إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الوضوء والصلاة









المبحث الثالث

المبحث الثالث

أركان الصلاة وواجباتها وسننها، مبطلات الصلاة ومكروهاتها وما يباح فيها

أولاً: أركان الصلاة وواجباتها وسننها

1. أركان الصلاة

الأركان جمع ركن، وهو ما لا تصح الصلاة من دونه، وهو جزء منها. وأركان الصلاة أربعة عشر، لو ترك المصلي واحداً منها، بطلت صلاته، وهي:

أ. القيام في الفرض: على القادر، منتصباً، لقوله تعالى: ]حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[ (سورة البقرة: الآية 238). وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ r عَنِ الصَّلاَةِ. فَقَالَ: ]صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَقَاعِدًا؛ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ، فَعَلَى جَنْبٍ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1050).

ب. تكبيرة الإحرام: وهي الله أكبر. لا يجزئه غيرها؛ لقول رسول الله r، في حديث المسيء، ]إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا؛ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا؛ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا. وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 715). وقوله: ]مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ[ (سنن الترمذي، في كتاب الطهارة: الحديث الرقم 3). وتنعقد إن مد اللام، لا إن مد همزة الله، أو همزة أكبر، أو قال أكبار، أو الأكبر؛ لمخالفته الأحاديث.

والجهر بها، وبكل ركن وواجب، بقدر ما يُسمع نفسه، فرض؛ لأنه لا يعد آتياً بذلك دون صوت؛ والصوت ما يُسمع؛ وأقرب السامعين إليه نفسه.

ج. قراءة الفاتحة مرتبة: لقول رسول الله ]لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 714). فإن لم يعرف إلا آية، كررها بقدرها؛ لأنها بدل منها ، فاعْتُبِرت المماثلة. وإن لم يعرف آية، عدل إلى التسبيح، والتهليل؛ لحديث عبدالله بن أبي أوفى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ r فَقَالَ إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؛ فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يُجْزِئُنِي مِنَ الْقُرْآنِ. فَقَالَ: ]قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ[ (سنن النسائي، الحديث الرقم 915). خلافاً للأحناف فإنه لا يعتبروا الفاتحة ركناً.

ومن امتنعت قراءته قائماً، صلى قاعداً وقرأ؛ لأن القراءة آكد.

د. الركوع: لقوله تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ (سورة الحج: الآية 77)، ولحديث المسيء وغيره. وأقلّة أن ينحني انحناء، يمكنه من مس ركبيتَه بكفَّيه. وأكمله أن يمد ظهره، مستوياً، ويجعل رأسه حياله؛ لحديث أبي حُميد، أن رسول الله r كان ]إِذَا رَكَعَ، أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ. فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ. فَإِذَا سَجَدَ، وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ، وَلاَ قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ. فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْيُمْنَى. وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ، قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الأخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 785).

هـ. الرفع منه: ولا يقصد غيره. فلو رفع فزعاً من شيء، لم يصحّ، ويلزمه العودة إلى الركوع.

و. الاعتدال قائماً: لقول الرسول r ]إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؛ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا؛ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا؛ ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا؛ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا. ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 751).

ولا تبطل إن طال؛ لقول أنس ]كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ، وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَوْهَمَ[ (سنن مسلم، الحديث الرقم 727).

ز. السجود: لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون[ (سورة الحج: الآية 77)، وقوله r: ]ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 715).

وأكمله تمكين جبهته، وأنفه، وكفَّيه، وركبتَيه، وأطراف أصابع رِجلَيه، من محل سجوده، لما في حديث أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، ]أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إِذَا سَجَدَ، أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ". وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنْ يَسْجُدَ الرَّجُلُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ. فَإِنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ، فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُجْزِئُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ لاَ يُجْزِئُهُ حَتَّى يَسْجُدَ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالأَنْفِ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 250).

وأقلّه وضع جزء من كل عضو؛ لقول النبي r ]أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ، وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْن[ (صحيح البخاري،الحديث الرقم 770).

ولا بدّ من استقرار أعضاء السجود؛ فلو وضع جبهته على نحو قطن منفوش، ولم ينكبس، لم تصح؛ لعدم المكان المستقر.

