إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الهيئات التنصيرية وأثرها في العالم الإسلامي









المصادر والمراجع

ثالثاً: مناهج المنصّرين قديماً وحديثاً

1. المناهج القديمة

يركز التنصير ـ غالباً ـ على الجانب الاجتماعي بصفته وسيلة مؤثرة في تحقيق أهدافه مثل: بناء المستشفيات، والملاجئ، والأندية، والمؤسسات التربوية والتعليمية. ويركز دعاتهم في خطابهم على الطبقات الدنيا والفقيرة في المجتمع، تلك التي لاحَظّ لها من الثقافة أو التعليم لتسد رمقها وتروي ظمأها، والطريق إلى مخاطبة الفقير والجائع هو لقمة العيش وحفنة المال.

ولا يلجأ المنصر إلى الطعن في الإسلام بطريق مباشر، وإنما يبدأ حواره مع المسلم بالحديث عن الجوانب الاجتماعية، التي تشغله، والتي هي نقطة الضعف في حياته، ويعاني منها. ومصدر الشبهة أن بعض المسلمين، يحملون أعمال المنصّرين في العالم الإسلامي على أنها أمور اجتماعية، الغرض منها المساعدة المالية والاجتماعية للفقراء والمرضى واليتامى، وأنها أعمال إنسانية، لا ينبغي التشهير بها أو حملها على غير مراد أصحابها، بينما يقول الدكتور (إرهاس) طبيب الإرسالية التبشيرية في طرابلس: إنه يجب على طبيب الإرسالية التبشيرية ألا ينسى أبداً لحظة واحدة أنه مبشر قبل كل شيء، ثم هو طبيب بعد ذلك:

ولقد خطب القسيس "هاريك" في جموع المنصرين مبيناً لهم كيفية التعامل مع المسلمين قائلاً: إن ترجمة الإنجيل وكتب التبشير إلى اللغات الإسلامية أكثر فائدة وأتم نفعاً؛ لأنه بمجرد شراء المسلمين لكتب المبشرين ومطالعتهم لها، تتبدد أوهامهم القديمة عن المسيحية، وأما الجدل والمناظرة فيبعدان المحبة، التي لها وقع كبير على قلوب الآخرين، ولهما تأثير مضاد على نشر النصرانية، فالمحبة والمجاملة هما آلتا المبشر؛ لأن طريق الاعتقاد غايته دائماً القلب، ويجب على المبشر أن يتحلى دائماً بمبدأ المسيحية، قبل أن يتغنى بالأمور النظرية، كما يظهر للمسلم أن النصرانية ليست عقيدة دينية ولا دستوراً سياسياً، بل هي الحياة كلها. إنها تحب العدل والطهر، وتمقت الظلم والباطل؛ ونفتح للمسلم مدارسنا ونتلقاه في مستشفياتنا، ونفرض عليه محاسن لغتنا، ثم نقف أمامه منتظرين النتيجة بصبر، ونتعلق بأهداب الأمل، إذ المسلم هو الذي امتاز بين الشعوب الشرقية بالاستقامة والشعور بالمحبة ومعرفة الجميل، وبهذه الطريقة فقط يمكن للمبشر أن يدخل إلى قلوب المسلمين.

2. المناهج التنصيرية المعاصرة

تركز المناهج التنصيرية المعاصرة على مسألتين جوهريتين:

الأولى: اختيار المنصرين.

والثانية: كيفية ممارسة نشاطها في البلدان المستهدفة.

