إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الهيئات التنصيرية وأثرها في العالم الإسلامي









المصادر والمراجع

ثامناً: مؤتمرات التنصير

يعقد المنصرون كثيراً من المؤتمرات في العالم الإسلامي لرسم الخطط التبشيرية المناسبة، وتقويم العمل في الفترات السابقة، ومحاولة معالجة ما شابها من قصور أو تقصير، هذا إضافة إلى وضع المؤلفات المستقلة، التي ألفها المبشرون لوضع خريطة كبرى للتبشير العالمي على مستوى جميع الشعوب غير المسيحية، ومن أهم هذه المؤلفات ذلك البحث الخطير، الذي كتب مقدمته المسيو "شاتيليه" وضمنه مجلة "العالم الإسلامي" الفرنسية المصورة، فأصدرت هذه المجلة عدداً ضخماً سنة 1911 ليس فيه غير هذا البحث الضخم، الذي وضعه "شاتيليه"، وكان يدور كله حول ما تقوم به الإرساليات التبشيرية البروتستانتية في العالم الإسلامي، وتضمنت هذه المقدمة الدور الذي تقوم به كلية القديس يوسف اليسوعية في بيروت في نشر تعليم الإنجيل في سورية ولبنان، ثم جاء كتاب "تاريخ التبشير" للمستر "أدوين بلس" البروتستانتي، الذي تضمن تاريخ التبشير في العالم الإسلامي، حتى أواخر القرن التاسع عشر، ومن أهم الشخصيات، التي برزت في تاريخ التبشير الحديث القسيس "صموئيل زويمر"، الذي كتب بحوثاً متعددة عن التبشير ووسائله في جزيرة العرب، وقد بين "زويمر" في بحوثه أهمية الالتفاف حول جزيرة العرب، التي هي مهد الإسلام، وأشار إلى ضرورة الربط بين مصالح المبشرين في بيروت وسورية، ومكة والمدينة؛ لأن ذلك سوف يمهد للمبشرين النفاذ إلى هاتين المدينتين المقدستين عند المسلمين، كما لفت "زويمر" نظر المبشرين إلى أهمية الانتشار في جزر ماليزيا وإندونيسيا ليمكن تخليصها من قبضة المسلمين، وأشار إلى ضرورة عقد مؤتمر لمراجعة أعمال المبشرين، والتعرف على المشكلات، التي يواجهونها، ووضع الخطط المناسبة في المستقبل.

1. مؤتمر المبشرين بالقاهرة سنة 1906م

اجتمع في هذا المؤتمر معظم الإرساليات التبشيرية في المنطقة برياسة "زويمر"، وافتتح المؤتمر بتاريخ 4 أبريل سنة 1906، وكان عدد مندوبي الإرساليات التبشيرية قد بلغ 62 مندوباً رجالاً ونساءً، وتم انتخاب "زويمر" رئيساً عاماً للمؤتمر، وكان من أهم المسائل التي طرحت على هذا المؤتمر الأمور التالية:

أ. إحصاء لعدد المسلمين في العالم.

ب. وضع الإسلام والمسلمين في شرق وجنوب شرق آسيا.

ج. منهج التعامل مع المسلمين المثقفين والمسلمين العوام.

د. دور المرأة وشؤون النساء المسلمات.

وقد جمعت أعمال المؤتمر في كتاب مستقل نشر باسم وسائل التبشير بالنصرانية بين المسلمين، جمعه القسيس "فلمنج" الأمريكي، وكتب عليه من الخارج عبارة نشرة خاصة، ليكون مقصوراً في تداوله على فئة خاصة من المشتغلين بالتبشير.

