إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الهيئات التنصيرية وأثرها في العالم الإسلامي









المصادر والمراجع

رابعاً: أهداف التنصير في العالم الإسلامي ومؤسساته

تنحصر أهم أهداف التنصير في العالم الإسلامي عموماً، وفي منطقة الخليج بصفة خاصة، فيما يلي:

1. تحويل أهل الجزيرة العربية عن الإسلام إلى المسيحية، ويتضح هذا الهدف من برنامج عمل الإرسالية الأمريكية.

2. ومما يقوي الهدف السابق، ما يدعيه "زويمر" أحد مؤسسي الإرسالية السابقة من وجود حق تاريخي للنصرانية في الجزيرة العربية، وأن إعادتها إلى النصرانية، كسابق عهدها، أمر غير مستحيل، وقد أكد ذلك "زويمر" في قوله: "إن للمسيح حقّاً في استرجاع الجزيرة العربية، وقد أكدت الدلائل، التي تجمعت لدينا في الخمسين سنة الأخيرة، على أن المسيحية كانت منتشرة في هذه البلاد في سابق عهدها، وهناك دلائل أثرية واضحة على وجود الكنيسة المسيحية هنا؛ ولهذا فإن واجبنا أن نعيد هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية".

وكان لسقوط الأندلس في أيدي الصليبيين وانتهاء عهد المسلمين بها أثر في تفكير "زويمر" في الدعوة إلى استرجاع هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية.

3. الالتفاف حول المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة، وهذا الهدف قد أعلنه كثير من المبشرين في مؤلفاتهم.

كما أعلنوا صراحة عنه من خلال المؤسسات التعليمية التي أنشؤوها في بلاد المسلمين، تحت مظلة نشر التعليم الحديث.

وقد قرر مؤتمر القدس المنعقد سنة 1935م أن يستغل كل درس علمي في سبيل تأويل مسيحي لفروع العلوم، كالتاريخ وعلم النبات.

وكان دخول الكنيسة عملاً إجبارياً على كل تلميذ بالجامعة، ولما احتج أولياء أمور الطلاب على ذلك، اجتمع مجلس الجامعة وأصدر منشوراً بهذا الخصوص، جاء في مادته الرابعة ما يلي:

إن هذه كلية مسيحية، أسست بأموال شعب مسيحي، هم اشتروا الأرض، وهم أقاموا الأبنية، وأنشؤوا المستشفى وجهزوه، ولا يمكن للمؤسسة أن تستمر إذا لم يساندها هؤلاء، وكل هذا قد فعله هؤلاء ليوجدوا تعليماً يكون الإنجيل من مواده، فتعرض منافع الدين المسيحي على كل تلميذ، وهكذا نجد أنفسنا ملزمين أن نعرض الحقيقة المسيحية على كل تلميذ. وأن كل طالب يدخل إلى مؤسستنا يجب أن يعرف مسبقاً ماذا يطلب منه، ثم أعلن مجلس الأمناء للكلية: أنها لم تؤسس للتعليم العلماني. ولكن من أول غاياتها أن تعلن الحقائق الكبرى، التي في التوراة، وأن تكون مركزاً للنور المسيحي، وللتأثير المسيحي، وأن تخرج بذلك على الناس، وأن توصيهم به.

وهذه المؤسسة التعليمية ببيروت، قد تأسس لها نظائر في سائر البلاد الإسلامية والعربية على وجه الخصوص.

فهناك الجامعة الأمريكية بمصر، وكلية غوردون بالخرطوم، وكذلك في إستانبول بتركيا، إضافة إلى المدارس اليسوعية التي لا حصر لها في البلاد العربية وقراها، ولا يخفى على من يراجع المناهج التعليمية في هذه المؤسسات أن التبشير هو مركز الدائرة في كل أنشطة هذه المؤسسات.

والدور التنصيري الذي قامت به الجامعة الأمريكية، في بيروت، التي أسست سنة 1865م، قامت به جميع الكليات الأخرى التي أسست للغرض نفسه، وفى شتى بقاع العالم الإسلامي، ويستوي في ذلك الجامعة الأمريكية في وسط القاهرة، والجامعة الأمريكية في إستانبول، والكلية الفرنسية في لاهور، وهذه الجامعة الأخيرة قامت بدور خطير جدّاً في جنوب وجنوب شرق آسيا.