ويصح سجوده على كمه، وذيل ثوبه؛ ويكره بلا عذر؛ لقول أنس t ]كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ r فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ، مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُود[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 372). وقال البخاري، في صحيحه ]بَاب السُّجُودِ عَلَى الثَّوْبِ، فِي شِدَّةِ الْحَر[ (صحيح البخاري). وَقَالَ الْحَسَنُ ]كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ[ (صحيح البخاري، كتاب الصلاة). ]عَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: جَاءَنَا النَّبِيُّ r فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى ثَوْبِهِ، إِذَا سَجَد[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 1021). ومن عجز السجود بالجبهة، لم يلزمه بغيرها؛ لأنها الأصل فيه، وغيرها تبع لها؛ لحديث: ]إِنَّ الْيَدَيْنِ يَسْجُدَانِ، كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ؛ فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ، فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَهُ، فَلْيَرْفَعْهُمَا[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 4272). وليس المراد وضعهما بعد الوجه، بل إنهما تابعتان له في السجود؛ وغيرهما أولى، أو مثلهما. ويومئ ما يمكنه؛ لقول الرسول r ]دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ. فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَاجْتَنِبُوهُ. وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6744).

ح. الرفع من السجود.

ط. الجلوس بين السجدتَين: لقول النبي r ]ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 715).

وكيفما جلس كفى. والسُّنة أن يجلس مفترشاً رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويوجهها إلى القبلة؛ لقول عَائِشَةَ ]كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بـِ الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . وَكَانَ إِذَا رَكَعَ، لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ؛ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ. وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا. وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا. وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ. وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ. وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ، افْتِرَاشَ السَّبُعِ. وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَان[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 768). وقال ابن عمر: من سُنة الصلاة، أن ينصب القدم اليمنى، واستقباله بأصابعها القبلة.

ي. الطمأنينة وهي السكون: لأمر الرسول r الأعرابي بها، في جميع الأركان، ولما أخلّ قال له: ]ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ[(صحيح البخاري، الحديث الرقم 715).

ك. التشهد الأخير: قال ابن مسعود: كُنَّا، إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ r فِي الصَّلاَةِ، قُلْنَا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ. السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ r ]لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ. وَلَكِنْ، قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ. السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ، أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 791). فدل هذا على أنه فرض. وهو: اللهم صلِّ على محمد، بعد الإتيان بما يجزئ من التشهد الأول؛ لردّ الرسول r، عندما قال لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ r، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: "فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r ]قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 613). والمجزئ منه: سلام عليك، أيها النبي، ورحمة الله وبركاته. سلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. والكامل مشهور. واختار أحمد تشهد ابن مسعود؛ فإن تشهد بغيره مما صح عن النبي، جاز. قال ابن مسعود ]عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ r وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ ـ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ. السَّلاَمُ عَلَيْكَ، أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ، قُلْنَا: السَّلاَمُ يَعْنِي عَلَى النَّبِيِّ [r (صحيح البخاري، الحديث الرقم 5794). قال الترمذي: هو أصح حديث في التشهد. والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، من الصحابة والتابعين.

ل. الجلوس له وللتسليمتَين: فلو تشهد غير جالس، أو سلم الأولى جالساً، والثانية غير جالس لم يصح؛ لأن النبي r فعله وداوم عليه؛ وقد قال ]وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 595.).

م. التسليمتان: لقول الرسول r ]مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 3). ويكفي في النفل تسليمة واحدة. وكذا في الجنازة، السُّنة فيها تسليمة واحدة، عن يمينه. قال الإمام أحمد: هذا قول ستة من الصحابة، وليس فيه اختلاف. وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه، أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة ـ جائزة.

ن. ترتيب الأركان: فلو سجد، مثلاً، قبل ركوعه، عمداً، بطلت الصلاة. وإذا فعل ذلك سهواً، لزمه الرجوع ليركع، ثم يسجد؛ لأن النبي صلاها مرتبة، وقال: ]وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُم[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 595؛). وعلَّمها المسيء في صلاته مرتبة.

2. واجبات الصلاة

وواجباتها ثمانية، تبطل الصلاة بتركها عمداً، وتسقط سهواً وجهلاً:

أ. التكبير لغير الإحرام: لقول عِكْرِمَةَ: رَأَيْتُ رَجُلاً، عِنْدَ الْمَقَامِ، يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَإِذَا قَامَ وَإِذَا وَضَعَ. فَأَخْبَرْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهم عَنْهما قَالَ ]أَوَ لَيْسَ تِلْكَ صَلاَةَ النَّبِيِّ r لاَ أُمَّ لَكَ![ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 745). لكن تكبيرة المسبوق، التي بعد تكبيرة الإحرام، سُنَّة للركوع؛ لأنه نُقل عن زيد بن ثابت، وابن عمر، ولم يعرف لهما مخالف.