وضمن هذا الكتاب بعض التوصيات التي رفعها إلى الحكومات المعنية، ومن أهم هذه الاقتراحات محاولة الالتفاف حول الأزهر في مصر؛ لأنه مفتوح لكل الطلاب من العالم كله، وأنه لا يخضع في تمويله لأي حكومة؛ لأن أوقاف الأزهر تدر دخلاً كبيراً يساعد العالم والمتعلم فيه، ولابد من العمل على تقليص دوره، ولنبدأ ذلك بإنشاء جامعة نصرانية تشارك في الإنفاق عليها جميع الكنائس المسيحية على اختلاف مذاهبها؛ لأن في التخلص منه مصلحة لجميع الكنائس بلا استثناء، ولقد قام "زويمر" بعمل خريطة أسماها خريطة تنصير العالم الإسلامي في هذا العصر، ووزع أعداداً كبيرة منها على كبار المسؤولين في الحكومات الغربية، وكتب على كل نسخة نداء إلى المسؤولين لعله يجد صدى له في أوروبا وأمريكا، وعرض هذه الخريطة على المؤتمر، وضمنها كتابه "العالم الإسلامي اليوم"، وكان من أهم ما نصح به "زويمر" في كتابه هذا، إثارة بعض المشكلات الاجتماعية، وطرحها في الندوات و اللقاءات الثقافية، كمشكلة الطلاق، والتعدد، وإرث المرأة. ولماذا يكون نصف إرث الرجل، كما أوصى بالعمل على أن يجتهد المبشرون في إيجاد أصدقاء لهم من المسلمين يقومون بنشر الأفكار بين المسلمين؛ ليتحولوا فيما بعد إلى مبشرين بتعاليم المسيح نيابة عن النصارى، ومن أهم أعمال زويمر التبشيرية:

أ. تقرير أهداف التبشير، الذي قدمه المؤتمر الذي عقد بالهند سنة 1911م: وصرح فيه بأن هدف التبشير ليس هو تنصير المسلم فقط، وإنما الأهم من ذلك التنكر لتعاليم الإسلام.

ب. التقرير الذي نشره في 12 أبريل سنة 1926م: ويشير فيه إلى تلك المجهودات الكبيرة، التي بذلها المبشرون، والنفقات الباهظة التي أنفقوها، ولم تؤت ثمراتها، ولذلك يجب التفكير في تطوير وسائل التبشير ومناهجه، ومما جاء في هذا التقرير قوله: "… وعندي أنه قبل أن نبني النصرانية في قلوب المسلمين، يجب أن نهدم الإسلام في نفوسهم، حتى إذا أصبحوا غير مسلمين سهل علينا أو على من يأتي بعدنا أن يبنوا النصرانية في نفوسهم".

2. مؤتمر القدس سنة 1935م

عقد هذا المؤتمر تحت حماية الاحتلال البريطاني لفلسطين، وكان أبرز المتحمسين فيه لعداء الإسلام "زويمر"، الذي ألقى خطبته على الحاضرين من المبشرين، ومن المهم للقارئ أن أضع أمامه نص هذا الخطاب؛ ليعرف كيف تلتقي مصالح التبشير والاستعمار مع مصالح اليهود في فلسطين؛ ليجمعهم هدف واحد، هو التخلص من الإسلام، قال زويمر:

"أيها الإخوان الأبطال، والزملاء الذين كتب الله لهم الجهاد في سبيل المسيحية، واستعمارها لبلاد الإسلام، فأحاطتكم عناية الرب بالتوفيق الجليل، ولقد أديتم الرسالة التي نيطت بكم أحسن الأداء… إنني أقركم أن الذين دخلوا حظيرة المسيحية من المسلمين ليسوا بمسلمين حقيقيين، لقد كانوا كما قلتم ثلاثة: إما صغير لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو الإسلام، أو رجل مستخف بالأديان لا يهتم بغير الحصول على قوته، وقد اشتد به الفقر، وعزت عليه لقمة العيش، وثالث يبغي الوصول إلى غاية شخصية. إن المهمة التي ندبتكم إليها دول المسيحية في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق، التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به، خلال الأعوام المائة السالفة، خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه وتهنئكم عليه، دول المسيحية. لقد قبضنا، أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر، على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية، ونشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير، والكنائس، والجمعيات، والمدارس المسيحية الكثيرة، التي تهيمن عليها دول أوروبا وأمريكا.

أيها الزملاء: إنكم أعددتم في ديار الإسلام شباباً، لا يعرفون الصلة بالله، ولا يريدون أن يعرفوها، وأخرجتم بعضهم من الإسلام، ولم تدخلوه المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار، لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا هم له في دنياه إلا الشهوات… فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوأ أسمى المراكز فللشهوات، وفي سبيل الشهوات يجود بكل شيء … باركتكم المسيحية، ورضي عنكم الاستعمار، فاستمروا في أداء رسالتكم، ولقد أصبحتم بفضل جهادكم موضع بركات الرب".