إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الفتوى









المعنى الشرعي

ملحق

الفتيا يجب أن تكون من أصحابها العلماء

اخذ الفتيا من أصحابها أمر أوجبه الشرع

أخذ الفتيا من أصحابها أمر أوجبه الشرع، وقرره العقل، واتفق عليه جميع البشر. فإننا نجد أنفسنا في أي شأن من شؤون حياتنا، نعود في الاستشارات الصحية والاقتصادية، وغيرها إلى أصحاب الاختصاص، وديننا من باب أولى؛ فلا نأخذ الفتيا إلاَّ عن أهلها. فلا نأخذ الفَتْوَى ولا العلم الشرعي، عن كل من انتسب اليه، وهو جاهل فيه ابتداء علمه وتعلمه. وإذا أخذ الناس دينهم عن الأحداث، فعليهم السلام. وإذا أخذوه عن علمائهم وكبرائهم فانهم يوفقون. فينبغي على الإنسان ألاّ يأخذ دينه، من غير العلماء؛ فلا يستفتي إلاّ من عُرِف عنه العلم، والورع، والعمق في الشريعة، فإنه هو الذي تُؤخذ عنه الفتيا.

للجهاد ضوابطه

الجهاد هو قتال الكفار والمشركين، وهو الدفاع عن أوطان المسلمين، إذا اعتدي عليها. وللجهاد ضوابط، وليس لكلِّ إنسان أن يحكم بأن هذا جهاداً، أو غير جهاد، إلاّ بتقرير العلماء وأهل الرأي والمعرفة بأحكام الجهاد، وهل من ورائه مقاصد، وأغراض، حين يعلن من يعلنه لا بد من معرفة أهل السياسة والخبرة، وعرض ذلك على أهل العلم، ثم إن الجهاد لا يذهب إليه الإنسان متى كان تحت ولاية، إلاّ باذن ولي أمره. وإن كان له أبوان، فلا بد أن يتفق على الإذن له بالجهاد، ولا يكون الجهاد واجباً، إلاَّ في أربعة أمور:

الأول: حين يهاجم العدو البلد الذي أنت واحد من أفرادها، وتحت ظلال حكمها.

الثاني: أن يعلن ولي الأمر التعبئة العامة والخروج إلى الجهاد.

الثالث: أن يحضر معركة بين الكفار والمسلمين، فيجب عليه أن يجاهد إن كان من أهل الجهاد، وممن تنطبق عليه الشروط، ولا يجوز أن يوليهم الأدبار.

الرابع: أن يكون لديه خبرة، لا توجد في الجيش المسلم، وإذا ذهب إليهم، أفادهم. فإنه يجب عليه، وما عداها فإنه يرد إليها. وماعدا ذلك، فإنه سنة، إن كان هناك ما لا يمنع من ولي أمر، ووالدَيْن.

الوفاء بالعهد والالتزام به

الوفاء بالعهد، أصل من أصول هذه الشريعة؛ فالله ـ جلّ وعلا ـ يقول: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ( (المائدة: 1)، وقال: )وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ( (النحل: 91).

فإن كانت العهود قائمة والمواثيق مبرمة، فلا يجوز التعدي عليها ولا إخلافها، ولا نقضها، ولا الاحتيال عليها، فإن ذلك مما يتنفى مع أحكام هذه الشريعة، وأمانتها وصدقها وأمرها بالوفاء، وأن يكون اتباعها على جانب من الصدق والوفاء والاخلاص.

التحالف ضد الإرهاب مطلوب حتى يأمن الناس

التحالف ضد الارهاب أمرٌ مطلوب، وأولى من يقوم به المسلمون. وذلك لأن الناس أصبحوا، لا يأمنون في الطائرات على أنفسهم؛ ولا يأمنون، وهم في الأسواق؛ ولا يأمنون، وهم في البيوت. فهذا هو الذي يسمى إرهاباً في هذا العصر، والتكاتف والتعاضد على منعه أمرٌ مطلوب. فإن قام به المسلمون فهو واجب، وإن قام به الكفَّار، وجب أن نؤيدهم على هذا، ونقدم لهم التسهيلات والمساعدات، فيما يتفق مع سياستنا وظروفنا، ونحو ذلك. ومكافحة الإرهاب أمرٌ جميلٌ وعظيمٌ، ينبغي انضواء الدول كلّها تحت الدعوة إليه. والإرهاب، في اللغة: هو فعل شيء يسبب الفزع والخوف ويرعب الآمنين، ويسبب لهم الاضطراب، في حياتهم وتصرفاتهم، والتوقف عن أعمالهم وإحداث الخلل في الأمن والسلوك والتعامل. وأمّا معناه في الشرع: فكلُّ ما فيه سبب لزعزعة الأمن، أو سفك الدماء، أو اتلاف الاموال أو التعدي بأنواعه.

وجوب طاعة الولاة والعلماء

قال الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله :

قال الله عز وجل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا( (النساء:59).

فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم: الأمراء والعلماء. وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف. والنصوص من السُّـنَّة تبين المعنى، وتقيد إطلاق الآية بأن المراد: طاعتهم في المعروف. ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف، لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية، فلا يطاعون. لكن لا يجوز الخروج عليهم؛ لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: )أَلاَ مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ( (مسلم:3448)، ولقوله: )مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً( (مسلم: 3436)، وقال: )السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ( (البخاري:6611). فهذا يدلّ على أنه لا يجوز منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم، إلاّ أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أمّا إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج؛ رعاية للمصالح العامة .

والقاعدة الشرعية المجمع عليها، أنه لا يجوز إزالة الشرِّ بما هو أشرّ منه، بل يجب درء الشرِّ بما يزيله أو يخففه. أمّا درء الشرِّ بشرٍّ أكثر، فلا يجوز بإجماع المسلمين. فإذا كانت هذه الطائفة، التي تريد إزالة هذا السلطان، الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشرّ أعظم من شر هذا السلطان، فلا بأس؛ أمّا إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق الاغتيال، إلي غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تحفيف الشر وتقليله وتكثير الخير .

هذا هو الطريق السوي، الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. أمّا بعض الشباب، ممن يرى هذا فكراً انهزامياً، وفيه شيء من التخاذل، ويدعون إلى تبني العنف في التغيير، فهذا غلط من قائله، وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة، ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر؛ على أن يقعوا فيما يخالف الشرع. كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق على أن وقعوا في الباطل؛ حتى كفروا المسلمين بالمعاصي، كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي، كما تفعل المعتزلة . فالخوارج كفروا بالمعاصي، وخلّدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخللدون فيها. ولكن قالوا: إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتَيْن، وكلّه ضلال .

والذي عليه أهل السُّـنَّة ـ وهو الحق ـ أن العاصي لا يكفر بمعصيته، ما لم يستحلها. فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذ شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصياً، ضعيف الإيمان، فاسقاً، تقام عليه الحدود. ولا يكفر بذلك، إلاّ إذا استحل المعصية. وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل ؛ ولهذا قال فيهم النبي: )يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ( (البخاري:3095).

هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فلا يليق بالشباب، ولا غير الشباب، أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهْل السُّـنَّة والجماعة، على مقتضى الأدلة الشرعية؛ فيقفوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبه والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتى ينجحوا، وحتى يقلّ الشرّ أو يزول ويكثر الخير.

فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا لدعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتَّى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وإقامة الحق، ويعينهم على ترك المعاصي. هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه: أن يهدي ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن؛ ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.