ب. وقول: سمع الله لمن حمده، للإمام والمنفرد: لحديث أبي هريرة t ]كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ؛ ثُمَّ يَقُولُ، وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا، لَكَ الْحَمْد[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 747). لا للمأموم؛ لحديث ]إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ؛ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا؛ فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا؛ وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا؛ وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا، وَلَكَ الْحَمْدُ؛ وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا؛ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 648).

ج. وقول ربنا، ولك الحمد، للكل: لما تقدم. وهو قول أكثر أهل العلم.

د. وقول سبحان ربي العظيم: مرة في الركوع.

هـ. وسبحان ربي الأعلى: مرة في السجود؛ لقول حذيفة: ]أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ r فَكَانَ يَقُولُ، فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ؛ وَفِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى. وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ. وَمَا أَتَى عَلَى آيَةِ عَذَابٍ، إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذَ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 243). ]وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ]فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ[، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r ]اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ[. فَلَمَّا نَزَلَتْ ]سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى[، قَالَ ]اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ[؛ وفي رواية ]إِذَا رَكَعَ، قَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، ثَلاَثًا[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 736).

و. ورب اغفر لي، بين السجدتَين: لحديث حُذَيْفَةَ ]أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَسَمِعَهُ حِينَ كَبَّرَ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ذَا الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ. وَكَانَ يَقُولُ، فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، لِرَبِّيَ الْحَمْدُ؛ وَفِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى؛ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّي اغْفِرْ لِي، رَبِّي اغْفِرْ لِي. وَكَانَ قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَسُجُودُهُ، وَمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ـ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ[ (سنن النسائي، الحديث الرقم 1059).

ز. والتشهد الأول على غير من قام إمامه سهواً: لوجوب متابعته ]أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، لَمْ يَجْلِسْ. فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّم[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 786).

ح. والجلوس له: لحديث ابن مسعود، مرفوعاً ]إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ. السَّلاَمُ عَلَيْكَ، أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَلْيَدْعُ اللَّهَ U [ (رواه النسائي، الحديث الرقم 1151). ولقول الرسول r: ]إِذَا سَجَدْتَ، فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ. فَإِذَا رَفَعْتَ، فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 18225)؛ وفي رواية ]فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلاَةِ، فَاطْمَئِنَّ، وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى، ثُمَّ تَشَهَّدْ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 730).

3. سُنن الصلاة

أقوال وأفعال، لا تبطل الصلاة بترك شيء منها، ولو عمداً. ويجوز السجود، للسهو فيها، لمن شاء؛ لعموم قول الرسول ]إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ؛ فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 891).

أ. سنن الأقوال

(1) دعاء الاستفتاح: بعد تكبيرة الإحرام. ومن هذا الدعاء ]سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 606). عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r ]إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، بِاللَّيْلِ، كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ. ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا. ثُمَّ يَقُولُ" أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 225).

ومن الدعاء، كذلك، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاَةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: ]وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ". اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا؛ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ. وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ؛ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ؛ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا؛ لاَ يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ. لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ. أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ. تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ[ (سنن الدارمي، الحديث الرقم 1210).

(2) الاستعاذة: جاء عن النبي r، كان يقول، قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

(3) البسملة: لحديث قَتَادَةَ، قَالَ: ]سُئِلَ أَنَسٌ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَة النَّبِيِّ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" يَمُدُّ بِبِسْمِ اللَّهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيم[ِ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 4658). ولأن الصحابة أثبتوها في المصاحف، في ما جمعوا من القرآن. وكان رسول الله يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، تارة، ويخفيها، تارة، أكثر مما يجهر بها.

(4) قول آمين: لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ t، أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ ]إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ، فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يَقُولُ آمِينَ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 738). وفي رواية ]وكان إذا قرأ: "ولا الضالين"، قال: آمين، ورفع بها صوته[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 248).

(5) قراءة السورة، بعد الفاتحة: في الأوليَين؛ لثبوت ذلك عن النبي r.

(6) أن يسكت الإمام سكتتَين: في الجهرية؛ سكتة بين التكبير والقراءة، وسكتة بعد الفاتحة؛ وقيل: إنها لتيسير قراءة الفاتحة للمأموم؛ وذلك لحديث سمرة بن جندب: ]حفظت من رسول الله r سكتتَين: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة: "غير المغضوب عليهم"[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 779).