وذلك من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف، نبرزها فيما يلي:

أ. أهداف التنصير

أهم أهداف التنصير في العالم عامة، والعالم الإسلامي بصفة خاصة:

(1) توسيع رقعة المسيحية عدداً ومساحة، وعلى وجه الخصوص تحويل العالم الإسلامي عن الإسلام إلى المسيحية. ويتضح هذا الهدف من برنامج عمل الإرسالية الأمريكية، التي تأسست سنة 1889م، فقد جاء فيه ما يلي: "نحن الموقعين أدناه، قد عزمنا على القيام بنشاط تبشيري رائد في البلاد الناطقة باللغة العربية، وبخاصة من أجل المسلمين والعبيد، مقرين بالحقائق التالية: إن الحاجة بالغة لهذا العمل التنصيري، وضرورة تشجيعه في العصر الحالي. ولذلك فقد اقترحت اللجنة المؤسسة لها، ضرورة البدء السريع في هذا العمل، وأن يكون ميدانها الجزيرة العربية وأعالي النيل".

(2) الالتفاف حول المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة، وهذا الهدف قد أعلنه كثير من المنصرين في مؤلفاتهم، فلقد أعلن "هانوتو" أن هذه الرموز المقدسة هي رمز وحدة المسلمين وسر قوتهم، وأن المسلمين حين يلتقون حولها في مكة أو في المدينة يجددون نشاطهم، ويستعيدون قوتهم الروحية، التي يستمدون منها معنى التحدي في مواجهة المشكلات.

(3) ولم ينس رؤساء المؤسسات التنصيرية أن يعلنوا صراحة أهدافهم التنصيرية على مسامع الأفراد المسلمين، الذين يتعاملون معهم في المؤسسات التعليمية، كالمدارس والجامعات التي أنشؤوها في البلاد الإسلامية لهذا الغرض، تحت ستار نشر التعليم الحديث بين أبناء الشرق. فقد أقيمت الجامعة الأمريكية، وكان اسمها الكلية السورية البروتستانتية، في بيروت 1865م، ليكون مديرها منصراً، وجميع المرسلين فيها منصرين كذلك، وكان من مبادئ تولي التدريس بالجامعة أن يقسم المدرسون فيها على أن يوجهوا جميع أعمالهم نحو هدف واحد هو التنصير، ولم يقبل منهم أن يكونوا نصارى فقط، بل يجب عليهم أن يقوموا بمهمة التنصير، أيضاً، وكانت الجامعة تحرص على أن يظهر أساتذتها بمظهر المنصرين، وكانت الجامعة تجبرهم أن يحضروا مؤتمرات المنصرين، ولما أحست الجامعة بنوع من الحرج في مواجهة الدولة العثمانية في أوائل القرن العشرين ألغت مبدأ القسم المطلوب من الأساتذة.

(4) تهيئة المجال أمام القوى الاستعمارية؛ لكي تتمكن من الاستيلاء على خيرات العالم، وخاصة العالم الإسلامي.

(5) إزاحة الإسلام من طريق المسيحية، باعتباره الدين الوحيد الذي يمكنه أن ينتشر من دون معوقات، إذا أتيحت له الفرصة لذلك.

ب. اختيار المنصر وصفاته

وضع المؤتمر التنصيري المنعقد بالقاهرة عام 1906م مجموعة من التوصيات، تجسد أهم الصفات، التي يجب أن يتمتع بها المنصر، وهي:

(1) تعلم اللهجات المحلية ومصطلحاتها.

(2) مخاطبة العوام على قدر عقولهم.

(3) إلقاء الخطب بصوت رخيم وفصيح المخارج.

(4) الجلوس أثناء إلقاء الخطب.

(5) الابتعاد عن الكلمات الأجنبية في أثناء إلقاء الخطب.

(6) الاندماج في المجتمع.

(7) العناية باختيار الموضوعات.

(8) البعد عن إثارة النزاعات أو مهاجمة الأديان الأخرى.

(9) إظهار عيوب الأديان بصورة غير مباشرة.

(10) العلم بقواعد الأديان الأخرى.

(11) الاستعانة بالأجهزة والتقنيات الحديثة في عرض الأفكار.

(12) التنصير من خلال الخدمات الاجتماعية.

(13) ربط المجتمع بالخدمات التي يقدمها المنصر.

(14) إيجاد منصرين من بين المسلمين.

(15) استخدام المرأة في نشر المسيحية بين النساء والأطفال.