إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الشياطين









شُبُهات

مقدمة

أولاً: تعريف الشياطين

واحدها شيطان من الشطن، والشطن هو الحبل؛ فكأن الشيطان يوقع الإنسان في حباله، بالوسوسة إليه، حتى يقع في الشرك والمعاصي.

ويطلق على الاعوجاج؛ فيقال: رمح شطون، أي أعوج طويل.

والشطن: البعد، كذلك. فيقال: بلدة شطون: أي بعيدة[1].

والشطن: المخالفة؛ فيقال: شطن فلانٌ فلاناً: أي خالفه في وجهته ونيته[2].

والشيطان: على وزن فيعال، من الشطن. ويطلق على كل متمرد من الجن والإنس والدواب، وإن كان اختصاصه بالمارد من الجن أشهر. وجمعه الشياطين مثل المجانين، ويرفع بالضمة وليس الواو وشذَّ الحسن البصري فكان يقول: (الشياطون المجانون).

من يتأمل القرآن والسنة، يجد اعتناءهما بذكر الشيطان، وكيده، ومحاربته، أكثر من ذكر النفس؛ فإن شر النفس وفسادها ينشآن من وسوسته؛ فهي مركبه وموضع شرّه، ومحل طاعته.

ثانياً: ذِكر الشيطان في القرآن الكريم

ورد ذكر الشيطان في القرآن الكريم (75) مرة، فيها إخبار عن إضلاله لآدم وحواء، وتحذير من اتباع خطواته، وعن أمره بالفحشاء، والوعد بالفقر، وعن تخبط ابن آدم بالمسّ، وفي التعوّذ منه، واستذلاله للمؤمنين بسبب بعض ذنوبهم، وتخويفه لأنصاره وأوليائه، وذمّ صحبة الشيطان، وعن عزمه واجتهاده في إضلال بني آدم، والأمر بمقاتلة أولياء الشيطان، وعن كيد الشيطان، ووصفه بأنه ضعيف، على الرغم من تنوعه وضرره، وعن كون الخمر والأنصاب والأزلام من عمل الشيطان، وعن وسوسة الشيطان، وتحقق عداوته، والتحذير من فتنته، وعن نزغ الشيطان بين يوسف وإخوته، وعن تحذير إبراهيم لأبيه من اتخاذ الشيطان ولياً، وعن تحقق خسارة حزب الشيطان، وعن مصاحبة الشيطان للذي لا يذكر الله، وعن كون المبذرين إخوان الشياطين، وعن كون مصابيح السماء فيها رجوم للشياطين المسترقة للسمع.

ثالثا: الشيطان لغةً

وأمّا لفظ الشيطان؛ فقد يراد به إبليس خاصة، وذلك إذا ذُكر معرفاً مفرداً، كما في قصة امتناعه عن السجود لآدم، لقوله تعالى: ]فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا[ (سورة البقرة: الآية: 36). وقد يراد بالشيطان كل شرير مفسد، داع للبغي والفساد، من الجن والإنس، إذا ذكر جمعاً، أو مفرداً نكرة. كما في قوله تعالى: ]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا[ (سورة الأنعام: الآية: 112).

رابعاً: ذكر إبليس وقصته

ورد ذكر إبليس في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، تحدثت تسعة منها عن امتناعه عن السجود لآدم واستكباره. وتحدثت الآيتان الأخريان عن أن جنود إبليس يُكبكبون في النار، وعن صدق توقع إبليس بأن بني البشر سيتبعوه إلاّ المخلصين منهم، قال تعالى عن إبليس: ]قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين[ (سورة ص: الآيتان 82، 83).

وورد ذكره في السُّنة، في أحاديث كثيرة، تحذّر من شره، وتبين تسلطه على النفس البشرية، التي قد تطيعه؛ فتصبح عدوة معه على الإنسان. وقد جمع النبيين الاستعاذة منهما، في حديث أبي هريرة، أن أبا بكر،، قال: يا رسول الله علمني شيئاً أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت. قال r: ]قُلْ: اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ. قَالَ: قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 3314). فقد تضمن هذا الحديث الاستعاذة من الشر، المتمثل في إبليس، والكامن في النفس البشرية، وأسبابه وغايته.

وإبليس هو ذلك المخلوق، من النار، الذي كان يجالس الملائكة، ويتعبد الله معهم، وليس من جنسهم، فلمّا أمر الله ملائكته بالسجود لآدم ـ سجود تكريم لا سجود عبادة ـ خالف أمر ربه، بتكبره على آدم، عليه السلام. قال تعالى: ]وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ[ (سورة البقرة: الآية 34)، مدعياً أن النار، التي خُلق منها، خيرٌ من الطين، الذي خلق منه آدم، فكان جزاء استكباره أن طرده الله من رحمته، وسماه إبليس، إعلاماً له بأنه قد أُبلس من الرحمة، وأنزله من السماء مذموماً مدحوراً إلى الأرض، فسأل الله النظرة أي الإبقاء حياً إلى يوم البعث، فاُنظره (أمهله) الله، الذي لا يعجل على من عصاه، فلمّا أمن الهلاك إلى يوم القيامة، تمرد وطغى، وقال، كما حكى الله عنه: ]قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[ (سورة الحجر، الآيتان: 39، 40).

وإبليس: واحد من الجن، وهو أبو الشياطين والمحرك لهم، لفتنة الناس وإغوائهم. وقد أطلق القرآن عليه اسم الشيطان في مواضع، منها قوله تعالى: ]فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ[ (سورة الأعراف: الآية 20).



[1] يحتمل أن الشيطان سُمي بذلك، لبعده عن الصواب والحق والخير.

[2] يحتمل أن الشيطان سُمي بذلك، لخداعه ومخالفته.