(7) جهر الإمام بالقراءة: في الصبح، والجمعة، والأوليين من المغرب، والعشاء؛ (لأن النبي r كان يفعل ذلك. ويكره للمأموم؛ لأنه لا يقصد إسماع غيره؛ وهو مأمور بالإنصات. ويخيّر المنفرد. قيل لأحمد: رجل فاتته ركعة من المغرب أو العشاء، مع الإمام، أيجهر أم يخافت؟ فقال: إن شاء جهر، وإن شاء خافت. وقال الشافعي: يُسَنُّ الجهر، لأنه غير مأمور بالإنصات.

(8) قول غير المأموم: بعد التحميد: ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد؛ لحديث أن النبي r كان ]إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَامَ قَدْرَ مَا أَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ. أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ[ (سنن مسلم، الحديث الرقم 725).

(9) وما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود، وقول: رب اغفر لي، بين السجدتَين؛ لحديث أَنَس بْنَ مَالِكٍ ]مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ، بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ r أَشْبَهَ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ r مِنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 754).

(10) الصلاة في التشهد الأخير، على الرسول r وآله: لحديث كعب بن عجرة: "سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ r فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. قَالَ ]قُولُوا: اللَّهُمَّ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ؛ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 3119).

(11) الدعاء بعده: لحديث ]إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ؛ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ؛ وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 926).

ب. سُنن الأفعال

وتسمى الهيئات، وهي كالتالي:

(1) رفع اليدَين، مع تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه. وحطهما عقب ذلك. ]كان مَالِكُ ابْنُ الْحُوَيْرِثِ، إِذَا صَلَّى كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، رَفَعَ يَدَيْهِ. وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَفَعَ يَدَيْهِ. وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r صَنَعَ هَكَذَا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 695).

(2) ووضع اليمين على الشمال، على الصدر.

(3) والنظر إلى موضع السجود؛ لما روى ابن سيرين، ]أن رسول الله r كان يقلّب بصره في السماء، فنزلت هذه الآية "والذين هم في صلاتهم خاشعون " فطأطأ رأسه[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 21023) قال أحمد: الخشوع في الصلاة، أن ينظر إلى موضع سجوده.

(4) وتفرقته بين قدميه قائماً. ويراوح بينهما، إذا طال قيامه؛ لحديث ابن مسعود. ]عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ أَلاَ أُصَلِّي لَكُمْ، كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّي؟ فَقُلْنَا: بَلَى. فَقَامَ، فَلَمَّا رَكَعَ، وَضَعَ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَجَعَلَ أَصَابِعَهُ مِنْ وَرَاءِ رُكْبَتَيْهِ، وَجَافَى إِبْطَيْهِ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ حَتَّى اسْتَوَى كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. ثُمَّ سَجَدَ، فَجَافَى إِبْطَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. ثُمَّ سَجَدَ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُصَلِّي؛ وَهَكَذَا كَانَ يُصَلِّي بِنَا[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1037). وكذلك لحديث وائل بن حجر قال ]رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r إِذَا سَجَدَ، وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ. وَإِذَا نَهَضَ، رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ[ (سنن النسائي، الحديث الرقم 1077). ومجافاة عضدَيه عن جنبَيه، وبطنه عن فخذَيه، وفخذيه عن ساقَيه، وتفريقه بين ركبتَيه، وإقامة قدمَيه، وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقة، ووضع يدَيه حذو منكبَيه مبسوطتَين مضمومتَي الأصابع؛ لحديث أبي حميد، قَالَ: ]كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلاً، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَعُ، وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ. ثُمَّ يَعْتَدِلُ، فَلاَ يَصُبُّ رَأْسَهُ، وَلاَ يُقْنِعُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ مُعْتَدِلاً، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الأَرْضِ، فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ، إِذَا سَجَدَ. وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ. ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، كَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلاَةِ. ثُمَّ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلاَتِهِ؛ حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ، الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ، أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 764). وفي رواية: ]فَإِذَا رَكَعَ، أَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، غَيْرَ مُقْنِعٍ رَأْسَهُ، وَلاَ صَافِحٍ بِخَدِّهِ. وَقَالَ: فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْيُمْنَى. فَإِذَا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ، أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الأَرْضِ، وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَة[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 764). وفي رواية ]ثُمَّ رَكَعَ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ يَدَيْهِ، فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ. قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ، فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، حَتَّى فَرَغَ. ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى، وَكَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ، وَإِذَا سَجَدَ، فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، غَيْرَ حَامِلٍ بَطْنَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَخِذَيْهِ. وقال عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا سَجَدَ، يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ. وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ إِذَا سَجَدَ، فَرَّجَ يَدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ، حَتَّى إِنِّي لأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 764). ورفع يدَيه، أولاً، في قيامه إلى الركعة؛ لحديث وائل بن حجر المتقدم. وقيامه على صدور قدمَيه، واعتماده على ركبتَيه بيدَيه؛ لحديث أبي هريرة t ]كَانَ النَّبِيُّ r يَنْهَضُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 265). وفي حديث وائل بن حجر، قَالَ ]رَأَيْتُ النَّبِيَّ r إِذَا سَجَدَ، وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 713). وفي رواية ]وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذِهِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 713). والافتراش في الجلوس بين السجدتَين، وفي التشهد الأول؛ لقول أبي حميد: "ثم ثنى رجله اليسرى، وقعد عليها". وقال: "وإذا جلس في الركعتين، جلس على اليسرى، ونصب الأخرى"؛ وفي لفظ: "وأقبل بصدر اليمنى على قبلته".

