها يعتمدون بشكل كبير على الزراعة، التي كانت تمارس بطرق بدائية جداً، ففي المناطق الوسطى كانت البلاد تعتمد على المياه الجوفية، التي كانت تستخرج بواسطة الإبل والبقر؛ لذلك كانت المساحات المزروعة قليلة جداً لا تكاد تكفي منتجاتها سكان تلك المناطق، كما أن انعدام وسائط النقل، في ذلك الوقت، كان له دور رئيسي في عزل سكان تلك المناطق عن المناطق المحيطة بهم، وعن باقي مناطق العالم. لذا كان النشاط التجاري يزاول على نطاق ضيق جداً في تلك المناطق، أما النشاط الصناعي فلم يكن له وجود إطلاقاً، باستثناء بعض الحرف اليدوية في بعض القرى.

      أما المناطق الجنوبية من المملكة، فكانت الزراعة فيها تعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار، حيث تتصف تلك المنطقة باعتدال في كميات الأمطار، وبالظروف المناخية المناسبة لقيام نشاط زراعي. لذا فإنه من الصعب القول بوجود اقتصاد ذي كيان في تلك المنطقة من العالم، أو بالأحرى لم تكن تلك المنطقة تتمتع بمقومات اقتصادية بالمعنى المفهوم هذه الأيام.

1. تطور الاقتصاد السعودي

      اكتشاف النفط عام 1938م غيَّر كثيراً من المسلمات عن الجزيرة العربية. فقد عمل على بلورة المقومات الاقتصادية للمملكة، حيث تزامن ذلك الحدث مع إعادة إعمار أوروبا، الذي بدأ بعد الحرب العالمية الثانية، مما زاد الطلب على المنتجات النفطية للمملكة، وقد شكل ذلك الحدث بداية التبادل التجاري بين هذه المملكة الناشئة والعالم الخارجي مما عمل على زيادة أهمية القطاع النفطي إنتاجاً وتصديراً، وقد شكل هذا الاكتشاف الركيزة الأساسية لاقتصاد المملكة. ولازالت المملكة، وإلى حد كبير، تعتمد عليه في الوقت الحاضر.

      وقد كان النفط يمثل حجر الزاوية في علاقة المملكة التجارية مع الدول الأخرى. فمن ذلك التاريخ، احتلت المملكة أهمية كبيرة عالمياً على الصعيد الاقتصادي والسياسي. كما عمل هذا الاكتشاف على توطيد ركائز تلك الدولة الفتية في الجزيرة العربية، حيث ارتفعت إيرادات الدولة إلى مستويات كبيرة، لم تكن في الحسبان، مما ساعد على تكوين وبناء الدولة، التي تحوي تحت أرضها أكثر من ربع احتياطي العالم من النفط، الذي تزداد أهميته يوماً بعد آخر. وقد أدرك العالم أنه من الأفضل العمل على استقرار تلك الدولة، لأن عكس ذلك سيؤدي، حتماً، إلى اضطراب كبير في أسعار تلك السلعة الحيوية في العالم، وذلك غير مرغوب فيه خاصة من قبل الدول المستهلكة للنفط.

      وبقدر ما كان النفط نافعاً للاقتصاد والدولة السعودية، فقد كان قطاع النفط هو القطاع الوحيد، الذي يحرك الاقتصاد السعودي، ولم يكن ثمة كثير من البدائل، مما جعل الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على نفقات الدولة، التي بدورها تعتمد على صادرات النفط وسعره العالمي، الخارج عن نطاق سيطرة الحكومة.