وتحت ستار نشر التعليم والثقافة في بلدان العالم الثالث، حوّل المنصرون دور التعليم بمراحله المختلفة، وكذلك المؤسسات الثقافية المختلفة، إلى حقول خصبة لزرع تعاليم الإنجيل، ونشر تعاليم المسيحية، بين أبناء المسلمين، ابتداء من سن الطفولة في دور الحضانة، وانتهاء بالتعليم الجامعي، إذ أسسوا مدارس ومعاهد تعليمية لكل هذه المستويات، وزرعوها زرعاً في معظم البلاد الإسلامية.

وكذلك المؤسسات الثقافية والإعلامية، كانت بمثابة منابر يعملون من خلالها على نشر تعاليمهم، ولم يجدوا غضاضة في الإفصاح عن ذلك صراحة، حتى إن واحداً منهم يعلن صراحة "أن المبشرين استغلوا الصحافة المصرية بصفة خاصة للتعبير عن الآراء المسيحية أكثر منها في أي بلد آخر، حيث ظهرت مقالات كثيرة في الصحف المصرية إما مأجورة في أغلب الأحيان، أو للأجر في أحوال نادرة.

ومن النادر أن تجد منظمة تعمل في مجال التنصير، أو التبشير، بشكل مستقل، من دون أن تربطه بنشاطات ومجالات أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية، وعلى ذلك فالمنظمات التنصيرية تأخذ من ناحية الشكل الخارجي أحد الشكلين التاليين:

1. المنظمات التي يحمل اسمها هدفاً تنصيرياً واضحاً، ومن أمثلتها:

أ. جمعية لندن التنصيرية ـ تأسست سنة 1765م.

ب. جمعية بعثات التنصير الكنسية ـ تأسست في لندن سنة 1799م.

ج. جمعية طبع الإنجيل البريطانية ـ تأسست سنة 1804م.

د. جمعية طبع الإنجيل الأمريكية ـ تأسست سنة 1816م، ولها مطابع خاصة بها في القاهرة والخرطوم.

هـ. مجلس الكنيسة المشيخية الأمريكية ـ تأسس سنة 1837.

و. مجلس التبشير الإنجيلي البريطاني ـ تأسس سنة 1799م، ويحظى بدعم مباشر من الأسرة المالكة البريطانية.

ز. جمعية الكنيسة التنصيرية ـ تأسست في ألمانية سنة 1844م.

ح. جمعية الشبان المسيحيين - تأسست سنة 1855م، ولها فروع في جميع الدول العربية، ماعدا المملكة العربية السعودية، وتعد أكبر جهة مدنية غير كنسية تضم الشباب المسيحيين في العالم العربي، ويبلغ عدد فروعها 300 فرع، يتركز أغلبها في مصر والسودان ولبنان والمغرب.

2. منظمات تعمل في نشاطات خيرية واجتماعية وإنسانية، ولكنها تمارس نشاطاً تنصيرياً أو تبشيرياً بشكل أساسي.

ومن أمثلتها:

أ. المنظمات الإغاثية، مثل: العون المباشر والتنمية المستديمة، ومجلس الخدمات الأمريكي، والبعثة الأوروبية للإصلاح، وهذه جميعها أخطر بكثير من منظمات التنصير المباشر، وقد بلغت ميزانيتها السنوية، في عام 1997م، 180 مليار دولار، أي ما يعادل 60% من ميزانيات الدول العربية مجتمعة.

ب. المنظمات العاملة في المجالات الصحية، مثل: أطباء بلا حدود، والصليب الأحمر، ومنظمة الصحة للجميع، وهي تمارس التبشير والتنصير من خلال الخدمات الصحية.

ج. المنظمات الثقافية والتعليمية، وهي المتمثلة في البعثات التعليمية، ومن أشهرها: الجامعات الأمريكية والبريطانية، والمدارس الفرنسية والإنجليزية والأمريكية في الوطن العربي والإسلامي، وعددها يربو على الحصر.

د. المنظمات الاجتماعية، التي تقوم بتقديم الخدمات الاجتماعية المتكاملة، وتساهم في بناء مجتمعات جديدة عبر شبكة من البنوك ومؤسسات الإقراض، وقد حققت نجاحاً كبيراً في إندونيسيا وبعض الدول الأفريقية.