 ثانياً: مبطلات الصلاة ومكروهاتها وما يباح فيها

1. مبطلات الصلاة

أ. ترك ركن من أركانها لقول الرسول r للمسيء صلاته، وقد ترك الطمأنينة والاعتدال، وهما ركنان: "ارجع فصل، فإنك لم تصل".

ب. الكلام العمد بما يصلح خطاباً للآدميين، ولو كلمة: لما روى زيد بن أرقم، قَالَ: ]كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاَةِ، حَتَّى نَزَلَتْ "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ"، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ[ (سنن مسلم، الحديث الرقم 838). وكذلك لما جاء ]عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ r إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ r فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي! مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ، أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ. فَوَاللَّهِ! مَا كَهَرَنِي، وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي. قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَة الْقُرْآن[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 836). أما المتكلم، ناسياً أو جاهلاً، فلا تبطل صلاته؛ لقول النبي r ]إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 2035).

ج. العمل الكثير: وتُعرف القلة والكثرة بالعُرف. وقد قال النبي لمن سأله عن مس الحصى، أي المفروش في أرض المسجد، أثناء الصلاة ]إِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً، فَوَاحِدَةً[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 849). ويدل على جوازه، للحاجة، مشروعية دفع المار أمامه، حتى لا يقطع صلاته، بل قتاله. كما أجاز الشرع قتل الحية والعقرب، أثناء الصلاة؛ وهذا يستلزم نوعاً من العمل. فلو كان قليل الفعل وكثيره، لحاجة ولغير حاجة، يبطلها، لما أجازه.

د. حدوث النجاسة: لأن الشرط لصحة الصلاة طهارة الثوب والمكان والجسد؛ فإذا طرأت عليه النجاسة، أفسدت الصلاة؛ لأن هذا يخل بشرط من شروط صحتها.

هـ. انكشاف العورة: بفعل رياح، فإن سترها في الحال صحت الصلاة.

و. استدبار القبلة.

ز. الأكل أو الشرب: لما فيهما من العمل، من جهة؛ ولمخالفتهما روح العبادة، التي تستلزم الخشوع والإقبال على الله، من جهة أخرى.

ح. زيادة مثل الصلاة سهواً: كأن يصلي الظهر ثمانية، أو المغرب ستاً، أو الصبح أربعاً.

ط. القهقهة: لما فيها من منافاة روح العبادة، والإقبال على الله.

ي. الرِدَّة: أي الخروج عن الإسلام؛ فهي تحبط العمل كله؛ لقوله تعالى ]لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ (سورة الزمر: الآية 65)، ومن باب أولى تبطل الصلاة.

2. مكروهات الصلاة

أ. العبث بالثياب أو البدن: أو تسوية الحصى من غير داع؛ لقول النبي r ]لاَ تَمْسَحْ، وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً، فَوَاحِدَةٌ تَسْوِيَةَ الْحَصَى[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 809).

ومن العبث كذلك:

(1) الالتفات بالرأس أو بالبصر: لقول الرسول r ]هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْد[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 709).

(2) التخصُّر: وهو وضع اليد على الخاصرة، لقول أبي هريرة، قَالَ: ]نَهَى النَّبِيُّ r أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1144).

(3) أن يكفَّ المصلي ما استرسل من شعره، أو كمه أو ثوبه: لقول الرسول] r أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَلاَ أَكُفَّ ثَوْبًا وَلاَ شَعْرًا[ )صحيح سلم، الحديث الرقم 756).