      لذا فقد كان معدل النمو في الاقتصاد السعودي متأرجحاً بين ارتفاع وانخفاض، خلال العقدين الماضيين، تبعاً لأسعار النفط والاعتماد الكبير عليه. والأكثر تعقيداً من ذلك أن الدولة لم تحقق تقدماً كبيراً فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل، فنجد أنه بعد مضي أكثر من نصف قرن على اكتشاف النفط، لازال هذا القطاع يحتل المرتبة الأولى في ترتيب القطاعات، التي تشكل في مجملها الناتج المحلي الإجمالي. على الرغم من ذلك نجحت المملكة إلى حد ما في زيادة دخولها النفطية، عن طريق إدخال العمليات التصنيعية على إنتاجها من النفط ما أمكن ذلك. وقد تم العمل على هذه النقطة عن طريق:

ـ زيادة طاقة المصافي القائمة في المملكة، والدخول مع شركات النفط الأجنبية لإنشاء مصاف جديدة للنفط، ويتضح ذلك من خلال عمل شركة أرامكو السعودية على زيادة الطاقة الإنتاجية للمملكة من المنتجات المكررة. وذلك بزيادة الطاقة الإنتاجية للمصافي القائمة من جهة، ومن خلال إنشاء مصاف ذات طاقة إنتاجية عالية، تكون غالبية منتجاتها موجهة للتصدير، وبشراكة الشركات الأجنبية الكبيرة ذات الخبرة الطويلة في هذا المجال. ومن أمثلة ذلك مصفاة بترولوب ومصفاة بترومين - شل لتصفية الزيت.

ـ شراء مصاف خارج المملكة أو شراء حصص فيها، حيث قامت شركة أرامكو السعودية خلال العقد الماضي بشراء حصص مختلفة في مصاف مملوكة لشركات أجنبية خارج المملكة محاولة بذلك زيادة دخلها الصافي، ومن جهة أخرى لتصريف إنتاجها من النفط الخام، ومثال ذلك قيام شركة أرامكو السعودية، في منتصف الثمانينات، بتملك جزء من أسهم معامل لتصفية البترول الخام في كوريا الجنوبية والفلبين.

ـ شراء حصص في الشركات الغربية الكبرى، التي تمتلك آلافاً من نقاط التوزيع النهائية، بهدف زيادة الدخل من مبيعات النفط، ولتصريف أكبر قدر من إنتاج المملكة من النفط الخام، ومثال ذلك قيام شركة أرامكو السعودية بشراء حصة كبيرة من أسهم شركة تكساكو الأمريكية، التي تمتلك أكثر من معمل لتصفية النفط الخام، كما تمتلك أكثر من ثلاثة آلاف نقطة توزيع في شرق الولايات المتحدة الأمريكية. وبهذه العملية استطاعت شركة أرامكو دخول السوق الأمريكية والاستفادة من القيمة المضافة في الأسعار للمنتجات النهائية من المواد البترولية، كما حققت ضمان أسواق لأكثر من ثمانمائة ألف برميل من النفط الخام المنتج من قبل هذه الشركة يومياً.

ـ دخول شركة أرامكو في تحالفات مع الشركات العالمية العملاقة. حيث قامت بالتحالف مع شركتي شل وتكساكو، ومع أن تفاصيل هذا التحالف لم تعلن بعد فإنه بالتأكيد سيعمل على رفع الكفاءة الإنتاجية لهذه الشركة، كما سيعمل على ضمان وجود أسواق أكثر استقراراً لمنتجات أرامكو السعودية من النفط الخام.

      ومع ذلك كله، فقد كان توجه الحكومة السعودية قوياً نحو تنويع مصادر الدخل، خاصة بعد أزمة الخليج. إذ عملت الحكومة السعودية منذ بداية العقد الثاني الهجري من القرن الخامس عشر على تخفيف اعتماد القطاع الخاص على المصروفات الحكومية، وذلك بإيجاد خطة تعمل على تكامل القطاع الخاص، بحيث يخفف اعتماده على القطاع الحكومي ومحاولة عزله وعدم تأثره بما يجري في القطاع الحكومي.

      وقد حقق هذا التوجه بعض النتائج الإيجابية، حيث تضاءل اعتماد القطاع الخاص على المصروفات الحكومية بشكل كبير، وأصبح أكثر تكاملاً من ذي قبل، وأقل تأثراً بما يجري في القطاع الحكومي. وباستعراض سريع لبعض الأرقام الواردة عن الناتج المحلي الإجمالي، نرى أن الناتج المحلي للقطاع الخاص قد أخذ الاتجاه العكسي للناتج المحلي للقطاع الحكومي ولكن، كما أسلفنا، يبقى هذا النجاح في حدود ضيقة جداً، مما يحتم العمل على زيادة هذا النجاح.