هـ. المنظمات النسائية: وهي تقوم بدور كبير للغاية في تنفيذ مخططات التنصير، ومن أشهر العاملات في هذا المجال الأم تريزا، التي يبلغ حجم نشاطاتها في الهند عدة مليارات من الدولارات، ومنها، أيضاً، جمعيات الراهبات الفرنسيسكان، وهن من الكاثوليك، وينصب نشاطهن على إنشاء المدارس والمستوصفات، ولهن شبكة هائلة من المجمعات، التي يتكون كل منها من مدرسة وكنيسة ومستوصف صغير، والغريب في الأمر أن بعض هذه المجمعات قد بني بتبرعات المسلمين؛ حيث تلقى هذه المنظمة بالذات قبولاً واضحاً في الأوساط الإسلامية؛ بسبب عدم تعرضها للنواحي العقائدية بشكل مباشر، وتعمل على جذب الفتيات العربيات أو الأفريقيات لكي يتحولن بعد ذلك إلى منصرات أكثر فاعلية من الأجنبيات.

3. ممارسة المنظمات التنصيرية لنشاطاتها

وإذا كان هناك فارق في الشكل الخارجي، بين قسمي المنظمات التنصيرية، فلا يوجد أي فارق بينهما من حيث الممارسة؛ فالمنظمة التنصيرية وحتى الفرد، لا تمارس التنصير بشكل منعزل، بل إن التنصير يأتي دائماً ضمن نشاط آخر اقتصادي أو صحي أو اجتماعي أو ثقافي، وفي أحيان كثيرة ضمن هذه النشاطات معاً، كما أنه لا يكون أول نشاط تمارسه المنظمة في مجالها الذي تعمل فيه؛ بل دائماً يكون تالياً لترسيخ المنظمة لوجودها في المجتمع، عبر نشاطات أخرى، ولو كانت المنظمة تحمل اسماً يدل بوضوح على هدفها التنصيري.

4. مصادر تمويل المنظمات التنصيرية

المنظمات التنصيرية لها ثلاثة موارد أساسية، هي:

أ. التبرعات التي تأتيها من المجتمعات المسيحية الغنية، والتي تساهم الكنيسة ومجلس الكنائس العالمي في جمعها من العالم المسيحي، الذي يتمتع بوفرة مالية هائلة، وتملك هذه المنظمات إذاعات وقنوات فضائية خاصة بها، من أجل جمع التبرعات.

ب. التمويل الحكومي الضخم، الذي تحصل عليه هذه المنظمات، خاصة من بلدان أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

ج. الاستثمارات المالية الهائلة للمنظمات التنصيرية، في الأسواق المالية العالمية، أو عبر الاستثمار في المجتمعات المستهدفة، بحيث يتم تحويلها إلى ممول للنشاط التنصيري، وذلك عبر ما يسمى بإنشاء المجتمعات الحضرية، حيث يتم تمويل الذين يتم تنصيرهم لإقامة مجتمعات جديدة تتمتع بفائض مالي يمكن من خلاله تمويل النشاطات التنصيرية في مناطق أخرى، إضافة إلى إنشاء مشروعات اقتصادية وتجارية في هذه البلدان.

5. المؤسسات التنصيرية في دول الخليج

تُعد الإرسالية الأمريكية ـ وهي إرسالية بروتستانتية ذات أهداف تبشيرية في شبه الجزيرة العربية ـ من أهم هذه المؤسسات، وقد أسسها الدكتور لانسنج. Lansing، أستاذ اللغة العربية، في معهد اللاهوت في نيوبرونسك New Brunswick، الخاص بتدريب المبشرين، التابع لكنيسة الإصلاح الديني بأمريكا. ولقد ساعد لانسنج في تأسيس هذه الإرسالية ثلاثة من تلامذته، وهم جيمس كانتين، وصموئيل زويمر، وفيليب فيلبس، وكان والد لانسنج يعمل مبشراً في بلاد الشام، وخاصة سورية، لمدة طويلة في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وقد أطلق لانسنج ومساعدوه على هذه الإرسالية اسم الإرسالية العربية سنة 1889. استجابة لطلب رسمي مقدم إلى هيئة الإرساليات الأجنبية؛ للسماح بالقيام بعمل تبشيري في البلاد الناطقة باللغة العربية، وبدأت هذه الإرسالية تباشر نشاطها في الجزيرة العربية، خاصة في المناطق المطلة على الخليج العربي، وكانت كنيسة الإصلاح الأمريكية بولاية نيوجيرسي هي التي تتولى الإشراف والتمويل لهذه الإرسالية، كما كانت تمدها بالمبشرين الجدد، الذين أتموا تدريبهم فيها، وأصبحوا مؤهلين للقيام بالعمل التبشيري، وكان من خطة هذه الإرسالية العمل على نشر الإنجيل المسيحي في المكان الذي نشأ فيه الإسلام، ولقد أحست هذه الإرسالية بصعوبة المهمة المكلفة بها، خاصة في منطقة الجزيرة العربية، مهد الإسلام، والتي يتمتع أهلها بالولاء الكامل والغيرة الشديدة على الإسلام، لذلك فكروا في وضع خطة مكتوبة يوافق عليها أعضاء الإرسالية؛ لتكون هذه الخطة ورقة عمل لهم في هذه المنطقة وفي غيرها. ومما جاء في هذه الخطة.

