إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الحدود الشرعية









أولاً: التفرقة بين الجريمة التعزيزية والقصاص وجرائم الحدود

أولاً: التفرقة بين الجريمة التعزيرية والقصاص وجرائم الحدود

1. الجريمة التعزيرية

الجرائم التعزيرية هي تلك التي لم يقدر الشارع عقوبة لها، سواء أكانت حقاً لله تعالى أم لآدمي، وهي تثبت في كل معصية ليس فيها حد، ولا كفارة.

ومن ذلك يتضح أن هناك وجه شبه بين جرائم التعزير وجرائم الحدود، وأن هناك أوجه خلاف بين كل منها. فوجه الشبه بينها أن كلاً منها تأديب واستصلاح وزج. وأوجه الخلاف بينها أن جرائم التعزير ليس فيها عقوبة مقدرة، وإنما أمرها مفوض إلى الإمام، أما جرائم الحدود فقد جاءت العقوبة فيها مقدرة معينة.

ومن جهة ثانية فإن معيار العقوبة، في جرائم التعزير، معيار مرن يستطيع القاضي، إزاءه، أن يراعي الظروف المادية والشخصية الموجودة في الدعوى المطروحة أمامه.

أما جرائم الحدود فمعيار العقوبة فيها معيار مادي بحت، لا أثر فيه للظروف الشخصية والمادية الموجودة في الدعوى.

ومن جهة ثالثة يجوز توقيع العقوبة المقررة لجرائم التعزير على الصبي؛ لأنه تأديب والتأديب للصبي جائز، إذا ثبت اقترافه لأي فعل مكون لجرم تعزيري، أما عقوبة جرائم الحدود فلا يصح توقيعها على الصبي؛ لأن البلوغ شرط أساسي لتوقيعها.

ومن جهة رابعة فإن التعزيز، إذا كان في حق من حقوق الله تعالى، تجب إقامته كقاعدة، لكن يجوز فيه العفو عن العقوبة والشفاعة، إن رئي في ذلك مصلحة، أو كان الجاني قد انزجر دونه، وإذا كان التعزيز يجب حقاً للأفراد، فإن لصاحب الحق أن يعفو، أما جرائم الحدود فليس لأحد مطلقاً إسقاط عقوبتها.

ومن جهة خامسة يصح تجزئة العقاب في الجرائم التعزيرية، إذا كان معهوداً في نوع من الذنوب، أما جرائم الحدود فلا يصح تجزئة العقوبة فيها، بأي حال من الأحوال.

ومن جهة سادسة فإن التلف الذي ينشأ عن تنفيذ عقوبة تعزيرية، يرى الشافعي ضمانه، خلافاً لأبي حنيفة، وأحمد، ومالك، فإنهم يرون أنه لا يجب ضمان التلف الناشئ عن تنفيذ عقوبة تعزيرية؛ لمشروعية عقوبته للردع والزجر؛ لأنه مأمور بالتعزير، وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة، أما التلف الذي ينشأ عن تنفيذ العقوبة في جريمة حدية فهو هدر، وغير واجب الضمان.

ومن جهة سابعة فإن التعزير بالعقوبات المالية مشروع في بعض الأمور التعزيرية، أما في الجرائم الحدية فغير مشروع.

ومن جهة ثامنة فإن العقوبة في الجرائم التعزيرية، لا تُدرأ بالشبهة، أما العقوبة في الجرائم الحدية فتُدرأ بها.

2. جرائم القصاص وجرائم الحدود

جرائم القصاص هي تلك الجرائم المعاقب عليها بقصاص أو دية، حقاً للعبد. وهي خمس:

·   القتل العمد.

·   والقتل شبه العمد.

·   والقتل الخطأ.

·   والجناية على ما دون النفس عمداً أو خطأ.

ولابد في هذه الجرائم من الدعوى، ويصح العفو عن المجني عليه أو وليه، وتجوز فيها الشفاعة، والتقادم لا يمنع من الشهادة فيها.

ومن ذلك يتضح أن هناك فروقاً بين جرائم القصاص وجرائم الحدود:

أولها: أن جرائم القصاص لابد فيها من الدعوى، أما جرائم الحدود فالأصل فيها أنها لا تتوقف على الدعوى، إلا بالنسبة لجرم القذف وجرم السرقة.

وثانيها: أن العقوبة في جرائم القصاص يصح العفو عنها من المجني عليه[1]، كما تجوز فيها الشفاعة، بخلاف جرائم الحدود.



[1] ولذا ليس لرئيس الدولة أن يعفو عن العقوبة في جرائم القصاص بصفته هذه؛ لأن العفو عن هذا النوع من الجرائم مقرر للمجني عليه أو وليه ، ولكن إذا كان المجني عليه قاصراً، ولم يكن له أولياء كان الرئيس الأعلى للدولة وليه.