2. الخطط الخمسية

أ. الخطة الخمسية الأولى

      غطت خطة التنمية الأولى ما بين عام 1970-1975م، وكان من ضمن أهداف هذه الخطة زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.8% سنوياً. والتوجه نحو زيادة كبيرة في القطاعات غير النفطية. غير أن هذه الأرقام لم تكن دقيقة. فقد كان للزيادة الكبيرة في أسعار النفط أثر كبير على دخل الدولة وزيادة الإنفاق العام، إذ حققت المملكة نسبة نمو مرتفعة في القطاعات غير البترولية بلغت 11.6%، كما زادت مصاريف الدولة لتبلغ 21 بليون دولار.

ب. الخطة الخمسية الثانية

      أما خطة التنمية الثانية 1975-1980م، فقد كانت تهدف إلى تحقيق كثير من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية. فقد كانت هذه الخطة بداية في تقديم الخدمات الصحية المجانية وإنشاء صناديق تنموية، تهدف إلى زيادة النمو العمراني و الصناعي والزراعي. فقد كان الهدف من إنشاء صندوق التنمية العقارية يتركز حول تسريع النمو العمراني في المملكة، عن طريق تسهيلات ائتمانية يحصل عليها المواطنون من هذا الصندوق. كما تم إنشاء صندوق التنمية الصناعية، الذي يقوم بدعم المشاريع الصناعية في المملكة مالياً، بتوفير نسبة كبيرة من رأسمال المشروع في صورة قروض بدون فوائد، جزء من هذه النسبة يكون في صورة دعم غير قابل للاسترجاع.

      أما صندوق التنمية الزراعي فقد كان موجهاً لدعم المشاريع الزراعية في المملكة، ويوفر نسبة كبيرة من رأسمال المشروع في صورة قروض بدون فوائد، أما المبلغ المتبقي من رأس المال فيكون في صورة منحة لصاحب المشروع.

      وكان من ضمن أهداف هذه الخطة نمو الناتج الإجمالي بنسبة 10% سنوياً، على أن تبلغ نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في القطاع البترولي 9.7% سنوياً، بينما تبلغ هذه النسبة 13.3% سنوياً في القطاع غير البترولي. أما المصروفات الحكومية المخطط لها خلال سنوات الخطة الخمس، فقد بلغت 142 مليار دولار. كان جزء كبير من هذه المصروفات موجهاً لمشاريع البنية الأساسية، من تجهيز مطارات، وموانئ، وطرق، وسدود وغيرها من مشاريع البنية الأساسية. كما تم توجيه 19% منها للتوسع في إقامة المشاريع الإنتاجية في قطاعات الزراعة والصناعة، أما قطاعا التعليم والدفاع فقد حظيا بنسبة 16% من المبالغ المصروفة.

      وقد كانت هذه المبالغ أقل بكثير من المبالغ المحصلة فعلياً من عائدات النفط، ولكن الحكومة لم تتعجل في صرف تلك المبالغ؛ نظراً لعدم وجود البنية الأساسية، التي تستطيع الوفاء بالخدمات على الوجه المطلوب، إذا ما تم صرف تلك المبالغ جميعاً. وقد كانت الحكومة على حق في وجهة النظر تلك. فقد كانت السفن تمكث في الموانئ أكثر من ستة أشهر انتظاراً للتفريغ؛ نظراً لازدحام الموانئ، كما كانت الطرق غير قادرة على استيعاب السيارات بشكل فعال، كذلك فقد ارتفعت أجور المساكن بشكل كبير، على الرغم من احتفاظ الحكومة بجزء من تلك المبالغ في صورة احتياطي وعدم إنفاقها جميعاً في وقت واحد.