نحن الموقعين أدناه قد عزمنا على القيام بنشاط تبشيري رائد في البلاد الناطقة باللغة العربية، وبصفة خاصة من أجل المسلمين والعبيد، مقرين منذ البداية بالحقائق التالية:

(1) الحاجة البالغة لهذا العمل التبشيري وضرورة تشجيعه في العصر الحديث.

(2) عدم وجود مثل هذا العمل التبشيري تحت إشراف مجلس الإرساليات الأجنبية في الوقت الحالي.

(3) عدم قيام أي مجهود يذكر حتى الآن في المجالات آنفة الذكر؛ ولتحقيق الأهداف المرجوة، فإننا نتقدم، إلى المجلس وإلى الكنيسة عامة، بالمقترحات التالية:

(أ) الشروع في هذا العمل بأسرع وقت ممكن.

(ب) أن يكون ميدان العمل الجزيرة العربية وأعالي النيل.

وجاء في المادة الأولى من دستور هذه الإرسالية "سيكون اسم هذه المنظمة: الإرسالية العربية"، وفى المادة الثانية: "سيكون هدف هذه المنظمة القيام بالعمل التبشيري في الجزيرة العربية أو البلاد الناطقة بالعربية".

ولا شك أن اختيار الجزيرة العربية مركزاً رئيسياً لهذه الإرسالية له أهدافه البعيدة، التي يخطط لها المبشرون، ويعملون على تحقيقها على المدى البعيد، ومن أهم هذه الأسباب، التي أعلنوها الادعاء بأن الجزيرة العربية كانت في سابق عهدها موطناً للمسيحية قبل الإسلام، ومحاولة إرجاعها إلى سابق عهدها المسيحي أمر ضروري، وقد أكد صموئيل زويمر على هذه الأهداف في قوله: "إن من بين الدوافع للعمل في الجزيرة العربية الأسباب التاريخية، إن للمسيح حقّاً في استرجاع الجزيرة العربية، وقد أكدت الدلائل التي تجمعت تحت أيدينا في الخمسين سنة الماضية على أن المسيحية كانت منتشرة في هذه البلاد في سابق عهدها، وهناك دلائل أثرية واضحة على وجود الكنيسة المسيحية هناك، ولهذا فإن من واجبنا أن نعيد هذه المنطقة إلى أحضان المسيحية".

وبعد دراسة أحوال المنطقة سياسيّاً وجغرافيّاً واجتماعيّاً قرر الجنرال "هيج Heig "، في رحلته إلى الجزيرة العربية، أن كل الجزيرة العربية بدرجات متفاوتة مهيأة لاستقبال الكتاب المقدس بذراعين مفتوحتين.

وقد أنشأت هذه الإرسالية عدة مراكز لها في كل من بيروت، والبصرة، والبحرين، وكانت البحرين أهم مركز لها إذ أنشأت الإرسالية مكتبة للكتاب المقدس بالبحرين سنة 1893، وأصبحت البحرين مركزاً مستقلاً للنشاط التبشيري في المنطقة، بعد أن كان تابعاً لمركزهم بالبصرة، وساعد على تكثيف النشاط التبشيري فيها عوامل كثيرة أشار إليها المبشرون أنفسهم، ومن أهم هذه العوامل، وضع البحرين السياسي حيث كانت محمية بريطانية، وهذا العامل وحده كان كافياً لتوفير قدر من الأمن والأمان للمبشرين في المنطقة. ثم ابتدأ نشاط هذه الإرسالية في جنوب الجزيرة العربية، فأنشأت لها مركزاً في عُمان ومسقط، ومن عمان امتد نشاط الإرسالية إلى شرق أفريقيا ووسطها.