(4) تشبيك الأصابع أو فرقعتها: لقول النبي r لرجل شبك بين أصابعه ]لاَ تُفَقِّعْ أَصَابِعَكَ، وَأَنْتَ فِي الصَّلاَةِ[ (سنن ابن ماجه: الحديث الرقم 955).

ب. رفع البصر إلى السماء: لأن المستحب أن ينظر المصلي موضع سجوده. فقد قال الرسول r ]مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلاَتِهِمْ! فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 708).

ج. النظر إلى ما يلهي في الصلاة: كالنظر إلى البُسط والجدران والملابس؛ لأن النبي r قال ]أَلاَ تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَل، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 651). ولأن الرسول r ]صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ، لَهَا أَعْلاَمٌ، فَقَالَ: شَغَلَتْنِي أَعْلاَمُ هَذِهِ. اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّة[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 710).

د. الصلاة مع مدافعة الأخبثَين ونحوهما: مما يشغل القلب. فقد قال النبي r ]لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلاَ هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 869).

هـ. الاقتصار على قراءة الفاتحة

و. القراءة في الركوع أو السجود: لقول الرسول r ]أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ U وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُم[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 73).

ز. الجلوس على العقبَين، وافتراش الذراعَين: لقول عائشة: "كان رَسُولُ اللَّهِ r يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بـِ ]الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". وَكَانَ إِذَا رَكَعَ، لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ. وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا. وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ، لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا. وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ. وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى. وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ. وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاَةَ بِالتَّسْلِيمِ. وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَان[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 768).

ح. الصلاة عند مغالبة النوم: لقول النبي r ]إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِعْ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1310).

3. ما يباح في الصلاة

يباح في الصلاة أشياء، منها ما يلي:

أ. البكاء والتأوه والأنين والتنحنح: فقد كان رسول الله r ]يُصَلِّي، وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ، يَعْنِي يَبْكِي[ (سنن النسائي، الحديث الرقم 1199).

ب. العمل اليسير: كإصلاح ردائه؛ لثبوت مثله عن النبي r.

ج. قتل الحية والعقرب: لقول النبي r ]اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ: الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَب[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 786).

د. حمل الصبي، عند تعلقه بالمصلي: ]عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ r يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ، بِنْتِ النَّبِيِّ r عَلَى عَاتِقِهِ؛ فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 845).

هـ. الكلام لإصلاح الصلاة: وذلك كأن يسلِّم الإمام، ثم يسأل عن إتمام صلاته. فإذا قيل له لم تتم، أتمها؛ فقد قال ذو اليدَين للنبي r ]أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاَةُ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 460). كما يجوز الفتح على الإمام، يعني إذا توقف الإمام عن القراءة، لأنه لا يتذكر الآية التي تلي ما قرأ، أو أخطأ؛ فإنه يُباح الفتح عليه؛ فإن النبي r: ]صَلَّى صَلاَةً فَقَرَأَ فِيهَا، فَلُبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لأبَيٍّ أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ؟[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 773).

و. الإشارة بالكف: رداً للسلام، لمن سلم عليه؛ لفعل الرسول ذلك.

ز. دفع المار بين يدَيه: إذا اتخذ سترة. ]قَالَ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ، أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَفَعَ أَبُو سَعِيدٍ فِي صَدْرِهِ. فَنَظَرَ الشَّابُّ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلاَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَادَ لِيَجْتَازَ، فَدَفَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ أَشَدَّ مِنَ الأُولَى، فَنَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ. وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ خَلْفَهُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلاِبْنِ أَخِيكَ، يَا أَبَا سَعِيدٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى، فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 479).

ح. إصلاح من في الصف: بجذبه إلى الإمام أو إلى الوراء، أو إدارة المؤتم من اليسار إلى اليمين. ]عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، زَوْجِ النَّبِيِّ r وَكَانَ النَّبِيُّ r عِنْدَهَا، فِي لَيْلَتِهَا. فَصَلَّى النَّبِيُّ r الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: نَامَ الْغُلَيِّمُ؟ أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 114).

ط. القراءة من المصحف: تجوز القراءة من المصحف، فقد كَانَتْ عَائِشَةُ يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ، مِنَ الْمُصْحَفِ" ـ البخاري. وقال النووي: ولو قلب أوراقه، أحياناً، في صلاته، لم تبطل.