      في بداية الثمانينيات زادت الطاقة الاستيعابية للموانئ بشكل كبير، خفف من آثار الأزمة، كما زادت مسافات الطرق المعبدة بنسبة 63%، كما تم توسعة بعض المطارات المدنية القائمة، وإنشاء مطارات أخرى طاقتها الاستيعابية تفوق تلك الموجودة. وقد كان لزيادة المصروفات أثر كبير على معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، حيث تجاوز القطاع غير البترولي معدل النمو المخطط له ليبلغ 14.8% سنوياً بدلاً من 13.3% سنوياً، أما معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي العام، فقد بلغ 9.2% قاصراً عما كان مخططاً له.

ج. الخطة الخمسية الثالثة

      أما خطة التنمية الثالثة 1980-1985م؛ فقد كان من أهم أهدافها

ـ توزيع الدخل بشكل أكثر اعتدالاً.

ـ الحيلولة دون ارتفاع نسبة التضخم في الاقتصاد السعودي.

ـ كبح المصاريف الحكومية الموجهة لمنشآت البنية الأساسية، والحث على توجيه اهتمام أكثر إلى صيانة هذه المنشآت.

      وقد كان من المخطط صرف 213 مليار ريال سنوياً، خلال سنوات الخطة الخمس. ونظراً للانخفاض غير المتوقع في أسعار النفط، خلال سنوات الخطة، فقد تناقصَ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 1.5%، بدلاً من الارتفاع المخطط له والمقدر بحوالي 1.3% سنوياً، ويرجع ذلك أساساً إلى تراجع النمو في القطاع النفطي بمعدل  14.2% سنوياً في مقابل معدلات نمو متواضعة في القطاعات غير النفطية، فيما عدا القطاع الزراعي حيث حقق نسبة نمو مرتفعة بلغت 8.1% سنوياً.

د. الخطة الخمسية الرابعة

      خطة التنمية الرابعة 1985-1990م فقد كان من المخطط صرف تريليون ريال خلال سنوات الخطة الخمس، كما كان من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 4% سنوياً، ولكن الانهيار غير المتوقع في أسعار النفط عام 1986م كان له أثر كبير على مصاريف الحكومة المخطط لها، كما كان له أثر على معدلات النمو في الناتج النحلي الإجمالي، حيث سجلت معدلات النمو انخفاضاً عما كان مخططاً له، إذ بلغت الزيادة السنوية في الناتج المحلي الإجمالي 1.4% وقد كان للنمو الحاصل في قطاع الزراعة الأثر الكبير في تسجيل معدل نمو إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث حقق نسبة نمو تبلغ 13.4%، أما باقي القطاعات، فقد حققت نسب نمو منخفضة جداً، إن لم تكن سلبية.

هـ. الخطة الخمسية الخامسة

      ركزت خطة التنمية الخامسة 1990-1995هـ، على تنويع الاقتصاد من خلال تشجيع القطاع الخاص على الدخول بالمشاريع الإنتاجية، التي تتطلب رؤوس أموال ضخمة. فقد كان لتناقص الإيرادات النفطية الأثر الكبير على المصاريف الحكومية، التي لم تكن في مستوياتها، خلال خطط التنمية السابقة، مما حدا بواضعي الخطط الإنمائية إلى التركيز على تشجيع القطاع الخاص في الدخول في مشاريع إنتاجية جديدة، وشراء بعض حصص الحكومة في بعض المشاريع الإنتاجية القائمة. حيث تم بيع 30% من أسهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) إلى القطاع الخاص، وإعادة النظر في ملكية بعض المشاريع النفطية. وقد كانت الخطة تهدف إلى تحقيق معدل نمو بمقدار 3.2% سنوياً.

3. التجارة الخارجية

      شكلت الصادرات السعودية من النفط ومنتجاته، الجزء الأكبر من مجموع الصادرات السعودية. وقد كان، لارتفاع أسعار النفط في أوائل السبعينات، الأثر الكبير على الصادرات السعودية إلى الخارج، حيث ارتفعت الصادرات السعودية من النفط ومشتقاته لتطغى على كميات وقيم الصادرات غير النفطية. ولكن ما لبث هذا الوضع أن تغير بعد انهيار أسعار النفط عام 1986م، والعمل المتواصل من قبل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لإثبات وجودها في أسواق البتروكيماويات العالمية، حيث عمل هذا الوضع على ارتفاع صادرات المملكة من المنتجات غير النفطية، كما كان لدخول بعض المصانع السعودية الناشئة بعض الأسواق العالمية، أثر كبير على رفع نسبة الصادرات السعودية غير النفطية.

