إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الفتوى









المعنى الشرعي

ملحق

فَتْوَى في شأن إزالة بناء على مقام إبراهيم عليه السلام

صادرة عن المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، في المملكة العربية السعودية

تفادياً لخطر الزحام أيام موسم الحج، وحرصاً على أرواح الحجاج، التي تذهب في الموسم، تحت أقدام الطائفين، الأمر الذي ينافي سماحة الشريعة الإسلامية؛ ولضرورة عدم تكليف النفس البشرية أكثر مما في وسعها. قرر المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة القرار التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد.

فبناء على ما منّ الله به تعالى على حكومة المملكة العربية السعودية، من التوفيق لتوسعة الحرمَيْن الشريفَيْن، توسعة لم يسبق لها مثيل. وبناء على ما أفاء الله على هذه البلاد المقدسة من الخير العظيم، والفضل العميم، وما يسره من توطيد الأمن في ربوع هذه الديار، وتيسير السبل لأداء فريضة الحج إلى بيته الحرام، فقد أصبح عدد من يؤم البيت الحرام لأداء هذه الفريضة أضعافاً مضاعفة، عمّا كان عليه في الماضي، حتى صار المسجد الحرام، رغم هذه التوسعة العظيمة، يضيق بالوافدين إليه.

ومن المأمول أن يزداد عدد الحجاج في المستقبل، عاماً بعد عام، إن شاء الله. وإن أشدَّ ما يقع الزحام والضيق من بعد توسعة المطاف، في الجزء من المطاف، الذي يقع بين الحجر الأسود وبين مقام إبراهيم، فيحصل بذلك الزحام للطائفين، على اختلاف أنواعهم من الحرج والمشقة ما الله تعالى به عليم.

كما يقع الخلل في هذه العبادة الشريفة، وهي الطواف، الذي هو أحد أركان الحج الذي لا يتم الحج إلاّ بها؛ لفقدان ما يطلب في هذه العبادة من الخشوع والخضوع، والتذلل لله تعالى، وصدق التوجه إليه؛ حتى ينسى المرء، من شدة الزحام والمضايقة، أنه في عبادة، ولا يهتم إلاّ بتخليص نفسه ومن معه، وربما تجاوز الأمر إلى النزاع والخصام، في مكان لا ينبغي فيه ذلك، بل لقد زاد الأمر، وأدى في بعض الحالات إلى إزهاق الأرواح من الضعفة والشيوخ؛ دهماً بالأرجل.

وقد ارتفعت الشكوى إلى الله تعالى، ثم إلى ولي الأمر، من كل من شاهد بعيني رأسه هذه الأخطار العظيمة، والمضار الجسيمة، مطالبين وملحين بوجوب إيجاد حل سريع لهذه المشكلة.

وعلى ضوء هذه الحوادث البالغة الخطورة، والتي لا يجوز لأهل العلم وحملة الشريعة الإسلامية، السكوت عليها، ولا التغاضي عنها، قد طلب سماحة رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ محمد بن إبراهيم، من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس المذكور، بيان آرائهم فيها على هدى نصوص كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكام الشريعة السمحة، التي جاءت بالخير والرحمة ورفع الحرج عن الأمة الإسلامية. وبعد البحث والمذاكرة وتداول الرأي، تقررت الموافقة، بإجماع الآراء، على ما يأتي:

1. بالنظر لما تدعو إليه الضرورة في أيام مواسم الحج من توسعة المطاف، في الجزء الذي بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم، فإنه يجب على الفور، وحلاً لهذه المشكلة العظيمة، إزالة جميع الزوايا الموجودة حالياً في هذا الجزء من المطاف، كالبناء القائم على مقام إبراهيم، عليه السلام كالعقد المسمى بباب بني شيبة؛ لأن جميع هذه الزوائد لا تمت إلى مقام إبراهيم بأي صلة. كما أن البناء الموجود حالياً فوق مقام إبراهيم، لم يكن موجوداً في صدر الإسلام. إنما هو من المحدثات التي أحدثت فيما مضى، كما هو مدون في كتب التاريخ.

ومعظم الزحام، إنما ينشأ من وجود هذه الزوائد، التي لا ضرورة لبقائها، بل بإزالتها يزول عن الطائفين والقائمين والركع والسجود الكثير من الضيق والحرج والمشقة. وذلك عملاً بمقتضى قوله تعالى: )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ( (الحج: 78)، وقوله تعالى: )يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ( (البقرة: 185)، وقوله تعالى )يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا( (النساء: 28)، وحديث: )يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلا تُنَفِّرُوا(، وغيره من الأحاديث الشريفة الواردة في هذا المعنى.

2. أن يجعل على مقام إبراهيم عليه السلام، بدلاً من البناء الحالي بعد إزالته، صندوق من البلور السميك القوي على قدر الحاجة فقط، ويكون مدوراً بارتفاع مناسب، لئلا يتعثر به الطائفون. وبذلك تحصل التوسعة لهذا الجزء من المطاف، ويزول كثير من الحرج والمشقة والضيق، كما يتسنى للكثير من العامة رؤية مقام إبراهيم، من غير أن تصل أيديهم إليه، ومعرفة المقام على حقيقته، وأنه الحجر الذي كان يقوم عليه إبراهيم عند رفع القواعد من البيت، وينتفي ما تظنه العامة من أن بداخل البناء الموجود حالياً قبراً لإبراهيم عليه السلام.

وقد استجاب جلالة الملك فيصل إلى هذا الالتماس، وأصدر أمره الكريم إلى إدارة مشروع توسعة الحرمين الشريفين بإنفاذ هذا القرار.