وفى مطلع القرن العشرين أنشأ المبشرون مركزاً لهم في دولة الكويت، حيث بدؤوا في زيارتها سنة 1900م، للمرة الأولى، وكانت زيارتهم الثانية لها سنة 1903م، حين افتتحوا فيها مكتبة لبيع الكتاب المقدس. ولكن رفض حاكم الكويت في وقتها ـ وهو الشيخ مبارك ـ أن تقوم هذه المكتبة بأي نشاط تبشيري في الكويت، ثم أمر بإغلاقها.

ولكن أعين المبشرين لم تنصرف عن الكويت؛ لما لها من أهمية كبيرة في نظر المبشرين، ولقد كتب "أرنولد ويلسون" عن أهمية الكويت في النشاط التبشيري فقال: "إن المزايا الإستراتيجية والتجارية لموقعها، وقربها من مدخل دجلة والفرات، وصلتها الوثيقة بمملكة ابن سعود في وسط الجزيرة العربية، وكونها تسمح بالعبور إليها بسهولة، كل هذه الأمور تجعل الكويت ذات أهمية خاصة بالنسبة إلى المبشرين". وظلت المحاولات قائمة بين الإرسالية والشيخ مبارك حاكم الكويت إلى أن توصلت الإرسالية إلى الحصول على موافقة منه بفتح مستشفى سنة 1913م، وأعطاهم الشيخ قطعة أرض مجاورة لقصره؛ ليقيموا عليها منزلاً لهم. وتدخل القنصل البريطاني ليكون وسيطاً لهم عند الشيخ بضمان الولاء وعدم المعارضة، وظلت الإرسالية تباشر نشاطها في المنطقة إلى وقت قريب.

ولعل أحدث مركز أنشئ للتبشير في هذه المنطقة هو في قطر، حيث قدم إليها القس "جريت بينتجز"، والدكاترة هاريسون، وديم، وتوماس"، والآنسة "كورنيليا دالنبرج" لتفقد معالم المنطقة ودراسة أحوالها، وفى سنة 1945م، حضر إلى قطر القس "ج. فان بيرسم" لافتتاح مستشفى وبعض المراكز الطبية في قطر، ووجدوا في هذه فرصة جيدة لمزاولة نشاطهم، وطلب منهم الشيخ أن يضعوا تصميماً لمستشفى، سيعهد بإداراته إليهم، وفى خريف سنة 1947م، أصبح المستشفى جاهزاً للعمل، ولكن هذه الخدمات الطبية لم تستمر طويلاً في قطر، ففي سنة 1952م، اضطرت الإرسالية إلى التوقف عن نشاطها تماماً في قطر وعاد المستشفى إلى حكومة قطر، وأصبحت الإرسالية غير آمنة على نفسها، فتوقفت عن العمل تماماً في هذا البلد.

هذه فكرة موجزة عن تاريخ التبشير في المنطقة العربية خاصة منطقة الخليج العربي. ومن المعلوم أنه في عصر الاستعمار الحديث، نشطت عملية التنصير في الأقطار الإسلامية، التي احتلتها دول الغرب، وفرضت سيطرتها السياسية والثقافية على أهلها، وجلب الاستعمار معه كثيراً من المنصرين وسدنة الكنائس. يقول الأستاذ أحمد دنفر في كتابه "التبشير في منطقة الخليج": "… في عام 1870 وسعت البعثة التبشيرية التابعة للكنيسة الإصلاحية في أمريكا مجال نشاطها في العراق، حيث كانت تباشر أعمالها، إلى منطقة الخليج، عن طريق تقديم الخدمات الطبية والتعليمية، كما أن الكنيسة الأنجليكانية ارتبط وجودها بالجيش البريطاني في منطقة الخليج، بينما وصلت الكنيسة الكاثوليكية عن طريق الهند وأفريقيا الشرقية. وقد أسس عدد كبير من موظفي شركات النفط كنائس على المستوى المحلي، وآخر الكنائس التي أسست في الخليج العربي، كانت تلك التي أسسها العمال المهاجرون من الهند وباكستان".