      وقد عادت نسبة الصادرات النفطية، قياساً على مجموع الصادرات، إلى الارتفاع مرة أخرى بعد الارتفاع المتواصل غير السريع لأسعار النفط عام 1990م. إذ صاحب هذا الارتفاع زيادة في نسبة الصادرات النفطية، من مجموع الصادرات السعودية إلى الخارج، مما أدى إلى تراجع في قراءة الصادرات غير النفطية مرة أخرى. يجدر بالذكر أن هذا التراجع واضح حتى عند قياس هذه الصادرات بالأسعار القياسية لسنة معينة.

      وقد اتبعت واردات المملكة نفس البرنامج الزمني للصادرات، حيث تأثرت الأولى بأسعار النفط ودخل المملكة من الصادرات النفطية، كما كان للتغيرات الاقتصادية، التي شهدتها القطاعات المختلفة، أثر كبير على هذه الواردات. كذلك فقد تغيرت أهمية أصناف الواردات. فعند تنفيذ مشاريع البنية الأساسية في بداية الثمانينات، كانت واردات المملكة من المكائن والمعدات الثقيلة والكهربائية، تشكل النسبة الكبرى، إذ سجلت حوالي 24% من مجموع واردات المملكة من الخارج، ثم انخفضت إلى 16% مع انخفاض مشاريع البنية الأساسية المنفذة، خلال الخطة الخمسية الخامسة، في بداية التسعينيات الميلادية. أما قطاع الأغذية فقد كانت واردات المملكة من المواد الغذائية تشكل 16% من مجموع الواردات، في منتصف الثمانينيات، ولكن مع تطور القطاع الزراعي في المملكة وزيادة المنتجات المزروعة فيها، فقد تقلصت نسبة ما تستورده المملكة من المواد الغذائية لتصل إلى 14% من مجموع الواردات السعودية في بداية التسعينيات، ذلك على الرغم من الزيادة المضطردة في عدد السكان.

      من ناحية الدول المصدرة للمملكة، فقد احتلت الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى بين الدول المصدرة للمملكة، حيث حظيت بتسويق حوالي 17% من مجموع واردات المملكة من الخارج، أما واردات المملكة من اليابان فقد انخفضت من 20 إلى 15% وقد شكلت واردات المملكة من هذين البلدين ما بين 32-37% من إجمالي واردات المملكة، مما يوحي بأهمية سوق المملكة، عند المنتجين في هذين البلدين. أما واردات المملكة من الدول المحيطة في منطقة الشرق الأوسط، فلم تتجاوز 3-4% من مجموع واردات المملكة من الخارج خلال الثمانينيات.

4. ميزان المدفوعات

      بعد تحقيق فائض كبير في الحساب الجاري في بداية الثمانينيات، تغير هذا الوضع عندما حققت المملكة عجزاً في حسابها الجاري، بعد انخفاض أسعار النفط في منتصف الثمانينيات. وقد تركز هذا العجز بالدرجة الأولى في قطاع الخدمات، حيث كانت خدمات التأمين والسياحة والشحن أكثر الخدمات تحقيقاً للعجز في هذا القطاع؛ لعدم وجود مماثل لها في المملكة.

      وقد كان مقدار هذا العجز متفاوتاً، خلال الثمانينيات والتسعينيات، ويرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى التغيرات الكبيرة، التي شهدتها أسعار النفط. فقد شهدت في بداية الثمانينيات فائضاً كبيراً وقد كان هذا الفائض مدعوماً بأسعار النفط المرتفعة، ولكن مع انخفاض أسعار النفط في منتصف الثمانينيات، فقد عمل ذلك على انخفاض قيمة الصادرات النفطية ونسبتها إلى الواردات، مما أدى في النهاية إلى تحقيق عجز، وصل عام 1990م إلى 26 بليون دولار، متخطياً 11.9 بليون دولار تم رصدها عام 1988م.